بعيداً عن ضوضاء القاهرة وازدحامها اختار الفنان التشكيلي محمد عبلة إقامة أول متحف متخصص للكاريكاتير في منطقة الشرق الأوسط بإحدى القرى في محافظة الفيوم (على بُعد 90 كيلو مترا جنوب غرب القاهرة) والتي تتميز بطبيعة ساحرة جعلتها قِبلة للسائحين من مختلف دول العالم.  

Ad

لا تحتوي أعمال محمد عبلة على ملامح أو تفاصيل فشخصياته تظل سابحة في الفضاء، وتتشكل ملامحها وتقدم نفسها لمتلقيها الذي يفتح ذراعيه لها وكأنه يعرفها منذ زمن بعيد، وتبقى الرموز والدلالات السياسية واضحة جلية في أعماله الفنية المتميزة. التقت {الجريدة} الفنان التشكيلي وكان هذا الحوار.

لماذا اخترت قرية تونس بمحافظة الفيوم لإقامة متحف الكاريكاتير بها؟

بسبب الطبيعة الخلابة التي تتمتع بها المنطقة، ما أدى إلى أنها أصبحت قبلة للسائحين الأجانب من مختلف دول العالم، وبالتأكيد المناظر الطبيعية الجميلة تساعد أي فنان على إطلاق خياله والإبداع في أعماله. وحكايتي مع قرية تونس بدأت منذ 30 عاماً عندما جئت إليها لأول مرة وأعجبتني، فقررت الإقامة فيها، ولم يكن يوجد بها في ذلك الوقت سوى شخصين أحدهما ألماني الجنسية، والآخر المعماري العظيم حسن فتحي، وكان يبني حينها بيتاً بطريقة معمارية مميزة، فأخذنا منه البنائين، وبدأنا نبني على الطراز المعماري نفسه الذي أصبح شكلاً مميزاً لقرية تونس.

ما أبرز المقتنيات التي يتميز بها متحف الكاريكاتير؟  

منذ نحو عشر سنوات أسسنا مركز الفيوم للفنون وبعدها بعامين افتتحنا متحف الكاريكاتير، وهو يعتبر المتحف الوحيد في الشرق الأوسط المتخصص في فن الكاريكاتير، ويضم مجموعة كبيرة جداً من تراث فن الكاريكاتير المصري، وهو يحتوي أيضاً على الأعمال الفنية الأصلية لفناني الكاريكاتير المصريين والأجانب منذ عام 1930 وحتى الآن، ونملك في المتحف مجموعة من أجمل لوحات الكاريكاتير.

ما أبرز الأعمال التي يضمها متحف الكاريكاتير؟

يضم المتحف أهم أعمال صاروخان، ومجموعة نادرة من أعمال محمود حجازي ومصطفى حسين، كذلك لدينا مجموعة فريدة لأعمال كثير من الفنانين الأجانب.

ما مدى تأثير ثورة 25 يناير على أعمالك الفنية؟   

قبل الثورة كنت أقوم بأعمال سياسية ونقد سياسي واجتماعي، ولكن عندما قامت الثورة كانت هذه أول مرة أعرض فيها أعمالي في الشارع، وهي تجربة جعلت بيني وبين الجمهور تلاحماً وتفاعلاً كبيراً. وعرضت أعمالي خلال الثورة في ميدان التحرير وميدان عابدين، وهذا جعلني حريصاً على عرض أعمالي في الشارع أو أماكن مفتوحة كلما أمكن ذلك، وكان للثورة تأثير كبير على الفن، وثمة من الفنانين من تأثر إيجاباً وثمة من تأثر سلباً .

لماذا تطغى على أعمالك الرموز والدلالات السياسية؟

كنت مهتماً جداً بالبعد السياسي في أعمالي خلال الفترة من 2004 وحتى قيام ثورة 25 يناير في 2011، ولكن بعد الثورة قل اهتمامي بالسياسة، لأنني لا أفهم ما يحدث حالياً، فالأوضاع الحالية بالنسبة إلي تبدو غامضة وغير واضحة، والمشهد العام يبدو ملتبساً وضبابياً، لذلك ابتعدت عن السياسة، وأصبحت أركز على الأمور التي أفهمها حيث أسعى إلى تجسيد القيم الإنسانية والجمالية في حياتنا من خلال أعمالي.

سافرت إلى كثير من دول العالم، فما أكثر البلدان التي ألهمتك فنياً؟

إسبانيا أحد البلدان التي استمتعت كثيراً بزيارتها، لأنها تتمتع بمناظر طبيعية خلابة، ولا يشعر المصري فيها بالغربة نظراً إلى التشابه الكبير بينه وبين ناسها. أما أكثر الدول التي ألهمتني في أعمالي، فهي الهند، لأنها مليئة بالأساطير والمعابد والديانات، بالإضافة إلى الحضارة القديمة مثل الحضارة المصرية، ووجود الفن لديهم في كل المراحل التاريخية، وعلى المستوى العربي سعدت كثيراً بتفاعل الجمهور الأردني مع أعمالي، فهو شعب محب للفن ومتذوق له، كذلك الشعب السوري يعشق الفن، وثمة كثير من الفنانين السوريين الموهوبين في هذا المجال.

لماذا اخترت دراسة فن النحت في زيورخ بسويسرا؟  

كان سفري الدائم إلى أوروبا بهدف المعرفة والتعلم، ولذا درست فن النحت والغرافيك وعلم النفس والكثير من العلوم الأخرى، فأنا بطبعي أحب تعلم الأمور الجديدة، لا سيما المرتبطة بالفن.

من هم أكثر الفنانين تأثيراً في مسيرتك بهذا المجال؟

بالنسبة إلى فن الكاريكاتير كان للفنان زهدي العدوي التأثير الأكبر، كذلك الفنان الكبير حامد ندا كان له تأثير كبير في حياتي.

ما آخر أعمالك التي تجهزها حالياً ؟

أعمل حالياً على لوحات مستوحاة من طريق الحرير، وهي مجموعة من الطرق المترابطة كانت تسلكها القوافل والسفن رابطة الصين مع أنطاكيا في تركيا بالإضافة إلى مواقع أخرى، وكان لهذا الطريق تأثير كبير على ازدهار كثير من الحضارات القديمة مثل الحضارة الصينية والمصرية والهندية، لذلك أعتبر هذا العمل أحد أهم أعمالي التي أعكف عليها حاليا.