«مجرد نفايات»... عندما يصبح الإنسان مجرد نفايات!
في رابع العروض المشاركة بالدورة السادسة من مهرجان الكويت الدولي للمسرح الأكاديمي، قدمت فرقة كلية الآداب واللغات والفنون – جامعة جيلالي اليابس- الجزائر، مسرحية "مجرد نفايات"، تأليف قاسم مطرود، وإخراج بشير بن سالم، وبطولة محمد بشير بن سالم ومحمد درويش.تناولت المسرحية القضية الأصلية للمؤلف العراقي قاسم مطرود، التي تناول من خلالها أقسى وأبشع أنواع التعذيب اللاإنساني، وتجريد المشاعر من كيانها والتلذذ بالمهانة والإذلال وتعذيب الجسد، من خلال تلك القوى المتسلطة التي تعمل على تطويع البشرية، وفق إغوائهم، وهو نفس الخط الدرامي الذي حافظ عليه المخرج بشير بن سالم، وإن كان غيَّر مسار النص، الذي كتب في الأساس "مونودراما"، لكنه أضاف شخصيتين في الصراع المسرحي.
وإن كان المخرج أعطى لنا الكثير من النهايات للمسرحية، فربما تكون له وجهة نظر مختلفة، حيث ينتهي من مشهد البداية، وربما أراد أن يؤكد عبثية الحياة التي تعيشها تلك الشخصيات، وهارموني التنقل من حالة لأخرى. أجواء القمعحالة من السوداوية وقتامة المشاعر أحاطت بممثلي العمل، الذين أخذوا ينتقدون الخطب الحماسية والوعود الكاذبة والأقاوبل المعسولة التي تردد من حولهم، وصولاً إلى مرحلة الاستسلام واللاوعي، التي تصل بهم في نهاية المطاف إلى شعورهم بأنهم مجرد حشرات أو نفايات تعاني أزمة نفسية مريرة من جراء ماضيها، الذي لا تستطيع الخلاص منه.فهي شخصيات سجنت وتعرضت لأشد الآلام والتعذيب من قبل السلطة، التي ارتأت أن تساومه، فإما أن يموت على طريقتها، أو يعمل لمصلحة تحقيق رغباتها ومراميها في الخلاص من أعدائها أو المناوئين (للسلطة)، حتى لو اقتضى الأمر قتل الآخرين، وهو ما نجح الممثلون في إيصاله للجمهور، ونقله إلى أجواء القمع التي يعيشونها. فالمخرج هنا استطاع أن يقدم لنا نصاً جديداً بفكر جديد ملائم للواقع المحبط الذي يعيش بداخله وطننا العربي.وفقت عناصر العرض المسرحي في إعطاء مدلولاتها، بدءاً من قطع الديكور البسيطة التي تكونت من خلال أكياس القمامة، والإضاءة التي غلب عليها اللون الأحمر، المرتبط بالعنف والاستفزاز، والأزرق يدعو إلى الخوف والتمازج مع الحدث المليء بالازدواجية وعدم الثبات.