حاول الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أمس الدفاع عن قرار التخلي عن جزيرتي تيران وصنافير لمصلحة السعودية، بالحديث عن عدم امتلاك مصر لأي وثائق تثبت ملكية الجزيرتين، ملقيا بالكرة في ملعب البرلمان، في حين نفى ضلوع أجهزة أمنية مصرية في مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني.

Ad

بعد أيام من الجدل الشعبي والصمت الحكومي حول ملف تنازل القاهرة عن جزيرتي تيران وصنافير للرياض، نهاية الأسبوع الماضي، خرج الرئيس عبدالفتاح السيسي على المصريين، أمس، نافيا الاتهامات بالتخلي عن حقوق المصريين في ملكية الجزيرتين، مؤكداً أن القاهرة لم تفرط أبداً في ذرة من حقوقها، وأن بلاده لا تمتلك أي وثائق رسمية تؤكد ملكيتها للجزيرتين.

السيسي الذي بدا راغبا في تخطي أزمة تنازله عن الجزيرتين، قال في لقائه بممثلين عن شرائح المجتمع نقله التليفزيون المصري أمس، "إحنا ما فرطّناش في حق لينا.. وادّينا حق الناس لهم"، مستعرضا المطالبات السعودية باستعادة الجزيرتين، مشدداً على أن الجانب المصري تعامل مع قضية الجزيرتين بمنظور فني وقانوني. وتابع: "لم نحد عن القرار الجمهوري الذي صدر منذ 26 سنة عام 1990 وتم إيداعه في الأمم المتحدة".

وأضاف الرئيس المصري، في حديث استمر لنحو ساعة ونصف الساعة، أن "القرار بعودة الجزيرتين إلى السعودية جاء عقب الدراسات التي تم عقدها من اللجنة الفنية المتخصصة، والتي كانت تعمل على مدى 11 جلسة لترسيم الحدود، وأشار إلى أن المُكاتبات المُتبادلة حول الموضوع لم تكن تطرح، لمراعاة الرأي العام في البلدين".

وأردف السيسي الذي يواجه أعنف هجوم من قطاعات عريضة من الشعب المصري: "أنا معكم اليوم ليس لأطمنكم على جزيرتين، لكن أطمنكم على أرضكم وعرضكم، أنا مش واخد الموضوع بأمر شخصي خالص، لدينا فوضى في كل حاجة، ومستحملين ده علشان نجاح التجربة"، مؤكداً أن "كل البيانات والوثائق بوزارتي الخارجية والدفاع، وكذلك المخابرات، تؤكد تبعية جزيرتي تيران وصنافير للسعودية".

وألقى بالكرة في ملعب البرلمان قائلا: "يوجد برلمان سيقوم بتشكيل لجان والأمر لديهم"، مشدداً على أنه من الثوابت المصرية "عدم التفريط في ذرة من حقوقنا وكذلك عدم المساس بحقوق الآخرين"، وقال: "نتبع الصبر على إيذاء الآخرين لنا وإعطاءهم فرصة لمراجعة أنفسهم، ولا ندخل في تحالفات مع أحد ضد أحد، ونحافظ على اعتدال وتوازن القرار المصري".

قضية ريجيني

من جهة أخرى، سعى السيسي إلى احتواء أزمة بلاده مع إيطاليا، بسبب قضية مقتل الطالب جوليو ريجيني في مصر فبراير الماضي، قائلا إن البلدين تربطهما علاقات متميزة جدًا، والقيادة الإيطالية وقفت إلى جانب مصر منذ 30 يونيو 2013، وتابع "هناك أكاذيب وإشاعات يتم تداولها. إحنا اللي عملنا المشكلة لمصر، وإحنا اللي صنعنا مشكلة مقتل الشاب الإيطالي ريجيني"، مقدما العزاء لأسرة ريجيني، نافيا كل الاتهامات الخاصة بتورط رجال الأمن في ذلك.

