أكد رئيس مجلس مفوضي هيئة أسواق المال د. نايف الحجرف، أن هيئة أسواق المال، هي أول من سيطبق ضوابط ومعايير الحوكمة، وأول المبادرين بهذا الشأن، وستتضمن ذلك في تقريرها السنوي.

Ad

وقال الحجرف، في تصريحات صحافية على هامش انطلاق منتدى حوكمة الشركات، إن الهيئة ستكون مثالاً يحتذى كنموذج وقدوة لكل الشركات الواجب أن تلتزم بما جاء في هذه القواعد والضوابط والبالغ عددها 244 شركة، مشيراً إلى أن الهيئة ستقيم «منتدى حوكمة الشركات»  كل عام تحت مسمى «المنتدى السنوي لهيئة أسواق المال»، على أن يتناول موضوعات مختلفة كل عام.

وأضاف أن هيئة أسواق ستقدم جائزة لأفضل 10 شركات ستتولى تطبيق قواعد الحوكمة، بغية تحفيز الشركات الأخرى على الالتزام بتطبيق ماجاء في هذه القواعد، موضحاً أنه تم تقسيم الشركات الملتزمة بتطبيق قواعد الحوكمة إلى 4 مجموعات، تضم كل منها 61 شركة، وستتم دعوة مسؤولي المطابقة والالتزام إلى حضور ورش العمل، وسيخصص يومان لكل مجموعة عمل لمناقشة حيثيات تطبيق ماجاء في قواعد الحوكمة.

وذكر أن هيئة أسواق المال لديها 11 قاعدة من قواعد الحوكمة وردت في الباب الخامس عشر من اللائحة التنفيذية، وهناك 5 قواعد إلزامية التطبيق نص عليها قانون الشركات، مبيناً أن الشركات التي ستواجه مشكلات في تطبيق أي من المواد، عليها الالتزام بتقديم شرح واف إلى هيئة أسواق المال، وبدورها ستتولى الهيئة دراسة كل مبرر على حدة لتتخذ الإجراءات التي ستراها على ضوء الدراسة والشرح، الذي سيتم بين الطرفين.

ورداً على سؤال حول خروج بعض الشركات غير القادرة على تطبيق الحوكمة من البورصة، أكد الحجرف أن قرار استمرار إدراج الشركة أو انسحابها من السوق يعود إلى رأي المساهمين، ولا دخل للهيئة في ذلك.

مراحل الخصخصة

وعن استكمال مراحل خصخصة السوق المالي، أفاد بأنه لابد من التفرقة بين تسلّم مهام إدارة مرفق السوق وخطوات تنفيذ مراحل الخصخصة، مؤكداً أن شركة البورصة على أتم الاستعداد لتسلّم مهام إدارة السوق في أبريل المقبل، حيث تم عقد اجتماع موسع الأسبوع الماضي مع الفريق المسؤول عن ذلك، والذي يرأسه عضو مجلس المفوضين خليفة العجيل، علماً أن الإجراءات الخاصة بذلك تجري بشكل ممتاز.

وحول استكمال مراحل خصخصة البورصة، وطرح حصة منها للاكتتاب العام، وموقف الشريك الأجنبي، أوضح أن مجلس إدارة شركة البورصة سيتولى العمل وفقاً لمقتضيات المادة 33 في تقديم مسودة نشرة الاكتتاب في الوقت المحدد في الجدول الزمني، مؤكداً أن هذا الملف لا يحتمل الفشل.

وحول الحصة المقررة للهيئة العامة للاستثمار، قال الحجرف، إن القانون حدد حصة تتراوح بين 6 و24 في المئة لكل الجهات الحكومية العامة، مشيراً إلى أن الحصة غير المكتتب بها من قبل الجهات الحكومية ستكون من نصيب الشريك الاستراتيجي.

تطوير منظومة التداول

وذكر أن تطوير منظومة ما بعد التداول لترقية السوق المالي إلى الأسواق الناشئة مشروع مهم وكبير جداً، تتقاطع فيه عدة جهات، وهي الشركة الكويتية للمقاصة وشركات الوساطة والبنوك، وكذلك بنك الكويت المركزي، حيث عقد عدة اجتماعات مستمرة بهذا الخصوص مع جميع الأطراف، وتم شرح هذه المنظومة لها، وسيكون هناك اختبار أولي سيبدأ في شهر نوفمبر المقبل لمعرفة مدى تقاطع هذه الجهات المختلفة في هذه المنظومة ودور كل جهة فيها، ونحن نعمل بدقة وحرص شديدين على أن اتخاذ أي إجراء يتخذ يجب أن يسبقه فترة إعداد وتجهيز للبيئة التشغيلية، لأن هناك حقوقاً والتزامات على كل جهة على حدة، وستتولى هيئة أسواق المال مسؤولية قيادة هذه الأطراف، وستضع جميع الأطراف المعنية على طاولة واحدة وتحدد التزاماتها، لتقوم بتنفيذ هذا المشروع، الذي يمثل حجر الأساس والزاوية نحو خطة ترقية سوق الكويت للأوراق المالية إلى نادي الأسواق الناشئة.

