وسط تقارير صحافية غربية، تتهم أجهزة الأمن المصرية بالتورط في مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، ضربت النيابة العامة ستاراً من السرية حول تقرير الطب الشرعي المصري بشأن الحادث، إلا أن مصدراً قال لـ «رويترز» إن التقرير يؤكد إصابة ريجيني بسبعة ضلوع مكسورة، إضافة إلى إصابات داخلية في مختلف أنحاء جسمه ونزيف بالمخ.

Ad

رفعت مصلحة الطب الشرعي المصرية إلى مكتب النائب العام تقريرها النهائي عن تشريح جثة الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، أمس الأول، إلا أن النيابة العامة ضربت عليه ستاراً من السرية المطلقة، رافضة الإفصاح عن فحواه أمس، بحجة سرية التحقيقات.

وبينما أفادت مصادر بأن النيابة تقدمت باستعلام من وزارة الداخلية عن وجود كاميرات في محيط سكن ريجيني في حي الدقي، والشوارع المحيطة به، لتحديد خط سيره قبل اختفائه، نقلت وكالة "رويترز" عن مصدر بارز في الطب الشرعي قوله إن جثة ريجيني (طالب دراسات عليا في جامعة كمبريدج البريطانية) كان بها سبعة ضلوع مكسورة، إضافة إلى علامات صعق بالكهرباء في العضو الذكري وإصابات داخلية في مختلف أنحاء جسمه ونزيف بالمخ.

من جهتها، تمسكت وزارة الداخلية المصرية، أمس، برفض التقارير الغربية حول تورط أجهزة الأمن المصرية في قضية تعذيب وقتل الطالب الإيطالي، الذي عثر على جثته على طريق القاهرة ـ الإسكندرية الصحراوي، 3 الجاري، بعد اختفائه في 25 يناير الماضي بالتزامن مع الذكرى الخامسة للثورة المصرية، إذ ترددت أنباء عن توقيف ريجيني من قبل أجهزة أمن مصرية قبيل اختفائه.

نسج خيال

وعبر مصدر أمني رفيع المستوى لـ"الجريدة" عن استغرابه ما تداولته وسائل إعلام غربية بأن الشرطة المصرية احتجزت ريجيني، وأضاف: "ما يتم تداوله لا يعدو إلا أن يكون نسجاً من خيال كاتبه"، وأنها روايات لا تمت إلى الحقيقة بصلة، وشدد على أنه سيتم إعلان تفاصيل القضية بشكل كامل دون إخفاء أي حقائق، بمجرد الانتهاء من التحقيقات التي تجريها السلطات المصرية المعنية.

وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية قالت في تقرير لها أمس الأول، إن "مسؤولين أمنيين مصريين قالوا إن قوات الشرطة المصرية احتجزت الإيطالي قبل العثور عليه مقتولا"، وزعمت الصحيفة أن السلطات المصرية ألقت القبض على ريجيني، لأنه "كان وقحاً مع الضباط"، وأنه أثار الشكوك بأبحاثه في مجال الحركات العمالية الرسمية، ووجود أرقام على هاتفه لأشخاص على صلة بجماعة "الإخوان" وحركة "6 أبريل".

ضغوط إيطالية

في السياق، كشف مصدر مصري رفيع لـ"الجريدة"، أن الحكومة الإيطالية تمارس ضغوطا على القاهرة، لاستجلاء حقيقة ملابسات مقتل ريجيني، وأنها رهنت تنفيذ الاتفاقيات الاقتصادية بين البلدين، بكشف حقيقة الحادث، وأنها بدأت عملية مراجعة جميع الاتفاقيات الاقتصادية مع القاهرة، وأبلغت الجانب المصري تأجيل توقيع أي اتفاقيات اقتصادية بين البلدين، لحين الكشف عن ملابسات القضية، ولم يتضح بعد مصير اتفاقية شركة "إيني" الإيطالية حول استخراج الغاز الطبيعي من المياه الإقليمية لمصر.

