أوباما إلى الرياض بأهداف متواضعة رغم التوترات
البيت الأبيض يتعهد بإسقاط قانون رفع الحصانة عن الحكومات... وريان يدعو إلى إعادة النظر فيه
يصل الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى الرياض اليوم، ويلتقي المسؤولين السعوديين وفي مقدمهم العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، قبل مشاركته غداً بالقمة الخليجية، وذلك قبل 9 أشهر فقط من نهاية ولايته، وسط توترات متصاعدة بين واشنطن وحلفائها الخليجيين خصوصاً السعودية.
توجه الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى الرياض، للقاء العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز اليوم، والمشاركة غداً في القمة الخليجية التي تعقد في العاصمة السعودية. ومن المتوقع أن يحمل أوباما أهدافا متواضعة ورسالة مألوفة فحواها أن الولايات المتحدة لن تتخلى عن حلفائها في منطقة الخليج، وأنها ستبقى تراقب إيران، القوة الإقليمية التي يخشون أنها تسعى للتدخل في دولهم وفي مناطق نفوذهم في المنطقة.وتأتي هذه الزيارة فيما العلاقات الأميركية-الخليجية، لا سيما مع السعودية تمر بأسوأ مراحلها التاريخية، وتشهد توترات عدة كان آخرها المقابلة الشهيرة لأوباما مع مجلة «ذي اتلانتيك» الشهر الماضي التي قال فيها إن بعض دول منطقة الخليج وأوروبا تستمتع بخدمات مجانية وتطالب بتحرك أميركي دون أن تشارك هي نفسها في التحرك. كما أجاب عن سؤال عما إذا كانت السعودية دولة صديقة لأميركا بقوله «الأمر معقد»، وقال إن دول الخليج بحاجة لمشاطرة إيران في الشرق الأوسط.وربما لا تكون الرياض وعواصم أخرى في منطقة الخليج على استعداد لتقبل مجرد كلمات من أوباما فحسب، بعد ما شهدته من تقلص الالتزام تجاه حلفاء تاريخيين للولايات المتحدة ولإدراكها أن رئيسا جديداً سيحل في البيت الأبيض في شهر يناير المقبل.مقاضاة الحكومات والفيتووقد جاءت هذه الخطوة وسط توتر ناجم عن مشروع قانون للكونغرس يجيز لعائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر عام 2001 مقاضاة حكومات أجنبية، ومن بينها السعودية.ومشروع القانون الذي أطلق عليه اسم قانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب» وقدمه سناتورات من الجمهوريين والديمقراطيين، لم يصل الى مرحلة التصويت بعد، لكنه يثير غضب الرياض.ويحاول البيت الابيض بكل قواه عرقلة القانون، وقد هدد أمس الأول باستخدام حق النقض (الفيتو) لإسقاطه. وردا على سؤال بشأن القانون خلال مقابلة مع شبكة «سي بي اس نيوز»، أجاب أوباما: «انا أعارضه».وقال المتحدث باسم الرئاسة الاميركية جوش آرنست ان «مبعث قلقنا من هذا القانون لا يتعلق بتداعياته على علاقاتنا مع دولة محددة، بل لارتباطه بمبدأ مهم من مبادئ القانون الدولي الا وهو حصانة الدول».وأضاف أنه إذا تم المس بهذا المبدأ «يمكن لدول اخرى ان تقر قوانين مماثلة، الأمر الذي قد يشكل خطرا كبيرا على الولايات المتحدة، وعلى دافعي الضرائب لدينا، وعلى جنودنا وعلى دبلوماسيينا». وأكد آرنست أن هذا المبدأ «يتيح للدول ان تحل خلافاتها عبر الطرق الدبلوماسية وليس عن طريق المحاكم».بيع الأصولوحذرت السعودية من أنها قد تبيع أصولاً أميركية قيمتها مئات المليارات من الدولارات إذا أقر الكونغرس مشروع القانون. وبحسب صحيفة «نيويورك تايمز»، فإن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير هدد خصوصا باحتمال ان تقدم الرياض على بيع سندات خزينة اميركية بقيمة 750 مليار دولار، فضلا عن اصول اخرى تملكها في الولايات المتحدة.وعن هذا التهديد، عبر البيت الابيض عن ثقته بأن السعوديين لن يقوموا ببيع كل اصولهم المالية الموجودة في الولايات المتحدة، وقال آرسنت في هذا السياق «انا على ثقة أن السعوديين يقدرون مثلنا تماما مصلحتنا المشتركة في الحفاظ على استقرار النظام المالي العالمي».السعوديون حازمون وقال المستشار السابق للرئيس الأميركي باراك أوباما ديفيد اكسيلورد إن أوباما «سيفكر بعمق وجدية قبل أن يقدم على توقيع مشروع القانون»، مضيفاً أن «السعوديين كانوا حازمين في الطريقة التي تحدثوا بها عن ردة فعلهم من خلال سحب أموالهم من الخزينة الأميركية وخطوات أخرى قد يقدمون عليها».