في سياق منفصل، تعهد السيسي بألا تحدث زيادة في أسعار السلع الأساسية مهما كانت الظروف، وقال "يجب أن تكون أعيننا على المواطن البسيط ونحن ننطلق في الاتجاهات كافة". وأشار إلى أن الدولة المصرية تحاول أن تصنع التوزان بين الحريات الفردية والإجراءات الأمنية.

وحدة الصف

وبدا السيسي مدافعاً عن مواقفه، قائلا: "أنا مش إخوان ومش سلفي ولا هبقى سلفي، أنا مسلم وبس، وطول ما الشعب والجيش اختارك، الدنيا معاك.. أنا مصري شريف"، مطالبا المصريين بالوحدة قائلا: "نحتاج للحفاظ على كتلة المصريين، فالتحديات كثيرة، وفكرة المؤامرة موجودة من أهل الشر، الذين لايزالون يعملون ضد مصر، وأنا أقف أمام الدنيا كلها بفضل المصريين"، وقال: "هناك من يحاول حصارنا وعزلنا وضربنا لكن لم ولن ينجح"، موضحًا أنه إذا تفككت الكتلة المصرية، أصبح من السهل إسقاط الدولة.

وأردف "في الظروف الحالية كان من الممكن أن تتوافر أفكار شريرة ونعتدي على دولة أخرى"، مذكرا بذبح تنظيم "داعش ليبيا" 21 مصرياً، إلا أنه رفض ذلك قائلا: "نحن لا نبيع أرضنا لأحد ولا نأخد أرض أحد"، محذراً من الحالة الموجودة حاليا لضرب إرادة الشعب المصري لأن "تلك الحالة يطلق عليها الانتحار القومي، ووصلت إلى عدم تصديق الآخر، مش بنصدق بعض الناس فقدوا الأمل في بكرة".

موجة اعتراضات

حديث الرئيس المصري جاء عقب موجة اعتراضات غير مسبوقة تفجرت في وجه النظام القائم على شرعية ثورة "30 يونيو"، رفضا للتنازل عن الجزيرتين، إذ وصلت بعض المطالب بتنظيم تظاهرات حاشدة في ميدان التحرير غداً الجمعة اعتراضا على التنازل عن الجزيرتين، بينما شنت رموز سياسية ومرشحون رئاسيون سابقون، هجوما على موقف النظام.

وأكد المرشح الرئاسي السابق، حمدين صباحي، أن الشعب هو الفيصل وليس الرئيس أو الحكومة في مسألة التنازل عن الجزيرتين، وتابع: "طريقة إدارة السلطة وطريقة اتخاذها للقرار مهينة للشعب المصري وغير مقبولة". وفيما قال المرشح الرئاسي الأسبق أحمد شفيق، المقيم في الإمارات حاليا، في بيان له أمس، إنه بعد أن استعرض عددا من الوثائق فإنه وصل لقناعة بأن "الجزيرتين تقعان داخل حدود السعودية"، اعتبر الخبير السياسي بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية والسياسية، عمرو هاشم ربيع، أن السيسي أخطأ في عدم دعوة المصريين للاستفتاء على التنازل عن الجزيرتين.

موقف البرلمان

برلمانياً، رأى أعضاء مجلس النواب، أن إحالة الرئيس ملف الجزيرتين، أمر طبيعي في ضوء المادة (151)، وقال وكيل مجلس النواب السيد محمود الشريف، إن اتفاقية تيران وصنافير، سيتم إحالتها للمجلس، ومن ثم المجلس بدوره سيحيلها للجنة مختصة لدراستها بشكل كامل على أن تعرض على المجلس في جلسته العامة، للتصويت النهائي عليها.

فرنسا وألمانيا

في الأثناء، أعلن السفير الفرنسي بالقاهرة، أندريه باران، أنه سيتم خلال الزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي فراسوا أولاند الأحد المقبل التوقيع على نحو ٣٠ اتفاقية للتعاون بين القاهرة وباريس، بينما يبدأ نائب المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل، زيجمار جبريال، زيارة إلى القاهرة الأحد المقبل.