كشف المستشار السابق لرئيس الوزراء البلجيكي، كورت ديبوف، عن تشابه الثورات العربية مع الثورة الفرنسية في تسلسل الأحداث والأسباب التي منها الوضع الاقتصادي ونسبة البطالة.
أكد المستشار السابق لرئيس الوزراء البلجيكي كورت ديبوف، أن من الخطأ تسمية انتفاضة الشعوب العربية التي انطلقت في تونس بالربيع العربي، بل هي ثورة حقيقية، فالربيع قصير والثورة الحقيقية كبيرة وتأخذ وقتاً طويلاً.جاء ذلك خلال محاضرة تحت عنوان "هل انتهت الثورات العربية؟"، برعاية وحضور السفير البلجيكي آندي ديتيل، وتواجد عدد من السفراء بعض الدول وبالتعاون مع السفارة البلجيكية في الكويت، نظمها مركز الدراسات العالمية في جامعة الخليج للعلوم والتكنولوجيا.وقال ديبوف إن كلمة الربيع العربي استخدمت في مقالة للفورين بولسي في السادس من يناير 2011 قبل خروج زين العابدين بن علي من تونس، وقبل بدء الثورة في مصر، وخلال الانتخابات عام 2005 في العراق والانتخابات الرئاسية في مصر كتبت بعض وسائل الاعلام أن هذا ربيع بوش العربي للقول بأن هذا الربيع ليس ديموقراطية حقيقية، وعندما وقعت الثورات في تونس استخدمت كلمة الربيع العربي مجدداً، وتم تسميتها بربيع أوباما العربي، واليوم مازلنا نتحدث عن الربيع العربي، والناس بدأوا بتغيير كلمة الربيع واستبدلوها بالخريف، وبالنسبة لي هذا ليس ربيعاً وليس تمرداً، لكن ما نراه هو ثورة حقيقية، وهو مجرد البداية لعملية تغيير ستتخذ وقتاً طويلاً، مشيراً إلى أن التحول الديمقراطي صعب لكنه ممكن وليس مستحيلاً.ولفت إلى أنه اهتم بدراسة العديد من الثورات التي حدثت على مر التاريخ، لاسيما الثورة الفرنسية لأخذ الفائدة منها والخروج ببعض النقاط المهمة التي من الممكن أن تساعدنا على فهم الواقع الحالي، مبيناً أنه استطاع من خلال دراسته للعديد من الثورات خصوصاً الثورة الفرنسية والثورات في الشرق الأوسط أن يجد العديد من التشابهات ونقاط الالتقاء في مسيرة الثورتين، انطلاقاً من الأسباب الجوهرية التي انبعثت منها الثورتان، ففي الثورة الفرنسية نجد أن هناك عدة عوامل تسببت بها، أهمها الوضع الاقتصادي الذي عانى منه الشعب الفرنسي وارتفاع نسبة البطالة، خصوصاً بين الشباب، علاوة على الفجوة الطبقية الكبيرة بين فئات المجتمع الفرنسي التي أوجدت فرقاً كبيراً بين الطبقة الغنية والطبقة الفقيرة، وارتفاع عدد السكان مع عدم وجود وظائف كافية، بالإضافة إلى السبب السياسي واستشراء الفساد والحكم الديكتاتوري.وأضاف أن الحال بالنسبة للعرب شبيهة جداً بما حدث في فرنسا، فالعوامل نفسها التي انطلقت بسببها الثورة الفرنسية توافرت أيضاً في الثورات العربية، لاسيما في تونس وليبيا ومصر وسورية، فهناك ما يقارب 40 في المئة تحت خط الفقر، كما أن البطالة موجودة بشكل هائل، وفساد في معظم البلدان العربية حيث توجد الديكتاتورية وعمليات القمع والكبت، وأيضاً التفاوت الطبقي، وتزايد عدد السكان.وتابع "كما تتشابه الثورات العربية مع الثورة الفرنسية أيضاً بالتسلسل في الأحداث التي مرت بها خصوصاً في التقلبات التي مرت وجرت وعدم الاستقرار والثورات المضادة – على الأقل نتحدث عما يحدث في مصر- بالإضافة إلى ظهور المتطرفين وقتلهم للناس، فقط لأنهم لا يتوافقون معهم فكرياً، "قتلوا ما يقارب 40 ألف إنسان في أقل من عامين، وهو رقم ربما لا يزال أقل مما فعلته داعش خلال السنتين الماضيتين".وزاد، "80 عاماً حتى وصلت الثورة الفرنسية إلى مرحلة الاستقرار"، مشدداً بقوله: لا يجب القول بأن الثورات العربية قد فشلت، فما مضى منها سوى 5 أعوام وهي مدة قصيرة.وبين ديبوف أن الاختلاف ما بين الثورة الفرنسية والثورات العربية هو أن الثورة الفرنسية كان قد سبقها صراع فكري، خصوصاً في علاقة الفرد والدين والسلطة، بعكس ما حدث في الثورات العربية التي انطلقت ثم جاء بعدها الصراع الفكري ولا يزال يأتي.ولفت إلى أن نجاح الثورة الفرنسية جاء بعد أن حققت ثورةً سياسية اجتماعية وتغيرات كثيرة لاسيما في الجانب الصناعي انعكست على اقتصاد وسياسة البلاد، بالإضافة إلى اتساع انتشار الصحف بشكل كبير جداً، والتي تبنى تأسيسها الثوريون ووجهوا من خلالها الثورة من خلال أفكارهم وأطروحاتهم، الأمر الذي شكّل ثورة من التواصل، الناس كانوا يتبادلون الأفكار ويناقشونها علاوة على دعم الشباب لهذه الثورة والذي مثل وقوداً محركاً ساهم في استمرارها، وهذا الأمر أجده أيضاً متوافراً في الثورات العربية، إذ نجد اليوم هناك تغيراً في الاقتصاد، علاوة على الثورة الاتصالية التي نشهدها الآن وما تحدثه من سرعة في نشر أفكار لا يمكن التحكم بها ومنعها، كما أن وجود العامل الديموغرافي والمتمثل بالشباب الذين يشكلون ما يقارب 50 في المئة يريدون التغيير.
محليات
ديبوف: انتفاضة الشعوب ثورة حقيقية وليست ربيعاً
15-04-2016