من جانبه قال أستاذ القانون الدولي في جامعة القاهرة، أيمن سلامة، لـ"الجريدة" إن "الموقف الإيطالي مفهوم، خاصة أنه يتوافق مع القوانين الدولية، التي تعترف بحق حماية الرعايا الأجانب"، مؤكدا أنه إذا ثبت تورط السلطات المصرية فستكون القاهرة في ورطة كبيرة، لأن القانون الدولي يؤكد أنه في حال تورط دولة الإقامة (مصر) في التعدي على مواطن أجنبي، يحق للدولة الأجنبية التي ينتمي إليها (إيطاليا)، أن تطالب باعتذار رسمي وتقديم تعويض لأهل الضحية، ومحاسبة المتورطين بشكل علني.

«الإفتاء» والأطباء

وبينما لاتزال أزمة اعتداء رجال شرطة على أطباء في مشفى المطرية الشهر الماضي، تراوح مكانها بعد قرارات الجمعية العمومية الحاشدة لنقابة الأطباء، الجمعة الماضية، دخلت دار الإفتاء على خط الأزمة، إذ حذر مرصد "الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة" التابع لدار الإفتاء المصرية، من محاولة جماعة "الإخوان"، إثارة الفتنة بين الدولة والنقابات المستقلة، وقال المرصد، في بيان له أمس، إن "الجماعة تحاول الوقيعة بين النقابة والبرلمان المصري، بترويج الشائعات عن نية الأخير اتخاذ إجراءات معادية للنقابة".

في المقابل، استنكر عضو مجلس إدارة نقابة الأطباء، خالد سمير، بيان "الافتاء"، وقال لـ"الجريدة": "على من يسمون أنفسهم رجال دين احترام الدين، وعدم التدخل في الحياة اليومية للمواطنين، فالتدخل بهذا الشكل غير مقبول، وإلقاء الاتهامات على النقابة مرفوض".

جولة أولى

على صعيد منفصل، وفي أول جولة خارجية له منذ انعقاد أولى جلسات البرلمان في 10 يناير الماضي، بدأ رئيس مجلس النواب، علي عبدالعال، أمس، جولة خارجية تشمل سويسرا وألبانيا، ومن المقرر أن يلتقي رئيسة البرلمان السويسري، لبحث دعم التعاون بين مصر وسويسرا، ثم يتوجه إلى العاصمة الألبانية تيرانا للمشاركة في فعاليات أعمال الدورة العاشرة للجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط، المقرر عقدها الخميس المقبل.

وتشهد أروقة البرلمان نشاطاً تحت رئاسة وكيل البرلمان السيد الشريف، وجاء أحد أهم القرارات التي ينوي أن يتخذها المجلس بشأن تشكيل "لجنة برلمانية" لدراسة خطاب الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي ألقاه أمام المجلس أمس الأول، وتهدف اللجنة إلى تحديد جميع المحاور الواردة به، والوقوف على ما يمكن الاستفادة منه.

مشاركة صيام

في الأثناء، جاءت مشاركة النائب المستقيل سري صيام، في جلسة إلقاء السيسي لخطابه أمام البرلمان، لتعيد الحديث عن إمكان عودته عن الاستقالة التي تقدم بها الأسبوع الماضي، إذ توقعت النائبة مارجريت عازر، أن يتراجع صيام عن استقالته، وقالت لـ"الجريدة": "الجو العام داخل المجلس يتجه إلى رفض الاستقالة، ونحاول أن نزيل الخلاف الدائر حاليا، خاصة ما تردد عن أنه تعرض للتهميش".

بدوره، قال النائب مصطفى بكري، إنه بذل جهودا كبيرة أمس من أجل إقناع صيام بالعدول عن استقالته، وأن الأخير أبدى استعداده لفتح حوار حولها، بينما اعتبر وزير الشؤون القانونية والنيابية، المستشار مجدي العجاتي، أن "حضور صيام جلسة خطاب الرئيس، مؤشر قوي على عدوله عن قرار الاستقالة".