الأبنودي... هل احتفينا به كما يستحق؟

نشر في 21-04-2016 | 00:01
آخر تحديث 21-04-2016 | 00:01
No Image Caption
• عام على رحيله ومثقفون يطالبون بتكريمه
في ذكرى مرور عام على رحيل الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي الملقب بـ «الخال» لا يزال المثقفون المصريون في حال ترقب لتكريمه والاحتفاء به كما وعدت وزارة الثقافة المصرية، التي أعلنت عقب رحيله أنها ستنشئ متحفاً مفتوحاً في مزرعة الشاعر بمدينة الإسماعيلية يطل على قناة السويس ويشاهده ركاب السفن العابرة للقناة ويرون التمثال الكبير الذي سيتم نحته للخال. لكن حتى الآن وبعد مرور عام لم نرَ أي شيء.

ترك عبدالرحمن الأبنودي (11 أبريل 1938 - 21 أبريل 2015) بصمة مهمة وكبيرة في تاريخ شعر العامية المصري، ناقلاً من خلاله تفاصيل المواطن البسيط ومفردات أهل الصعيد إلى شعر العامية المصرية ليتغنى بها كبار المطربين. عقب وفاته، اكتفت الدولة، وبعد أربعين يوماً من رحيله، بافتتاح متحف «الأبنودي للسيرة الهلالية» في قرية «أبنود» التابعة لمركز قنا، ويضم مبنيين: يتضمّن الأول السيرة الهلالية التي جمعها الشاعر الراحل عبد الرحمن الأبنودي على مدار 30 عاماً، والآخر خاص بمكتبة أبنود العامة.

طالب الشاعر زين العابدين فؤاد بالاحتفاء بالشاعر الكبير الراحل عبدالرحمن الأبنودي عن طريق دراسة أعماله بشكل جيد، خصوصاً أن النقد الأدبي غائب عن شعر العامية بنسبة كبيرة، مؤكداً ضرورة عدم استمرار هذه المشكلة، لا سيما أن ثمة أعمالاً لكبار الشعراء لم يتم تناولها إلى الآن بالشكل الكافي.

وأوضح زين العابدين أن «الخال» يستحق منا الكثير، خصوصاً أنه كتب للشعب ومن الشعب بلغتهم وآلامهم وآمالهم وطموحهم، مؤكداً أن الاحتفاء الحقيقي بالأبنودي يكون عن طريق إجراء دراسات نقدية متخصصة لأدبه. ولفت إلى أن الراحل الكبير كانت لديه خبرة في رسم أية كلمة عامية نتخيلها حتى أثبت بالدليل العملي أن الإبداع الحقيقي لا يعرف العزلة عن الجماهير.

لا اهتمام نقدياً

الشاعر عادل جلال، مؤسس مؤتمر قصيدة النثر المصرية، يرى أن الأبنودي أحد أكثر الشعراء والأدباء المصريين الذين حصلوا على التكريم، مشيراً إلى أنه ظلّ لفترة طويلة مقرباً من مؤسسة رئاسة الجمهورية وهي مكانة لا يحصل عليها أي مثقف أو أديب، مضيفاً: «هذا في حد ذاته تكريم ما بعده تكريم للشاعر الراحل».

وأوضح جلال أن الأمر الوحيد الذي ظلم فيه الأبنودي عدم الاهتمام النقدي المتخصص بأعماله رغم صدور أعماله الكاملة عن طريق وزارة الثقافة المصرية ومطبوعات الدولة، متوقعاً ألا يتم تشييد المتحف الخاص بالأبنودي كما سبق ووعدت الحكومة قائلاً: «نجيب محفوظ الذي حصل على جائزة نوبل كأول عربي لم يقم له متحف حتى الآن».

أشار جلال إلى أن الدولة عمدت في فترات كثيرة إلى تهميش الثقافة ودور الأدباء، وما حدث مع الأبنودي ومحفوظ سيمرّ به جميع الأدباء، فنحن نشهد تدميراً منهجياً للثقافة المصرية على مدار أكثر من ستين سنة ونجني ثمار هذا التدمير المنظم، متسائلاً: «ماذا قدّمت الدولة لصلاح جاهين وفؤاد حداد وهما يستحقان الاحتفاء والتكريم وتسليط الضوء نقدياً على أعمالهما».

كسر الحاجز اللغوي

الأمين العام لوزارة الثقافة السابق الدكتور محمد عفيفي يشير إلى أن كلمات وأشعار الأبنودي ستظل حية متفوقاً على كثير من زملائه شعراء العامية في الوصول إلى الجماهير بعدما استطاع أن يكسر الحاجز اللغوي وأصبحت عاميته مفهومة في البلدان العربية كافة وللهجات كلها، وهذه أهم إضافة قدمها شاعرنا الراحل، مشيراً إلى أنه كان رمزاً وطنياً مخلصاً وشاهداً حياً على فترة طويلة من تاريخ مصر.

من جانبه، أكد الناقد الأدبي عمر شهريار أن عبدالرحمن الأبنودي لم ينل التكريم المستحق بعدما قدّم الكثير لوطنه سواء الأغاني الوطنية التي ألهبت حماسة الشعب المصري أو أعمال أدهشت العالم العربي، موضحاً أنه أحد شعراء العامية المعدودين الذين تمكنوا من الانطلاق بقصيدتهم المصرية إلى الفضاء العربي الواسع من المحيط إلى الخليج.

أكد شهريار أن الدولة المصرية لن تفي بوعدها الذي قطعته على نفسها بإقامة متحف مفتوح في الإسماعيلية، موضحاً أنه حتى الآن لم يتم إنجاز أي شيء في هذا السياق، مشدداً على أن الدولة لا تكرم الأدباء بدليل أن أديب نوبل نجيب محفوظ يتم تجاهله حالياً واختفت أعماله من المكتبات.

وألمح شهريار إلى أن علاقة الأبنودي بمؤسسة الرئاسة على مدار أنظمة عدة حاكمة مثار لغط كبير بين منتقديه وبعض زملائه، إلا أن تلك العلاقة لم تؤثر في عشق الجماهير لكتاباته وحواراته بفضل استخدامه الذكي للهجة الصعيدية المليئة بلغة سردية ساخرة، مشدداً على أن ذاكرته اختزنت السير والملاحم الشعبية والأساطير التي أعاد إنتاجها بطريقته الفريدة.

back to top