سلطة القارئ
![ناصر الظفيري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1497859964459581700/1497859964000/1280x960.jpg)
في وجود وسائل التواصل اليوم بين القراء أنفسهم وبين الكاتب والقارئ أصبحت ردة فعل القارئ تشبه إلى حد كبير ردة الجمهور المسرحي على نص يقدم على الخشبة. أصبح اليوم بإمكان الكاتب أن يرى من هم قراء نصه ومدى تفاعلهم وردة فعلهم على النص. وربما يهتم ببعض القراء كما يهتم بردود فعل زملائه الكتاب والنقاد. وهو يعلم أن القراء الذين يتناولون عمله وأعمال زملائه يخرجون بانطباع تفرضه الفكرة أحياناً، والموضوع الذي يطرحه ويتفهم في أحيان كثيرة غضب قارئ ما منه أو تعاطف آخر. كثير من القراء على قنوات التواصل يقدمون خدمة كبيرة للكاتب والقارئ لم تكن تتحقق في الماضي. القارئ المتابع جيداً لحركة النشر يساهم غالباً في تقديم نصوص عربية لم يكن ليصل إليها سوى القلة. فلم يكن القارئ الخليجي مثلاً يعرف كتاب المغرب العربي، ولم تصل الأعمال الخليجية إلى القارئ المصري واللبناني. هذا التبادل المعرفي أصبح سهلاً الآن، وبإمكان النص أن ينتقل بسهولة من قارئ إلى آخر.اعتدنا أن نكتب عن أسماء النقاد الذين يقدمون إسهامات في عرض الكتب، ولكننا لم نكتب عن قراء ساهموا بذات الدرجة في نشر أعمال أدبية تستحق المتابعة. سأضرب مثلاً بقارئة بحرينية هي السيدة رائدة شريف، التي تستحق جائزة القارئة الأكثر نشاطاً ومتابعة للأعمال الأدبية في العالم العربي. وتستحق أن تكون أحد محكمي الجوائز الأدبية، التي تحتل قاعدة تحكيمها غالباً أسماء بعضها لا يقرأ في الرواية أساساً. رائدة شريف توجد في الغالب في المعارض الأدبية، وتتابع كماً كبيراً من النتاج الأدبي، وتنشر مقتطفات مهمة من هذه الأعمال.هذه الخبرة القرائية تشكل ذائقة القارئ وتصقل قدرته النقدية، وما يميز القارئ المتفرغ هو انتفاء الضغط المؤسسي الذي يعانيه الناقد أو الأكاديمي، الذي ينتقي غالباً ما يناسب منهجه الذي يعمل عليه. والمستغرب هو غياب الروائي عن لجان التحكيم. وهو إقصاء لا أجد له ما يبرره، وهو أعلم بحرفة الرواية من سواه.