مكلف على أميركاأما بول كالين، المحلل المتخصص في شؤون القانون الدولي لدى «سي إن إن» فقد قال إن تبعات إقرار القانون قد يكلف الولايات المتحدة ثمناً باهظاً ويؤسس لسابقة قد تتيح مقاضاة أميركا نفسها بجرائم قتل لمدنيين. وقال: «الأمر قد يكون مضراً جداً بالنسبة لأميركا ويرتد عليها، بخاصة على الصعيد العسكري، فطائراتنا العاملة بدون طيار على سبيل المثال، والتي نستخدمها على نطاق واسع في الكثير من دول العالم ضمن محاولتنا لاصطياد قادة تنظيم القاعدة، سبق لها أن وجهت ضربات أدت إلى وقوع أضرار جانبية كبيرة».وتابع كالين متسائلا: «سبق أن قُتل عدد من المدنيين الأبرياء جراء تلك الضربات، فهل سيتمكن أقرباء القتلى من ملاحقة الحكومة الأميركية بحال إقرار هذا القانون بحجة أن أميركا نفسها ألغت حصانة الحكومات الأجنبية مثل السعودية وسواها؟»ولفت كالين إلى أن الأمر قد يفتح باب مقاضاة أميركا بقضايا تصل التعويضات فيها إلى مليارات الدولارات، مختتما بالقول: «لهذا السبب أقر القانون الدولي منذ 200 عام مبدأ حصانة الحكومات الأجنبية وجعل من قضية إتاحة الحق للمواطنين لمقاضاة حكومات أجنبية قضية تتعلق بالعلاقات الدولية».كورنينوقال أحد رعاة مشروع القانون النائب جون كورنين، الرجل الثاني في الحزب الجمهوري في مجلس النواب إن من شأن مشروع القانون إلغاء مبدأ الحصانة السيادية، والتأكيد أنه «إذا كنت تمول وتقوم برعاية هجمات إرهابية على الأراضي الأميركية فإنك مسؤول عن الأضرار».وأعرب كورنين عن اعتقاده أن الرياض تبالغ في رد الفعل إزاء مشروع القانون وانها ليست المستهدفة، لكنه شدد على أنه لا يريد تغيير المشروع بسبب تهديدات اقتصادية.وأشار الى أن مشروع القانون «ليس موجهاً ضد الحكومة السعودية، ما لم يكن هناك شيء في الصفحات الـ 28 المصنفة سرية يقلقهم ولا نعرف عنه». وهناك جدل مستمر حول ما اذا كان يتعين الغاء صفة السرية عن 28 صفحة من تقرير لجنة التحقيق التابعة للكونغرس في أحداث 11 سبتمبر.وكان مشروع القانون الذي تبناه 22 من اعضاء الكونغرس قد مررته اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ في كانون يناير الماضي، ولكنه لم يطرح للتصويت في المجلس الذي يهيمن عليه الجمهوريون. وقال مكتب رئيس الأغلبية الجمهورية في المجلس ميتش ماكونيل أمس الأول إنه لم يحدد موعد للتصويت على المشروع.المرشحونيذكر أن المرشح الجمهوري للرئاسة السيناتور تيد كروز يؤيد مشروع القانون، وكذلك المرشحين الديمقراطيين هيلاري كلينتون والسيناتور بيرني ساندرز، ما يعني أن المرشح الشعبوي دونالد ترامب هو الوحيد الذي يرفض المشروع وعلى الأقل لم يبد حتى الساعة رأيه فيه.وقال رئيس مجلس النواب الأميركي الجمهوري بول ريان، إنه يعتقد أن على الكونغرس إعادة النظر في مشروع القانون، مضيفاً عقب اجتماع مع الأعضاء الجمهوريين في مجلس النواب: «يجب أن نضمن ألا نرتكب أخطاء مع حلفائنا».إيرانفي سياق آخر، حث بول ريان رئيس مجلس النواب الأميركي الرئيس باراك أوباما أمس على أن يستبعد «بشكل قطعي» أي التفاف على العقوبات قد تمنح إيران قدرة على الوصول بطريقة مباشرة أو غير مباشرة إلى النظام المالي الأميركي أو الدولارات.وقال زعيم الجمهوريين في مجلس النواب في أقوى بيان يصدره إلى الآن بخصوص القضية «بدلاً من مساعدة النظام على أن يصبح أكثر ثراء على الإدارة أن تحاسبه على الاختبارات المستمرة للصواريخ الباليستية والانتهاكات الفاضحة لحقوق الإنسان ودعم الإرهاب».واضاف أنه قلق من أن هناك «أربعة تجاوزات على الأقل» تسمح لإيران بالحصول على العملة الأميركية.وأبدى المشرعون وغالبيتهم جمهوريون قلقا بالغا بشأن تقارير بأن الإدارة قد تسمح لإيران باستخدام الدولار في بعض التعاملات التجارية.وزراء الدفاعويعقد اليوم اجتماع لوزراء دفاع دول مجلس التعاون الخليجي مع نظيرهم الأميركي اشتون كارتر في الرياض. وتوجه نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الكويتي الشيخ خالد الجراح أمس إلى السعودية لحضور الاجتماع.وقالت مديرية التوجيه المعنوي والعلاقات العامة بوزارة الدفاع في بيان ان الاجتماع سيناقش العديد من القضايا والتحديات على الساحتين الإقليمية والدولية وتأثيرها على المنطقة.