حمل الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي اليوم الخميس المجتمع الدولي ممثلا بمجلس الامن المسؤولية "الكاملة" ازاء وضع الازمة السورية على طريق الحل منددا في الوقت نفسه بالغارات الروسية التي "تستهدف المستشفيات والمدنيين في سوريا".

Ad

جاء ذلك في كلمة ألقاها العربي خلال الجلسة الافتتاحية لاعمال الدورة ال97 للمجلس الاقتصادي والاجتماعي على المستوى الوزاري التي تنعقد برئاسة مملكة البحرين.

قال العربي ان المجتمع الدولي ممثلا في مجلس الامن يتحمل المسؤولية الكاملة ازاء التعامل مع مختلف مجريات الازمة السورية من اجل التوصل الى اقرار خطة تحرك مشتركة تضمن انجاز الحل السياسي للازمة وفقا لبيان مؤتمر (جنيف1) وما تلاه من تفاهمات وبيانات على المستوى الدولي لوضع الازمة السورية على طريق الحل.

واكد اهمية الاسراع في وقف جميع اعمال القتال في سوريا وايصال المساعدات الى المناطق المحاصرة والمتضررة واستئناف المفاوضات بين ممثلي النظام والمعارضة برعاية الامم المتحدة محذرا من خطورة تفاقم الاوضاع في سوريا وما تحمله من تداعيات ومعاناة انسانية.

كما شدد على اهمية الاسراع في تفعيل قرار مجلس الامن رقم 2254 بشأن تسوية الازمة السورية من خلال عملية سياسية لوقف اطلاق النار وذلك للمساعدة في انهاء النزاع في سوريا والافراج عن المحتجزين وحماية النساء والاطفال والبيان الصادر في ميونيخ في 11 فبراير الجاري بما في ذلك حث جميع الاطراف على التعاون في وصول المساعدات الانسانية الى جميع من هم في حاجة اليها.

وحذر العربي من "المراهنات" على استمرار الوضع الحالي موضحا ان من شأن ذلك ان يكون "وبالا ليس على سوريا فقط وانما على المنطقة برمتها بل وتهديدا للسلام والامن الدوليين".

وشدد على ان الازمات التي تمر بها بعض الدول العربية تتطلب تعبئة قدرات وجهود المنظمات العربية المتخصصة والمجالس القطاعية لوضع برامج عربية مشتركة للمساعدة في اعادة بناء قدرات هذه الدول وخاصة في مرحلة اعادة البناء.

وعلى صعيد القضية الفلسطينية دعا العربي الى ضرورة بذل جميع الجهود لكسر حالة الجمود التي تمر بها القضية الفلسطينية ووقف الانتهاكات والاعتداءات المتواصلة التي ترتكبها سلطات الاحتلال الاسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني وتعبئة جميع الجهود الدبلوماسية والمادية لانهاء الاحتلال الاسرائيلي "الذي تجاوز في جرائمه وعدوانه وارهابه كافة الخطوط الحمراء وفي سياسته وتماديه لتكريس احتلاله كل القوانين والقواعد الدولية".

ونبه الى التهديدات والتحديات الخطيرة التي تواجه منظومة الامن القومي العربي بأبعاده المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفي صدارتها انتشار ظاهرة "الارهاب" واتساع رقعة الانشطة الاجرامية للجماعات المتطرفة.

وأكد العربي في هذا الصدد ان "انتشار هذه الآفة الاجرامية ناتج عن الكثير من المسببات في المجال الاقتصادي والاجتماعي ويؤدي في الوقت نفسه الى تداعيات متواترة في المجال ذاته".

واشار الى ان زيادة معدلات الفقر وتراجع مستويات المعيشة وانهيار مؤشرات التنمية في بعض المناطق العربية وخاصة في الدول التي مازالت تشهد تحولات كبرى كلها عوامل من شأنها ان تنشئ مناخا ملائما لاقتصاديات التطرف والحروب.

واكد ان البعد الاقتصادي والاجتماعي في العمل العربي المشترك لا يقل اهمية عن البعد السياسي او الامني او غيرهما من الابعاد الحيوية والاستراتيجية في مسيرة التعاون العربي بل قد يكون اكثرها اهمية واعظمها تأثيرا على المواطن العربي.

واضاف ان مواكبة التغيرات الجارية تستدعي وعلى نحو عاجل تطوير آليات التعامل معها مشيرا في هذا الصدد الى الخطوات المهمة التي قطعت في مسيرة التطوير والتحديث تنفيذا لقرارات القمم العربية في هذا الشأن.

واشار الى اجتماعات فريق العمل العربي المعني بتطوير البعد الاقتصادي والاجتماعي في العمل العربي المشترك واصفا اياه بأنه "بذل جهودا مضنية من اجل وضع تصورات ومقترحات لتفعيل العمل الاقتصادي والاجتماعي وتعزيز آليات التعاون العربي في هذا المجال".

وقال العربي ان العمل التنموي الاقتصادي والاجتماعي العربي المشترك "لا يزال في حاجة الى المزيد من الجهود التي تتطلب قرارات حاسمة ومتابعة مستمرة لتسهم بدفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي لطالما تتطلع اليها المواطن العربي".

واضاف انه من بين هذه الموضوعات الملف الاقتصادي والاجتماعي المرفوع لمجلس الجامعة على مستوى القمة في دورته ال27 الذي سينعقد في المغرب في ابريل المقبل بالاضافة الى موضوع تحرير تجارة السلع التي لا يزال يعتريها بعض العقبات والقيود الناتجة عن التعرفة الجمركية واتمام قواعد المنشأ التفصيلية.

