تدعي كوريا الشمالية أنها تحتجز مواطناً أميركياً آخر، يُدعى هذا الرجل كيم دونغ تشول، وقد أجرت معه شبكة "سي إن إن" مقابلة في فندق في بيونغ يانغ، أدخل حراس متجهمو الوجه كيم، الذي يزعم أنه مواطن أميركي مجنس من فيرفاكس بفرجينيا سابقاً "إلى الغرفة وهو مكبل"، حسبما يصف ويل ريبلي من شبكة "سي إن إن". لم تؤكد الحكومة الأميركية بعد هوية كيم، إلا أن هذا السجين أخبر أنه انتقل عام 2001 إلى يانغي في الصين على الحدود مع كوريا الشمالية، وكان يعبر الحدود يومياً خلال عمله مع شركة للخدمات الفندقية، وذكر أيضاً خلال هذه المقابلة تحت إشراف حراسه أنه كان يتجسس لمصلحة "عناصر محافظة كورية جنوبية"، وذلك "بالتقاط صور لأسرار عسكرية ومشاهد فاضحة". أوقف كيم في شهر أكتوبر الماضي بتهمة التجسس.
إذا أُثبتت صحة هذا الخبر، يكون كيم أول مواطن أميركي يُحتجز في كوريا الشمالية منذ التفاوض بشأن إطلاق سراح المرسَل كينيث باي والسائح ماثيو تود ميلر عام 2014، كذلك أجرت "سي إن إن" مقابلة خلال نهاية الأسبوع مع القس الكندي هيون سول ليم، الذي حُكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة في شهر ديسمبر الماضي.في الماضي، كانت كوريا الشمالية تستغل السجناء الغربيين لأغراض دعائية، ضامنة بذلك زيارة شخصيات رفيعة المستوى هذا البلد المعزول الخاضع لحكم مستبد، فقد التقى بيل كلينتون كيم يونغ إيل بهدف إطلاق سراح صحافيين أميركيين عام 2009، كذلك أُرسل جيمي كارتر لتحرير الناشط المسيحي أيالون مالي غوميس عام 2010، أما إطلاق سراح باي وميلر، وهو الأول من نوعه في كوريا الشمالية خلال عهد الحاكم الحالي كيم يونغ أون، فلم يحظَ بالاهتمام الكبير مع مشاركة مدير الاستخبارات الوطنية جيمس كلابر (إما أن هذه الاستراتيجية تعود بفوائد محدودة أو أن الولايات المتحدة ما عادت تملك رؤساء سابقين لإرسالهم).يأتي إعلان كوريا الشمالية إلقاءها القبض على كيم وتذكيرها بليم بعد أسبوع من تصدر هذا البلد أخبار الصحف بسبب اختبار نووي جديد يدّعي على نحو مشكوك فيه أنه كان لقنبلة هيدروجينية. إذاً، إلامَ يهدف هذا النظام؟عندما تسلم باراك أوباما السلطة، تعهد بمحاولة التقرب دبلوماسياً من الأنظمة العدائية، ونفذ وعده هذا بدرجات مختلفة في التعامل مع ميانمار، وكوبا، وإيران، لكن هذه العملية تبدو أكثر بطئاً على المسار الكوري الشمالي، فرغم جولات عدة من المحادثات المباشرة في عامَي 2011 و2012، لم تعرب هذه الدولة عن ميل كبير لإصلاح ممارساتها في مجال حقوق الإنسان أو التخلي عن برنامجها للأسلحة النووية، فضلاً عن أنها تواصل انتهاكها الاتفاقات الدولية. حاولت الإدارة التقرب من كوريا الشمالية من خلال ما دعته وزير الخارجية هيلاري كلينتون "الصبر الاستراتيجي"، متفادية ردود الفعل المبالغ فيها تجاه استفزازات كيم ورافضة تقديم تنازلات كبيرة، من دون أن تقفل في الوقت عينه الباب أمام التعامل مع كوريا الشمالية، في حال قررت هذه الأخيرة تقديم تنازلات خاصة بها بشأن برنامجها النووي.كما يُظهر الاختبار الأخير، أنه من المستبعد أن يتخلى كيم يونغ أون عن برنامجه النووي الثمين في الوقت القريب، لذلك يشكل اعتقال الرهائن الأميركيين والتفاوض بعد ذلك بشأن إطلاق سراحهم ما قد تعتبره كوريا الشمالية خيارها الوحيد للتعامل مع واشنطن، فبضمانه إطلاق سراح باي وميلر، حمل كلابر "رسالة وجيزة" من الرئيس أوباما. صحيح أن الإدارة أوضحت أن هذا لا يمثل تحسناً في العلاقات مع النظام، إلا أنه يشكل على الأقل إقراراً من الرئيس بقائد كوريا الشمالية، إقراراً جاء وفق شروط كيم نفسه.في عدد الأحد من صحيفة "نيويورك تايمز"، ذكر الخبير في شؤون كوريا الشمالية والدبلوماسي السابق جويل ويتمايد أن من الضروري، رغم الصورة الغريبة والغبية التي تقدمها وسائل الإعلام الأميركية والثقافة الشعبية عن هذا البلد، أن نأخذ نظام كيم على محمل الجد، وتابع موضحاً أن المسؤولين الكوريين الشماليين "ليسوا مجانين ولا شخصيات كرتونية، فهم يدركون جيداً مصالحهم الوطنية ويسعون إلى الحفاظ عليها، علماً أن سعيهم هذا يستند إلى فهم دقيق للعالم الخارجي".من الصعب وصف مكان فقير ومعزول مثل كوريا الشمالية "كبلد ناجح" باعتماد المعايير الطبيعية التي نطبقها على الدول، لكن كوريا الشمالية تبرع في لعب أوراقها، حتى لو كانت ضعيفة، فقد برهنت خلال هذا الشهر وحده أنها استمرت، رغم العقوبات الدولية، في تحقيق التقدم في برنامجها النووي، كذلك تبعث الدعاية المحيطة بسجنائها برسالة إلى القوى الغربية، فضلاً عن الصين حيث تعمل مجموعة متنوعة من المهربين، والجواسيس، والمرسلين العاقدي العزم على اختراق دفاعات هذه المملكة المعزولة. والأهم من ذلك كله أنها ستتمكن على الأرجح من إرغام واشنطن مرة أخرى على التعامل مع بيونغ يانغ وفق شروط الأخيرة، ولا شك أن كيم يونغ أون يعتبر هذا شهراً جيداً بالفعل.* جوشوا كيتنغ
مقالات
أي لعبة يمارسها كيم يونغ أون اليوم؟
15-01-2016