المخرج محمود سليمان: فيلمي الروائي المقبل حالة سينمائية مختلفة

نشر في 04-04-2016 | 00:01
آخر تحديث 04-04-2016 | 00:01
No Image Caption
بعيداً عن السينما التجارية، قدّم تجارب فنية مختلفة ذات قيمة عالية، ورغم قصر مشواره الفني الذي لا يتجاوز خمسة أفلام تسجيلية، حصد المخرج محمود سليمان أكثر من 35 جائزة من مهرجانات عالمية وعربية، من بينها جائزة أحسن فيلم تسجيلي طويل من مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية. كذلك يخوض أولى تجاربه في الأفلام الروائية.
عن مشواره الفني مع السينما التسجيلية والجوائز وتجربته الجديدة كان لنا معه هذا الحوار.
أخبرنا عن فكرة فيلم «أبداً لم نكن أطفالاً».

كانت البداية عام 2003 عندما قدمت فيلم «يعيشون بيننا» مع أسرة مصرية، رصدت من خلاله التفاصيل الحياتية لكل الأفراد، وحصل على 12 جائزة من مهرجانات مختلفة. بعد هذا العمل توطدت صلتي بهذه الأسرة وكنت على صلة بأفرادها، وبعد 13 عاماً وظهور جيل جديد من الشباب في الأسرة طرأت لي فكرة فيلم تسجيلي يقدّم من خلال هذين الجيلين شهادة على تدهور الأوضاع السياسية في مصر خلال أكثر 13 عاماً، خصوصاً العشر سنوات الأخيرة من حكم مبارك وحتى بارقة الأمل مع ثورة 25 يناير، ثم اغتيال الأمل والتخبط السائد إلى يومنا هذا. وبالطبع، لم يكن في بالي وأنا أُقدم الجزء الأول أنني سأصنع جزءاً ثانياً منه، ولكن الظروف التي طرأت صنعت فكرة الجزء الثاني، وأرى أنها مناسبة.

ماذا عن التمويل ومدة التصوير في هذا العمل؟    

استغرق العمل سنة ونصف سنة في التحضير والتصوير، وهو من إنتاجي، فلا يوجد ممول أو منتج قد يتحمس لمثل هذا العمل لأنه بلا عائد أو ربح. كذلك كانت أفلامي التسجيلية السابقة كافة من إنتاجي الشخصي.

كيف كان التعامل مع شخصيات حقيقية لا تُجيد الأداء؟

نحتاج في السينما التسجيلية إلى أشخاص يمارسون تفاصيل حياتهم اليومية طبيعياً وليس تمثيلياً أمام الكاميرا، وعندما بدأت التصوير طلبت منهم متابعة حياتهم كما هي وكأن الكاميرا غير موجودة. فعلاً، كان الأمر طبيعياً جداً وحصلت منهم على أكثر مما يستطيع أن يقدمه ممثل محترف، وهذا هو جمال السينما التسجيلية.

السينما التسجيلية

ما السبب في عدم الاهتمام بالسينما التسجيلية؟

ثمة أكثر من سبب، من بينها مفهوم خاطئ حول السينما التسجيلية يقول إنها ليست روائية أو اجتماعية، بل تنحصر في أفلام عن الحرف أو خان الخليلي مثلاً، ذلك بسبب مبدعين لم يحاولوا تقديم أفكار مختلفة وأعمال ذات رؤية خارج الأطر المُتعارف عليها.

كذلك لا تحقق هذه السينما أي عائد مادي أو ربح تجاري، ولا تتوافر لها دور عرض سينمائية في مصر تتحمس لعرضها، في حين أن الأفلام التسجيلية في أوروبا تُعرض في السينما وتحقّق إيرادات تماماً كما الأفلام التجارية الأخرى، بالتالي تجد لها منتجين وجمهوراً.

لماذا قدمت سينما تسجيلية ولم تُقدم روائية لها جمهور؟

 

يخضع الأمر للفكرة التي أريد تقديمها، هل تصلح للتسجيلية أم للروائية؟ في أعمالي كافة أنا الكاتب والمخرج والمنتج، وإنتاج فيلم تسجيلي أسهل بكثير من فيلم روائي، خصوصاً أن مع التطوّر التكنولوجي أصبح من السهل بكاميرا صغيرة تصوير فيلم بمفردي وبتقنية عالية وصورة جيدة وتكلفة أقل أيضاً.