واشار الى انه بشأن تحرير تجارة الخدمات تم اطلاق جولة جديدة من المفاوضات كما تم تحديد اولويات الدول في القطاعات الراغبة في التفاوض بشأنها وصولا الى تحرير تجارة الخدمات في الدول العربية واعطائها مكانها الحقيقي في هيكل التكامل الاقتصادي العربي الى جانب موضوع انشاء سوق عربية مشتركة للكهرباء وموضوع ميثاق المحافظة على التراث العمراني في الدول العربية وتنميته.

واكد العربي ان هناك عددا من الموضوعات الاجتماعية المهمة التي تتطلب اهتمام المجلس الاقتصادي والاجتماعي وفي مقدمتها قضايا التشغيل والحد من البطالة في الوطن العربي وهيكلة القطاع غير المنظم والمشروعات الصغيرة في الدول العربية.

وأوضح ان تطوير الاقتصاد الاجتماعي والتضامني بصفته احد روافد النهوض بالتنمية الجهوية والمحلية يمثل رؤية جديدة لعمل المجلس كأحد اهم المجالات الاجتماعية وبما يؤكد على تلازم المسارين الاقتصادي والاجتماعي من اجل تحقيق رفاه المواطن العربي.

وقال ان تطوير عمل المجلس الاقتصادي والاجتماعي يتطلب مواكبة العمل الدولي الجاري خاصة ضرورة تفعيل التحرك العربي والمساهمة الفعالة في تنفيذ الاهداف ال17 لأجندة التنمية المستدامة 2030 التي اقرتها الجمعية العامة للامم المتحدة في دورتها ال70 في سبتمبر الماضي.

واقترح في هذا الاطار ان يعقد المجلس الاقتصادي والاجتماعي اجتماعا دوريا على مستوى كبار المسؤولين يخصص لمراجعة التقدم المحرز في تنفيذ الاجندة تمهيدا لبحثها وعرضها على المجلس الاقتصادي والاجتماعي على المستوى الوزاري لاصدار القرارات اللازمة بما يدعم جهود الدول الاعضاء والمجالس والمنظمات العربية المتخصصة لتنفيذ الاجندة.

واكد اهمية مواصلة العمل نحو تنفيذ المقررات الصادرة عن القمم العربية المشتركة سواء الافريقية او مع دول امريكا الجنوبية واهمية تنفيذ القرارات المرجعية لعمل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والصادرة عن القمم العربية العادية والتنموية.

من جهته اكد رئيس الدورة وزير المالية البحريني الشيخ احمد بن محمد آل خليفة في كلمته اهمية الاجتماع موضحا انه يأتي وسط تحديات اقتصادية عديدة تواجه المنطقة العربية والعالم وفي ظل بطء وتيرة تصاعد الاقتصاد العربي.

ودعا الى ضرورة الاسراع بتنفيذ المبادرات الداعمة للاقتصاد العربي من اجل النهوض به والمساهمة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والسياسي للمنطقة العربية وتوفير فرص عمل للشباب.

واستعرض الوزير جدول اعمال الدورة الوزارية ال97 للمجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي يضم عددا من الموضوعات والقضايا المهمة وفي صدارتها اعداد الملف الاقتصادي والاجتماعي المقرر عرضه على القمة العربية المقبلة بالمغرب في شهر ابريل المقبل.

من جانبه دعا وزير الاقتصاد الاماراتي المهندس سلطان المنصوري في كلمته الى تفعيل وتعميق العمل العربي المشترك وخاصة على الصعيد الاقتصادي وتذليل الصعاب التي تواجه تنمية التجارة والاستثمار البيني وتسريع خطوات تحفيز الابداع والابتكار في الدول العربية.

واكد المنصوري اهمية اعمال الدورة الحالية للمجلس كونها تزخر بالعديد من الموضوعات والاطروحات المهمة والحيوية لافتا الى ان دولةَ الامارات تنظر باهتمام بالغ الى قضايا العمل العربي المشترك.

وقال ان "العمل العربي المشترك هو احدى اهم القنوات والسبيل لمواجهة التحديات وتخطي الازمات في المنطقة خاصة مع توافر الارادة السياسية لتذليل العقبات والصعوبات التي تحد من فاعليته على المستويين الاقتصادي والاجتماعي".

ونبه الى ان التحديات الكبرى والازمات الحادة التي مرت بها المنطقة اثرت بشكل جسيم على مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لمختلف الدول العربية الامر الذي يحتم ضرورة التكاتف والتلاحم اكثر من اي وقت مضى.

وطالب المنصوري بالتركيز والاهتمام ببعض مجالات العمل المشترك ذات التأثير الايجابي والملموس وتعزيز دورها وتعظيم الاستفادة منها ما يسهم في الارتقاء بمنظومة العمل الاقتصادي والاجتماعي العربي.

واشار في هذا الاطار الى ان اتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري بين الدول العربية والتي انبثقت عنها منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى تعد من اهم المكتسبات في مسيرة العمل الاقتصادي العربي المشترك.

واشار المنصوري الى الظروف الاقتصادية الراهنة والمناخ الاقتصادي العالمي في ظل التراجع الكبير باسعار النفط وما تعانيه اقتصادات كبرى من تراجع في معدلات النمو ومرور بعضها بحالة مقلقة من الركود.

ولفت الى ان صندوق النقد الدولي اكد مؤخرا ان العالم يواجه في عام 2016 تحديات اقتصادية على جبهات متعددة منها ما هو مرتبط بمشروع بنك الاحتياط الفيدرالي الامريكي في تشديد سياسته النقدية وتعثر اوروبا في ادارة ازمتي الديون والمهاجرين وتزايد هشاشة بعض الاقتصادات الناشئة كل هذه الاسباب وغيرها تتطلب تفعيل وتعميق التكامل الاقتصادي العربي وتبادل الخبرات والتجارب الناجحة.