وحول بنك التسويات والتزام الهيئة بإنجاز المشروع خلال 6 أشهر المقبل، حسب تصريحات نائب رئيس مجلس المفوضية، قال الحجرف «إننا نتكلم عن بنك للتسويات النقدية، بالتالي لايمكن لبنك أن يمارس نشاطه دون أن يكون هناك فهم كامل لدوره»، مشيراً إلى أن هناك خطة طموحة تسير وفق جدول زمني ونتمنى أن نصل إلى مرحلة بداية تأسيس هذا الكيان.

فك التشابك

وبشأن فك التشابك الرقابي وشكوى الشركات من تقاطع المهام لدى الجهات الرقابية، أفاد بأن هناك إعادة شاملة لمذكرة التفاهم التي تم توقيعها مع بنك الكويت المركزي، ووزارة على ضوء صدور اللائحة التنفيذية للقانون رقم 7 لعام 2010 وتعديلاته الجديدة، كذلك هناك مراجعة شاملة لمذكرة التفاهم مع وزارة التجارة والصناعة على ضوء صدور اللائحة التنفيذية لقانون الشركات، مشدداً على حرص كل هذه الجهات على تحديد الدور الرقابي لكل جهة على حدة، بما لا يضر الشركات ويؤثر عليها سلباً.

وأضاف أنه تمت مخاطبة وزارة التجارة والصناعة لتحديد موعد لوضع كل الأمور ضمن نصابها ودورها الحقيقي، مشيداً بجهود بنك الكويت المركزي «الذي عهدنا به المهنية والحرفية كجهة رقابية رائدة لانجد معه أي مشكلة في التفاهم»، مشيراً إلى أنه تم قطع شوط كبير مع «المركزي» لوضع الملاحظات النهائية بهذا الخصوص لتنفيذها على أرض الواقع، ورفع أداء الشركات التي سيعمل فيها الخريجون بعد التخرج.

مسطرة واحدة

وأكد الحجرف أن هيئة اسواق المال عازمة على تنفيذ مسطرة القانون على جميع الجهات الخاضعة لرقابتها بالتساوي، وتطبيق العقوبات على أي جهة مخالفة ايا كانت، وأنه لا تأجيل لموعد تطبيق قواعد الحوكمة، وان ذلك الأمر ليس واردا.

ولفت الى أن هذه القواعد صدرت منذ عام 2013، وارجئ العمل بها الى عام 2016، وتمت مراجعتها بشكل شامل، وضمنت في اللائحة التنفيذية للقانون رقم 7 لعام 2010 وتعديلاته، ومنذ عام تقريبا وضعت الهيئة خطة توعية شاملة الى جميع المخاطبين لتنفيذ قواعد الحوكمة، حسبما جاء في الكتاب الخامس عشر المتعلق بقواعد الحوكمة.

وزاد ان «الوقت لا يسعفنا للتأخير أو التأجيل، حيث إننا أمام استحقاقات كبيرة واصلاحات اقتصادية ودور مأمول وكبير من القطاع الخاص بكل مكوناته لترجمة الاصلاحات الاقتصادية على أرض الواقع، ولن يكون هناك أي مبرر للتأجيل، ولن يسمح لأي شخص مرخص بأن يعوق مسيرة هذا القطار الذي انطلق، وبالتالي من يخالف هذه القواعد سيتحمل مسؤولية ذلك».

واكد أن التطبيق السليم لقواعد الحوكمة من المحفزات الايجابية التي ستنعكس ايجابا على السوق المالي، «ونحن استمعنا الى عدة تجارب من بعض دول الخليج والولايات المتحدة تؤكد أن التطبيق السليم لقواعد الحوكمة دائما ما يكون ايجابيا في نهاية الطريق، ولن نتطلع الى البداية ولكن ننظر الى النهاية».