ما الذي تحتاج إليه السينما التسجيلية لتصنع جمهوراً لها؟

لا بد من توافر قنوات فضائية خاصة أو حكومية تعرض هذه الأفلام حتى لو مجاناً، كي تصل إلى الجمهور ويعرف أنها ليست أعمالاً عن شوارع أو أماكن سياحية فحسب. لا بد أيضاً من دعم هذه التجارب الفنية الجديدة، من خلال إطلاقها في دور العرض، أو توفير أية وسيلة عرض لها، وهو ما أحاول تحقيقه عبر فتح قنوات عرض لأعمالي وأعمال زملائي.

تجربة جديدة... ودعم

ماذا عن مشروعك المقبل؟

أخوض أولى تجاربي في الأفلام الروائية بعنوان «سنة سعيدة» وهي تشكّل حالة فنية مختلفة، من تأليفي وإخراجي وإنتاجي أيضاً. انطلقت بها من فترة وأوشكت على الانتهاء منها ومعي عدد كبير من النجوم والنجمات، وأتمنى أن تنال النجاح الجماهيري المرجو.

هل ستتوقف عن تقديم الأفلام التسجيلية بعد ذلك؟

إطلاقاً، إذا وجدت فكرة مناسبة لفيلم تسجيلي سأخوض التجربة بالطبع. ثمة اعتقاد خاطئ بأن السينما التسجيلية أقل مكانة من السينما الروائية، وأن من يُقدم أعمالاً روائية لا يُقدم أعمالاً تسجيلية، ومن ينجح في الأخيرة يرتقي إلى الروائية. للحقيقة، هي أنواع مختلفة من السينما مثل الأفلام الطويلة والقصيرة، ولا توضع في درجات. شخصياً، أقدّم الفكرة التي تصلح كسينما تسجيلية، كذلك تلك التي تصلح كروائية. المهم أن نصنع شيئاً قيماً للجمهور أياً كان نوعه أو اسمه.

ما تقييمك للسينما المستقلة؟

 

سينما مستقلة، سينما بديلة، سينما منخفضة التكلفة، أرفض هذه المصطلحات، هي اتجاه سينمائي أو لون مختلف من السينما ظهر في السنوات الأخيرة على يد جيل جديد من الشباب المتحمس الواعي ساعده في ذلك التطور التكنولوجي الذي مكّنه من صناعة فيلم بإمكانات بسيطة وبجودة عالية. وأصبح لهذا الاتجاه كثير من المتابعين. ربما ما زال الجمهور أقل مما يجب، لكن في المستقبل سيصبح كبيراً، بعد أن ننتصر على المعوقات والصعوبات التي تواجهها.

كيف نحمي هذه التجارب لتستمر؟

من خلال الدعم المباشر: الدولة مُمثلة بوزارة الثقافة تُقدم دعماً مالياً لتجارب سينمائية مختلفة. لا بد من وضع معايير دقيقة عند تقديم الدعم وألا يكون لتجارب أو أعمال تجارية، أو يمكن تقديمها من خلال المنتج الخاص، لأن أساس الدعم أن يُقدم للتجارب ذات القيمة الفنية العالية والتي لا نرجو منها تحقيق الربح. كذلك تحديد معايير اختيار النصوص والموافقة عليها وسرعة إنجاز العمل لأن كثيراً من الأعمال التي حصلت على الموافقة أو فازت بالدعم لم تحصل على أي شيء حتى بعد مرور سنوات بسبب البيروقراطية والروتين، في حين نالت تجارب أخرى مرادها في وقت قياسي من دون أن نعرف كيف. مثلاً، حصل العملان الأخيران للمخرج الكبير محمد خان على دعم من وزارة الثقافة وتم صرفه، في حين ثمة أعمال أخرى حصلت على الموافقة قبله بسنوات وما زالت تنتظر استكمال الإجراءات.  

back to top