زرع بذور المستقبل في سورية

نشر في 12-04-2016
آخر تحديث 12-04-2016 | 00:01
 بروجيكت سنديكيت نواجه خطر إنتاج جيل ضائع من الشباب السوريين، لقد أدى ما يناهز ست سنوات من الحرب الأهلية إلى إخراجهم من بيوتهم، وحرمانهم من فرصة التخطيط لمستقبلهم، وتحطيم آمالهم، نحن نعرف الآن جيداً أن خيبة الأمل ستولد  مزيدا من العنف في منطقة الشرق الأوسط مستقبلا.

قد تبدو نهاية الحرب الوحشية في سورية بعيدة المنال، لكن لا ينبغي علينا أن نتصرف كما لو أن السلام لن يأتي أبدا، فإذا تحقق ذلك يجب على سورية توجيه الدعوة إلى جيلها الذي يواجه الضياع لإعادة بناء بلدهم.

اليوم، حُرم كل الشباب تقريبا من التكوين والتدريب على المهارات التي سيحتاجونها في المستقبل، وينبغي أن ترتكز أي إعادة بناء حقيقي على أساس التعليم العالي.

من الضروري أن نكون واقعيين ونعترف بالعقبات الموجودة في طريق توفير التعليم العالي للاجئين خارج بلادهم، مثل حواجز اللغة، ويجب توثيق أو مراقبة المؤهلات الأكاديمية بطريقة ما، كما ينبغي توفير تمويل مهم جديد (لكن بما أن 1.3٪ فقط من المساعدات الإنسانية العالمية موجهة للتعليم حاليا، فسيكون من الصعب الحصول على هذا التمويل).

وبالرغم من هذه التحديات فإن هناك خطوة مهمة يمكننا اتخاذها بل ينبغي اتخاذها على الفور: إنشاء مرصد معلوماتي دولي مكرس لتوفير فرص الحصول على التعليم العالي، ويجب تجميع ما لدينا من معلومات وإن كانت محدودة، والموارد المتاحة للاجئين، وتوفير معلومات شاملة عن السوريين الذين يسعون إلى بدء دراستهم أو استئنافها.

وقد اتخذت عدة مبادرات مهمة بالفعل، إذ كشفت تركيا مؤخرا عن خطط لفتح ثلاث مؤسسات مكلفة بتوفير التعليم العالي للاجئين السوريين، ففي لبنان والأردن هناك برنامج يتم تمويله من الاتحاد الأوروبي يقوم بتزويد 3000 شاب سوري بالمهارات اللازمة للتعليم العالي، كما انضم ائتلاف مؤسسات التعليم العالي الكندي وبعض الممولين إلى الخدمة الجامعية العالمية في كندا لمضاعفة الدعم المالي للاجئين.

وبدعم من منظمة يقودها المغتربون السوريون تدعى جسور، أسس معهد التعليم الدولي هيئة سورية للتعليم العالي في حالة الأزمة، وهي مجموعة من الكليات والجامعات تسعى إلى توفير منح دراسية للطلاب السوريين الذين تعطل تعليمهم بسبب النزاع، ويقدم المعهد أيضا فرصاً تعليمية للسوريين من خلال صندوق الطالب للطوارئ، والذي يعطي منحاً لضمان مواصلة الطلاب السوريين دراستهم في الولايات المتحدة الأميركية.

وعلى المستوى الشعبي كان دعم الأشخاص المتبرعين مثل جورج سوروس كبيرا للغاية، وعلاوة على ذلك عرضت الجامعات منحاً دراسية، كما ساعدت منظمات مثل سبارك الهولندية اللاجئين السوريين القاطنين في المنطقة بتوفير فرص التعليم العالي لهم، كما يقدم صندوق إنقاذ الطالب المنح الدراسية للأكاديميين لمواصلة عملهم في أمان خارج سورية.

وفي هذه الأثناء تساعد التطورات الرقمية على سد الفجوة بين اللاجئين والتعليم الجامعي، وتقوم جامعة الشعب، وهي جامعة أميركية معتمدة، بتوفير تعليم جامعي تقليدي جيد على الإنترنت دون أي تكلفة (باستثناء رسوم رمزية لامتحانات الانتقال) مع عدم وجود بدائل أخرى للوصول إليها، كما خلقت برنامجا للمنح الدراسية بقصد تغطية تكلفة رسوم الفحص لخمسمئة لاجئ، وتطمح لخدمة 12.000 منهم في المستقبل.

ولجعل هذه الفرص متاحة لعدد أكبر من الشباب، نحن بحاجة لمرصد للمعلومات يربط اللاجئين الذين هم في حاجة للجامعات بالمنظمات القادرة على مساعدتهم، ويكرس جون سيكستون، الرئيس الفخري لجامعة نيويورك، جهوده لإنشاء مرصد مماثل، وتحت قيادته قدمت منظمة كاتاليست تراست الحديثة التمويل الأولي.

هناك أسباب متعددة لدعم هذه الجهود، فقد تزعم خورخي سامبايو، رئيس البرتغال السابق، المنتدى العالمي لطلبة سورية، محددا الجامعات التي تُقدم المنح الدراسية للاجئين (ومن خلال جهوده، استأنف نحو 150 طالبا دراستهم). ويقول سامبايو إن المرصد المعلوماتي يرفع درجة الوعي ويخفف من المخاطر التي تواجه  الطلاب اللاجئين، وله آثار إيجابية مهمة.

وبحلول مؤتمر القمة العالمي الإنساني في إسطنبول في شهر مايو القادم، يجب علينا إنشاء رأس مال لتمويل التعليم في حالات الطوارئ، بالإضافة إلى التأكد من أن الصراع لا يعطل العملية التعليمية، ويمكن لهذا الصندوق تقديم الدعم المستمر لتبادل المعلومات على المستوى العالمي، وربما حتى تقديم مساعدات مالية للشباب الموهوبين.

ولا يمكننا انتظار نهاية الحرب لإصلاح ما تم هدمه وإعادة بنائه، خصوصا عندما يكون هناك عمل ينبغي القيام به اليوم، وبتسهيل الوصول إلى المعلومات سنوفر للاجئين الفرصة لمواصلة دراستهم، وبما أن الأمل بدأ يعود تدريجيا إلى سورية، فإن شبابها الضائعين سيضعون بأنفسهم الأسس الجديرة لإعادة بناء بلادهم.

* غوردون براون ، رئيس الوزراء ووزير المالية في المملكة المتحدة سابقا، ومبعوث الأمم المتحدة الخاص بالتعليم العالمي ورئيس اللجنة الدولية لتمويل فرص التعليم العالمي.

«بروجيكت سنديكيت، 2016» بالاتفاق مع «الجريدة»

back to top