أمر واقعي

واشار الحجرف الى ان تطبيق قواعد الحوكمة لم يعد ترفا أو خيارا، بل أصبح واقعا ومطلبا أساسيا لأي سوق يطمح في الانضمام الى الاسواق الناشئة، بل وحجر الأساس لخطة تطوير سوق المال والتنمية المنشودة له.

وقال إن تطوير سوق المال وتنميته لا يمكن ان يتحقق دون تبني افضل الممارسات العالمية، وان كان في ذلك تكاليف فإن الفوائد الكثيرة تأتي في المستقبل، «فلا نتردد في بلوغ الأفضل بسبب خوفنا اليوم، لاسيما وقد سبقنا الجميع في ذلك».

واوضح ان بيئة المال والأعمال تتمتع بالحيوية والاستمرار في البحث عن الأفضل، ولعل إصدار هيئة اسواق المال قواعد الحوكمة ضمن الكتاب الخامس عشر من كتب اللائحة التنفيذية أحد أهم ركائز التطوير المنشود نحو تنمية مستدامة.

وأشار الى أن هيئة الاسواق كانت حريصة على انطلاق فعاليات منتدى حوكمة الشركات قبل بدء تطبيق قواعد الحوكمة ودخولها حيز النفاذ في 30 يونيو المقبل.

مرحلة جديدة

واضاف الحجرف انه بتعرض نشاط أسواق المال لكثير من الأزمات كان صدور قانون 7 لسنة 2010 بشأن انشاء هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق المالية إعلانا ببدء مرحلة جديدة لمنظومة سوق المال في الكويت، ولقد حددت المادة الثالثة من القانون 7 لسنة 2010 اهداف الهيئة.

ولفت الى أن دور هيئة أسواق المال اليوم يرتكز على تطوير سوق المال وتنميته وتعزيز الشفافية والعدالة والنزاهة لجميع المتعاملين في أسواق المال، وضمان التطبيق السليم والعادل للقانون.

وتابع ان المذكرة التي أعدتها غرفة تجارة وصناعة الكويت تبين الدور المأمول والرئيسي للقطاع الخاص في المرحلة القادمة، ليؤكد ضرورة استعداد القطاع الخاص وشركاته بالكامل للوفاء بكل متطلباتها، مضيفا ان الالتزام بقواعد الحوكمة والتطبيق السليم يعزز قدرة القطاع الخاص وشركاته على القيام بالدور المنشود والمساهمة الفاعلة في ترجمة ورقة الإصلاح الاقتصادي على أرض الواقع.

ولفت الى أن «الآمال الكبيرة المعقودة على الدور الكبير والفاعل للقطاع الخاص في المرحلة المقبلة تتطلب منا جميعا الاستعداد الكامل، فالوقت لا ينتظر بل ويمضي مسرعا، الامر الذي يجعل التحدي كبيرا وغير مسبوق نحو تحقيق الإصلاحات المنشودة»

.

تجارب ناجحة

من جانبه، قدم المدير التنفيذي لمركز عمان للحوكمة والاستدامة حامد البوسعيدي ورقة عمل بعنوان «تجارب ناجحة في الحوكمة»، اكد خلالها أن نظرية الحوكمة تعتمد على فصل الملكية عن الادارة وتحديد الادوار والصلاحيات من اجل تنظيم بيئة العمل بالمؤسسة والفصل بين التخطيط والاشراف وبين التنفيذ من اجل الرقابة والمحاسبة.

وزاد البوسعيدي ان سبب الحاجة لفصل الملكية عن الادارة يعود إلى كبر حجم الشركات وتعقيدات الاعمال والعمل خارج نطاق المنطقة، وكذلك إلى زيادة عدد الملاك والمساهمين والموظفين، فضلا عن ذلك هناك التوجه العالمي لمتطلبات ومعايير دولية.

واشار إلى الركائز الأساسية لتطبيق الحوكمة في المنطقة قائلا انه يوجد هناك مواثيق للحوكمة تختص بالشركات المساهمة العامة في 16 دولة تقريبا، مبينا ان بعض الدول لديها مواثيق للشركات الحكومية كالمغرب، وبعضها لديه مواثيق للشركات العائلية، وبعضها للشركات الصغيرة والمتوسطة، لكن القليل من هذه الدول تطبق نظام الالتزام او اعطاء المبررات.

