في أكبر تهديد للهدنة الهشة المعمول بها منذ نهاية فبراير، خيمت المعارك المتعددة الأطراف والدائرة على أكثر من جبهة في محافظة حلب على مفاوضات «جنيف 3» بين وفد المعارضة الذي رهن المحادثات المباشرة بالموافقة على الحكم الانتقالي، ووفد الحكومة الذي اشترط عدم مناقشة مصير الأسد في أي مرحلة.

Ad

شهدت حلب تصعيدا كبيرا في العمليات العسكرية، ألقى بظلاله على مفاوضات جنيف، التي دخلت يومها الثالث أمس، وانضم إليها وفد الرئيس بشار الأسد، خصوصا بعدما أسفرت عن مقتل أكثر من مقاتل، وأجبرت عشرات الآلاف على النزوح من منازلهم.

وتدور في محافظة حلب اشتباكات على جبهات عدة تصاعدت حدتها منذ بداية الأسبوع الماضي، إذ تخوض قوات النظام السوري معارك ضد جبهة النصرة والفصائل المقاتلة المتحالفة معها في ريف حلب الجنوبي والمناطق الواقعة شمال مدينة حلب. كما تدور معارك بين تنظيم "داعش" وقوات النظام قرب خناصر في ريف حلب الجنوبي الشرقي، وأخرى تمكن خلالها التنظيم المتطرف من التقدم على حساب الفصائل المقاتلة والاسلامية قرب الحدود التركية في أقصى ريف حلب الشمالي.

ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، مقتل 210 عناصر منذ الأحد الماضي على جبهات حلب كافة، وهم 82 عنصراً من قوات النظام السوري والمسلحين الموالين لها و94 مقاتلا في "النصرة" والفصائل المتحالفة معها، فضلا عن 34 عنصراً من "داعش".

وأسفرت معارك حلب الحالية، التي تعد الأكثر عنفا منذ بدء تنفيذ اتفاق وقف الأعمال القتالية في 27 فبراير الماضي، عن موجة نزوح جديدة في حلب وفق منظمة "هيومن رايتس ووتش"، أمس، موضحة أن 30 ألف شخص على الأقل "نزحوا خلال الـ48 ساعة الماضية" هربا من المعارك ودعت تركيا الى فتح حدودها أمامهم.

ووفق المنظمة، "أجبر زحف داعش في 13 و14 أبريل ما لا يقل عن نصف سكان مخيمات اللاجئين شرق إعزاز قرب الحدود التركية البالغ عددهم 60 ألف نسمة على الفرار"، منددة "بإطلاق حرس الحدود التركي النار على بعض النازحين.

وفي حمص، أكد المرصد أن الغارات الجوية التي يشنها النظام لليوم الثاني على التوالي، أجبرت السلطات على إلغاء صلاة الجمعة للمرة الأولى خلال نصف عام.

موقف أميركي

واعتبر مسؤول اميركي لم يشأ كشف هويته الخميس أن التطورات على جبهة حلب يمكن ان تؤدي الى "خرق اتفاق وقف العمليات القتالية المستمر منذ نحو سبعة اسابيع، والذي يتعرض لضغوط متزايدة في الاسابيع الأخيرة".

من جهة أخرى، عبرت واشنطن عن اسفها بعد مقتل طبيب سوري في غارة جوية. وقالت وزارة الخارجية ان الطبيب حسن العراج قتل في غارة استهدفت سيارة في منطقة بعيدة نسبيا عن أرض المعركة قرب مدينة حماة.

«جنيف 3»

وفي جنيف، استكمل المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان ديميستورا لقاءاته في اليوم الثالث من انطلاق المحادثات غير المباشرة بين ممثلين عن الحكومة والمعارضة السورية بلقاء الوفد الحكومي برئاسة بشار الجعفري فور وصوله جنيف.

وللمرة الثانية منذ استئناف المفاوضات، التقى ديميستورا، الذي أوضح يوم الأربعاء ان جدول الاعمال في هذه الجولة سيركز بشكل اساسي على الانتقال السياسي والحكم والدستور، وفد للهيئة العليا للمفاوضات التي تمثل اطيافا واسعة من المعارضة.

وأعلن ممثلون عن مؤتمري موسكو والقاهرة (لقاءان جمعا شخصيات وأحزابا معارضة لم تشارك في لقاء الرياض الذي انبثقت منه الهيئة العليا) الذين التقوا ديميستورا مساء أمس ان البحث تطرق الى صلب عملية الانتقال السياسي. واستمع ديميستورا الى رؤيتهم حول كيفية تشكيل الجسم الانتقالي وشكله وصلاحياته.

شروط التفاوض

وبينما لايزال مستقبل الرئيس السوري بشار الاسد نقطة الخلاف الرئيسة، جدد وزير الإعلام السوري عمران الزعبي، أمس، رفض دمشق أن تناقش على الإطلاق مصير الرئيس مع المعارضة لا في جنيف ولا في أي مكان آخر".

في المقابل، أكد عضو الهيئة جورج صبرا أن المعارضة تنتظر من ديميستورا الحديث عن تقدم إيجابي، لافتاً إلى أن "صلاحيات هيئة الحكم الانتقالي تتضمن صلاحيات الحكومة ورئيس الجمهورية أيضا، ما يعني ألا دور لبشار الأسد في المرحلة المقبلة"، مشيراً إلى أن "مرجعية العملية السياسية هي بيان جنيف 1.

وفي باريس، اعتبر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في حوار مع قناة "فرانس-2" العامة مساء أمس الأول أن بلاده كانت "مثالا يحتذى" في مقاربتها للنزاع السوري منذ بدايته في 2011 بدعمها المعارضة وحتى اليوم بتأييدها حلا تفاوضيا يقصي في نهاية المطاف الرئيس الأسد.

سليماني في موسكو

وفي موسكو، كشفت مصادر عدة أمس عن توجه قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني إلى روسيا للقاء قادة سياسيين وعسكريين، نفى المتحدث باسم الكرملين أن يكون بينهم الرئيس فلاديمير بوتين، لمناقشة قضايا تتضمن تسليم أنظمة الدفاع الصاروخي الجوي "إس- 300" (التي ستسلمها موسكو لطهران وتعزيز التعاون العسكري خصوصا في سورية.