لقد سبق أن ذكرنا أن الأغلبية المعارضة ليست تياراً سياسياً ولا حزباً منظماً، بل هي مجرد تكتل نيابي نشأ نتيجة ظروف سياسية ومرحلية فرضت وجود مثل هذا التجمع، حيث لا بدائل موجودة في تلك المرحلة التي كان للحراك الشعبي أكبر الأثر في إجبار الكثير من أعضاء الأغلبية على الانضمام إلى هذا التكتل.

Ad

وسبق أن ذكرنا الأخطاء الجسيمة التي وقع فيها التكتل، وانتقدنا خضوعه لرغبة الشارع، حيث انقاد للشارع بدلاً من أن يقوده بخبرته السياسية التي تستوجب مراعاة الوضعين المحلي والإقليمي آنذاك، كما حذرناهم من البطانة الفاسدة التي ظهرت فجأة بين شباب الحراك واحتواهم البعض من أعضاء الأغلبية، بل خضع لكل مطالبهم وجعل منهم المتصدرين للمشهد العام، الأمر الذي أضعف الحراك وأجبر العقلاء على الابتعاد عنه.

ولأننا نكنّ كل الاحترام والتقدير لأعضاء الأغلبية الذين لم تتلطخ أياديهم بالاعتداء على الدستور والمال العام ولم يشاركوا في الفساد الإداري والمالي الذي عمّ البلاد والعباد فإننا نحذرهم من مغبة الوقوع في الخطأ، خصوصاً أننا حذرناهم سابقا من مسؤولية الأخطاء الجسيمة التي ارتكبوها، وكانت جزءا مهماً مما نمرّ به اليوم من عبث بمقدرات الأمة ودستورها، بل ما زلنا نعاني نتائجها، ولأننا نخشى عليهم تكرار الخطأ والخضوع لرغبة الشارع اليائس من جديد دون إدراك، فإن من واجبنا تحذيرهم مرة أخرى لا سيما بعد أن تزايدت المطالبات بمشاركتهم في الانتخابات المقبلة، ونذكرهم ببيانهم الشهير الصادر بعد حكم المحكمة الدستورية بشأن مرسوم الضرورة للصوت الواحد، وتأكيدهم عدم المشاركة ترشحاً وانتخاباً في ظل هذا المرسوم، وبما أن شيئاً لم يحدث ولم يتغير منذ تاريخ بيانهم وقرارهم التاريخي حتى يومنا هذا فإن المشاركة في الانتخابات المقبلة لن تكون خطأ يضاف إلى أخطائهم السابقة، بل خطيئة لن تغتفر، وإقراراً منهم بصحة ما حصل و"شرعنة" لكل ما نمر به من عبث سياسي، وهو أمر إذا أقدموا عليه فسيكون بمنزلة انتحار سياسي.

يعني بالعربي المشرمح:

 مشاركة الأغلبية في الانتخابات المقبلة، والحال كما هي لم تتغير، هي بمنزلة انتحار سياسي قد ينسف كل ما بنوه، كما أنها ستدخلهم في دائرة المصلحة الشخصية وعلوها على المبادئ والدستور، وهو أمر لا نتمناه لهم، وسيجعل لخصومهم الحجة عليهم، بل في مشاركتهم إقرار منهم بكل ما حدث وشرعنة لكل ما بدر وسيبدر من قوانين وتشريعات، الأمر الذي معه سيتحملون وحدهم الخطأ الذي ارتكبوه حين دعوا لمقاطعة الانتخابات بعد حكم الدستورية بصحة مرسوم الصوت الواحد.