واردف: «يمكننا تطبيق هذا المبدأ اذا اوجدنا ثقافة الرقابة الذاتية»، لافتا إلى أن مبدأ ونظام الشفافية في تحسن ولكن ليس بالمطلوب ويحتاج الى تعزيز اكثر، (دور الاعلام)، وأضاف أن نظام الرقابة والانفاذ من قبل الهيئات الرقابية (هيئات سوق المال، البنك المركزي، سوق الاوراق المالية) يحتاج الى المزيد من التفعيل والمتابعة، بتعزيز هذه الجهات بكادر مؤهل وانظمة الكترونية مساعدة.

وعن تطبيق عناصر الحوكمة الجيدة، أوضح البوسعيدي أنها تتطلب عناصر مهمة مثل الإرادة السياسية والقناعة التامة بأهميتها في تعزيز أداء المؤسسات ورفد الاقتصاد، وبرامج توعية مكثفة، وعرض حالات عملية ناجحة، إلى جانب التدريب وخاصة لمجالس الإدارات والإدارة التنفيذية.

وذكر أنها تتطلب كذلك وجود نظام لقياس الأداء وإيجاد نوع من الحوافز، ونوع من التنافس من خلال مسابقات التميز، وإيجاد مؤشرات (مؤشر الحوكمة والشفافية بجانب الإفصاح) وجود المساهم المؤسسي وتأثيره، إلى جانب أهمية تعزيز الانفاذ وتأسيس محاكم متخصصة، والعمل على تعزيز دور المساهمين من خلال الجمعيات، وجعل ممارسات الحوكمة أحد متطلبات الإدراج والتطوير.

خطوط متوازية

استعرض د. سردار مورتي من الولايات المتحدة الأميركية الاطار العام لحوكمة الشركات وآفاق تطبيقها المستقبلية، متطرقا إلى أهمية وأهداف حوكمة الشركات ودورها في حماية المساهمين وزيادة ثقة المستثمرين بالسوق.

وقال انه على مجلس الادارة والادارة التنفيذية اتباع خطوط متوازية لضمان التوازن فيما بينها، تتمثل في البيئة الاقتصادية والاجتماعية والمهنية، بما يساهم في تحقيق خطط وأهداف القائمين على الشركة، مشيرا الى أن الشركات في دول «الخليجي» تتسم بوجود علاقات ما بين مجلس الادارة والملاك والمساهمين، في حين تستهدف الحوكمة الفصل ما بين تلك المكونات لضمان استقرار الشركات واستمرارها في أداء عملها.

مزايا الحوكمة

قال المستشار المالي في هيئة الأوراق المالية والسلع المستشار المالي في الامارات، رامي النسور، إن أساس قواعد الحوكمة غالبا ما يكون قانون الشركات مع مراعاة الظروف الخاصة لكل دولة، مبينا ان تطبيق معايير الحوكمة يكون أسهل على الشركات المساهمة العامة مقارنة مع "الخاصة" و"العائلية".

وعن مزايا الحوكمة، ذكر النسور أنها تحارب الفساد وتشجع التنافس وزيادة الانتاجية والابتكار والعمل بكفاءة، وتساعد على قيام علاقات تتمتع بالشفافية بين أصحاب الأعمال والحكومات، وزيادة ثقة المتعاملين بالسوق، إلى جانب جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وتشجيع الاستثمار والتنمية المستدامة.

وأشار إلى انه أثناء عملية التوعية في مرحلة التطبيق الاختياري بالامارات تم التركيز على مزايا وفوائد الحوكمة، وعلى كيفية وآلية تطبيقها داخل الشركات، وكذلك الإجابة عن أية استفسارات تطرحها الشركة في هذا الشأن.

وأوضح أنه عند عقد الورش والبرامج التدريبية عن الحوكمة لجميع الشركات المدرجة (الإدارة التنفيذية – والصف الثاني من الإدارة التنفيذية) تمت مراعاة تقسيم الشركات إلى مجموعات حسب القطاع والصناعة التي تنتمي إليها.

وأضاف أنه من خلال التوعية بحوكمة الشركات خلال فترة زمنية امتدت 9 سنوات يتبين أن أفضل أسلوبين هما التوعية باستخدام ورش العمل والبرامج التدريبية المباشرة للمعنيين من الشركات وغيرهم، وكذلك التوعية من خلال الحلقات التلفزيونية المباشرة وموقع You tub.

وأشار إلى أنه تم تقديم مساق علمي إلزامي لطلاب الجامعات، إذ يتم تدريس الحوكمة لهم كمساق أساسي ضمن الخطة الدراسية، بحيث يتخرج الطلاب ولديهم إلمام وصورة واضحة عن مفهوم الحوكمة للمساهمة في رفع أداء الشركات التي سيعملون فيها بعد التخرج.