حاول الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي تهدئة الأجواء بين بلاده وروما، على خلفية مقتل باحث الدكتوراه الإيطالي جوليو ريجيني، حيث أعرب أمس، خلال لقائه وفد الجمعية البرلمانية لحلف شمال الأطلنطي، عن أسفه وأسف بلاده على الحادث الذي وصفه بالفردي.

Ad

استغل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لقاءه وفد الجمعية البرلمانية لحلف شمال الأطلنطي، أمس، وأعرب عن عميق أسف بلاده على المستويين الرسمي والشعبي لمقتل باحث الدكتوراه الإيطالي، جوليو ريجيني، الذي عُثر على جثته وعليها آثار تعذيب، مطلع فبراير الماضي، على جانبي طريق (مصر – إسكندرية) الصحراوي.

السيسي، الذي أعرب عن حرصه على العلاقات مع إيطاليا، أشار في اللقاء إلى اعتزام مصر مواصلة تعاونها الكامل وبشفافية تامة مع الجانب الإيطالي، للوقوف على ملابسات الحادث وتقديم الجناة للعدالة، وفي حين أعرب عن ثقته بأن العلاقات المصرية الإيطالية قادرة على التعامل بحكمة مع مثل هذه الحوادث التي وصفها بـ"الفردية"، أكد اهتمام بلاده بالكشف عن ملابسات اختفاء المواطن المصري عادل معوض في إيطاليا منذ أكتوبر 2015.

حديث السيسي جاء بعد قليل من تهديدات وزير الخارجية الإيطالي باولو غينتلوني، أمام البرلمان الإيطالي، أمس، وهدد فيها باتخاذ "إجراءات" لم يفصح عنها، إلا أنه وصفها بـ"الملائمة" إذا لم تتعاون السلطات المصرية في التحقيقات، ما اعتبره مراقبون تعكس تأزم العلاقات بين مصر وإيطاليا.

وفي حين ذكر الوزير غينتلوني للنواب الإيطاليين أن محققي بلاده يطلبون سجلا للمكالمات الهاتفية التي أجراها المجني عليه، وتفريغا لصور كاميرات المترو، الذي يفترض أنه استقله قبل اختفائه، امتنع الناطق باسم الخارجية المستشار أحمد أبوزيد عن التعليق على تصريحات وزير الخارجية الإيطالي، وقال: "تزيد من تعقيد الموقف، لاسيما أنها تأتي قبل يوم من وصول فريق المحققين المصريين إلى إيطاليا، لإطلاع الجانب الإيطالي على كل ما وصلت إليه التحقيقات".

إلى ذلك، أعلن مكتب النائب العام المصري، أمس، توجه وفد من أعضاء النيابة العامة، وقيادات أمنية، إلى روما، اليوم، للقاء نظرائهم في إيطاليا، لعرض آخر ما توصلت إليه تحقيقات في مقتل ريجيني.

وقال مصدر مسؤول لـ"الجريدة" إن إيطاليا هددت مصر بسحب السفير الإيطالي، وتعليق الاتفاقات التجارية بين البلدين حال عدم كشف هوية قاتل ريجيني، موضحا أن مباحثات مع وزارة الخارجية المصرية ووسطاء تدخلوا لمنع سحب السفير وانتظار التحقيقات.

مخاوف

إلى ذلك، تجددت مخاوف مراقبين من أن تصيب الإجراءات التي لوحت بها روما قطاعات استثمارية في مصر، فوفقا للهيئة العامة للاستثمار يبلغ حجم الاستثمارات الإيطالية في مصر نحو 1.465 مليار دولار، خلال الفترة من يناير 1970 حتى أواخر أكتوبر 2014، موزعة على أكثر من 820 شركة تعمل في عدة مجالات صناعية وتجارية، وتحتل المرتبة الثامنة من حيث مساهمتها في رؤوس أموال الشركات المستثمرة في مصر.

واعتبرت خبيرة العلاقات الدولية في الجامعة الأميركية نهى بكر تصريحات وزير الخارجية الإيطالي مؤشرا على تأزم الوضع بين البلدين، إلا أنها استبعدت قطع العلاقات بينهما، ولفتت في تصريحات لـ"الجريدة": "مجلس الأمن وحده هو من يملك معاقبة مصر دوليا، ومن المرجح أن روسيا والصين سيتدخلان لوقف تلك العقوبات"، واستبعدت دخول الاتحاد الأوروبي على خط الأزمة.

وذكر أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة طارق فهمي، لـ"الجريدة": "العلاقات التي تجمع البلدين يمكن استثمارها في تجاوز أزمة ريجيني"، مشددا على ضرورة استثمار مصر علاقتها القوية بدول الاتحاد الأوروبي مثل فرنسا وألمانيا لتجاوز الأزمة مع إيطاليا، بينما استنكر حزب الحركة الوطنية عدم مناقشة البرلمان المصري أزمة مقتل ريجيني حتى أمس.

وفيما له صلة بتورط علاء وجمال، نجلي الرئيس الأسبق حسني مبارك في قضايا فساد، على خلفية ما نشر في "وثائق بنما"، قال مصدر في لجنة استرداد الأموال المهربة إن اللجنة ستعقد اجتماعا خلال أيام لبحث كيفية استغلال "وثائق بنما" في رد الأموال التي قام مبارك ونجلاه بتهريبها.

على صعيد آخر، يصل العاهل السعودي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى القاهرة، مساء اليوم، في زيارة رسمية تستغرق 5 أيام هي الأولى له منذ توليه منصبه، إذ حضر سلمان القمة العربية التي عقدت في منتجع شرم الشيخ مارس 2015، فيما اعتبر مراقبون الزيارة تقطع الطريق على كل موجات التشكيك في علاقات البلدين، على خلفية تباين في وجهات النظر إزاء التعامل مع قضايا إقليمية في مقدمتها الوضع بسورية واليمن.

زيارة الملك سلمان لن تتوقف على الشق الرسمي المتعلق بلقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي غدا، حيث من المقرر أن يشمل برنامج الزيارة زيارة سلمان مقر مشيخة الأزهر الشريف، ولقاء شيخ الجامع الإمام أحمد الطيب، إلى جانب زيارة معالم إسلامية أخرى، وزيارة مقر البرلمان المصري وسط القاهرة.

ومن المقرر أن تستضيف القاهرة اليوم اجتماعات اللجنة (المصرية – السعودية) المشتركة في دورتها الخامسة، وتبحث اللجنة خلالها موضوعات عامة، منها تعزيز التبادل التجاري وتيسيره بين البلدين. وعلمت "الجريدة" أنه سيتم خلال الزيارة التوقيع على 14 اتفاقية مشتركة ومذكرات تفاهم.

وقال مساعد وزير الخارجية الأسبق معصوم مرزوق: "الزيارة تكتسب وضعا خاصا كونها تأتي لإزالة الالتباس وقطع الطريق على ما يتردد عن غموض في علاقات البلدين"، لافتا في تصريحات لـ"الجريدة" إلى أن اللقاء سيناقش ملف الأمن الإقليمي خاصة ما يتعلق بالأوضاع في اليمن وليبيا وسورية والعلاقات مع تركيا وإيران.