تحتل مسألة التفاوت الاجتماعي والخطوات اللازمة لعلاج هذه القضية مكاناً بارزاً في الجدال السياسي في الولايات المتحدة وأوروبا، وسوف تنطوي نظرة أكثر وضوحاً حول هذه المشكلة والحلول المحتملة لها على قدر من الأهمية والقيمة.

Ad

 وتساعد في هذا الشأن دراسة جديدة قام بها آلان أورباخ ولورانس كوتليكوف وداريل كوهلر، حيث تظهر هذه الدراسة أخطار القفز الى نتائج حول التفاوت الاجتماعي كما تبرز الأثر المهلك للنظام المعقد المتعلق بالضرائب والمساعدات في الولايات المتحدة.

وتبدأ الدراسة بملاحظة أن التفاوت الاجتماعي وعدم المساواة في قوة الانفاق في عمر المرء هو أكثر أهمية من اللامساواة في الدخل والثروة في الوقت الراهن، ويتغير الدخل والثروة بكثرة خلال فترة الحياة، كما أن الجوانب المالية من النوع الذي توفره التقديرات القياسية تعتبر مضللة.

وعلى سبيل المثال فإن الخريج الجديد الذي بدأ حياته المهنية للتو لا يعتبر فقيراً كما هو حال طالب الثانوية الذي انقطع عن الدراسة، على الرغم من ان دخلهما قد يكون هو ذاته.

وبينما تشير أرقام الثروة الى ان المتقاعد الذي يملك توفيراً بسيطاً هو أغنى من خريج حديث العهد من جامعة هارفارد وعليه ديون دراسية فإن المنطق يقول عكس ذلك تماماً.

وقد انطلق اورباخ وفريقه في البدء لقياس وضع التفاوت الاجتماعي في الولايات المتحدة عن طريق استخدام تعريف أوسع لدورة الحياة في الدخل والإنفاق، ثم توجه الفريق إلى دراسة الطريقة التي تحدد تأثر عملية التفاوت والتباين بسياسة الدولة الفدرالية والولائية والتي تحدث بطريقة محيرة ومتنوعة من حيث ضريبة الدخل ودفعات الرعاية ومساعدات العجز وضرائب الرعاية الصحية وضرائب الضمان الاجتماعي والمبيعات والشركات والعقارات، الى آخر ما هنالك.

مسألة معقدة

هذه مسألة معقدة حقاً، وإضافة الى المعلومات الواسعة والنموذج المفصل بدقة تدعو الحاجة الى وجود الكثير من الافتراضات والتقديرات من أجل نجاح هذه الممارسة. ولكن بعد استعراض الأرقام توصل فريق الدراسة الى درجة من التفاوت الاجتماعي أقل مما تظهره المعايير القياسية.

وعلى سبيل المثال فإن نسبة واحد في المئة للفئة التي تراوح أعمارها بين 40 – 49 سنة تملك 18.9 في المئة من تلك الثروة، و13.4 في المئة من دخلها الحالي، ولكن 9.2 في المئة فقط من انفاقها المتبقي لفترة الحياة.

وفي حساب هذا الفارق تلعب الضرائب والمعونات المتقدمة دوراً كبيراً، والمشكلة أن النظام أيضاً غير فعال وغير عادل، وهو يطبق معدلات ضرائب مختلفة بشدة على الناس في ظروف متماثلة، كما يسهم في تحميل العديد من المواطنين أعباء مرهقة إلى حد لا يطاق.

ومن أجل قياس مثل تلك العوائق يتعين علينا النظر الى معدلات الضريبة الهامشية في مقابل الضريبة العادية، والمهم هنا هو الضريبة المستحقة على الدخل الإضافي، وهذه المعدلات الهامشية تختلف ليس فقط بين مجموعة دخل معينة وأخرى أو من مجموعة سن الى اخرى، بل ضمن كل واحدة من هذه الفئات أيضاً.

وعلى سبيل المثال، فإن متوسط معدل الضريبة الهامشية بالنسبة الى شريحة الـ 40 – 49 من العمر من ذوي الحد الأدنى من الدخل يبلغ 42.2 في المئة، وهي نسبة عالية في الأساس ولكن اللافت بقدر أكبر هو التدرج في المعدلات الهامشية ضمن تلك الفئة الضيقة. وفي أسفل قائمة الفئة العمرية بين 40 و49 سنة تبلغ ادنى معدلات المعونة الهامشية 17.9 في المئة، والأعلى هي ضريبة بأكثر من 900 في المئة.

وتنجم هذه النتيجة الصادمة عن الغاء معونات المساعدة الطبية في أعقاب حدوث زيادة طفيفة في الدخل.

إنه معدل زوجين يكسبان حوالي 21000 دولار، وهو ما يؤهلهما للاستفادة من المساعدة الطبية، ولكن إذا حقق الزوج 1000 دولار إضافية في الدخل فإنهما يفقدان تلك المعونة الطبية لمدة سنة، ونتيجة لذلك يصبح معدل الضريبة الصافية الهامشية بالنسبة الى هذين الزوجين 933.7 في المئة، ويرجع ذلك الى أن الألف دولار الاضافية تقدم زيادة في الضرائب الصافية لفترة الحياة المتبقية بأكثر من 9000 دولار.

أخطاء النظام الضريبي

تلك حالة غير عادية، ولكن نظام الضرائب والمعونات يشتمل على العديد من الثغرات والأخطاء المتشابهة في النوع والدرجة. وتؤكد الدراسة السالفة الذكر، على سبيل المثال، الضرر الذي يعقب من حيث الجوانب الاقتصادية والعدالة الأساسية ترك نظام معقد يتفاقم من دون وضع ضوابط له.

ويتعين أن يمضي الهدف المتمثل في تبسيط هذه العملية الى ما هو أبعد كثيراً من مجرد تحقيق خفض في علامات جدول ضريبة الدخل، وهو تغيير لا يفضي الى أي شيء على الاطلاق، ثم إن ما تدعو الحاجة إليه هو نظرة الى النظام المالي بشكل تام.

الدرس الآخر

ويتمثل الدرس الرئيسي الآخر في كون الأرقام القياسية المتعلقة بمسألة التفاوت الاجتماعي ترتبط بصورة فضفاضة بمفهوم وفكرة تفضي الى إثارة القلق، ولا تظهر الدراسة أن التفاوت الاجتماعي ليس مشكلة كما أنها لا تعالج مسألة ما اذا كان هذا التفاوت وعدم المساواة يسير نحو الأحسن أو الأسوأ، لكنها تشير الى أن مقاييس التباين الاجتماعي المبنية على الدخل الحالي ومستويات الثروة مضللة بصورة كبيرة، وأن هذه السياسة قد تفضي الى قدر من الضرر يفوق ما تحققه من خير وفائدة.