نحن فعلا بحاجة إلى إعادة النظر في الأزمات المحلية البرلمانية الماضية التي مررنا بها؛ لنعيد قراءة الأحداث، ونستحدث سبلاً جديدة للحفاظ على الاتزان الداخلي بعد فشلنا آنذاك في الوصول إلى التحليل السياسي الصحيح لتفسير عدم اتزان مثلث البرلمان والحكومة والشارع.

Ad

لطالما عدنا إلى أحداث سياسية وتاريخية قد مضت لنقف أمامها، مستخدمين أدوات تحليلية جديدة لعلنا من خلالها نستطيع تسليط الأضواء على زوايا جديدة لم تكن ظاهرة، وقد مررنا بفترة سياسية صاخبة خلال الأعوام القليلة الماضية (2009-2012) سنتناولها خلال المقالات القادمة بأسلوب جديد لعلنا نستطيع تحديد مكامن الخلل لتفاديه مستقبلا، أقول ذلك ونحن أمام مرحلة جديدة من الانتخابات البرلمانية القادمة التي بدأت تستقطب بعض الوجوه المقاطعة والمستقيلة للعودة إلى الساحة السياسية.

دعونا نسترجع بعض القضايا التي مررنا بها خلال تلك الفترة، حيث امتلأت بالأحداث وتداخلت من خلالها الملفات المحلية والخارجية، ومست الشظايا المتطايرة من تداولنا الصاخب للقضايا الوتر الحساس لدى بعض الدول المجاورة وتسببت في حدوث شرخ شهدته الساحة البرلمانية خلال تلك الأيام، وأذكر استغرابنا من صمت الحكومة وهدوئها الشديد أمام الاستجوابات المطروحة آنذاك واختيارها الاستقالة لنزع فتيل الأزمة، ولم تعلم أنها بذلك قد قامت بترحيل الأزمات للتشكيل الحكومي القادم.

نحن فعلا بحاجة إلى إعادة النظر في الأزمات المحلية البرلمانية الماضية التي مررنا بها؛ لنعيد قراءة الأحداث، ونستحدث سبلاً جديدة للحفاظ على الاتزان الداخلي بعد فشلنا آنذاك في الوصول إلى التحليل السياسي الصحيح لتفسير عدم اتزان مثلث البرلمان والحكومة والشارع. لم نستوعب الطرح السياسي الذي بدأ خارج أسوار البرلمان، وانقسم الشارع إلى فئات ثلاث: فئة المراهنين على مرحلة من التغيير دون احتساب الناتج، وفئة استمرار التفاؤل بحفظ التوازن السياسي وأغلبها من أعضاء البرلمان، وفئة "الامتناع" عن إبداء الرأي لأنها تشعر بعدم الثقة وبتطرف بعض أعضاء البرلمان في قيادة التغيير الصاخب، وتفتقد آراء أهل الحكمة والخبرة والرأي، ويبدو أن الغالبية آنذاك كانت من تلك الفئة.

وارتفعت أصوات العقل والحكمة مطالبة بترسيخ الثقة بالنهج التنموي وسط حث سمو الأمير المواطنين على متابعة أداء النواب والتحدث بصوت مسموع، لإصلاح أي اعوجاج، وتحقيق المواطنة في الاستخدام الجيد لوسائل الإعلام، وعدم استغلال أجواء الحرية في التطاول على الثوابت الوطنية.

انتهت الأزمة بحكومة جديدة ووعود جديدة أيضاً، فقد وعدت الحكومة باستكمال جهودها في تسويق الخطة التنموية المطروحة، وسعت إلى نيل القبول البرلماني لتمرير المشاريع المساندة للخطة لتذليل عراقيل المراحل التنفيذية.

وانتهت الفترة التي كان المجلس من خلالها يتربص لالتقاط بوادر عدم الشفافية ليضع العصا في عجلة التنمية؛ لذا لم يكن أمام الحكومة إلا الخيار السهل، وهو التنفيذ بشفافية والتمسك بالإصلاح الإداري، فهل اتخذت ذلك الخيار؟

شعارات المرحلة السابقة كانت: مبدأ المعالجة المنهجية لمسيرة العمل، والتمسك بالمسيرة التنموية والنهج وملف الوحدة الوطنية، وحماية المجتمع من مظاهر الفرقة والتشتت والفتن، وتطبيق القوانين والانتقال من مرحلة الشعارات إلى مرحلة التطبيق الفعلي الجاد، فهل استوعبت الأطراف المعنية الدرس؟!

كلمة أخيرة:

 كل الشكر للقائمين على إدارة الصرح الثقافي الجديد لمجلس الأمة، وهو المسرح الثقافي للبرلمان الذي ابتدأ باجتذاب أهل العلم والمعرفة للمشاركة بحوارات علمية وثقافية واجتماعية.