«البرلماني» في السينما... الواقع يصعّب مهمة المبدعين

نشر في 22-01-2016 | 00:01
آخر تحديث 22-01-2016 | 00:01
أعادت مشاهد انعقاد مجلس الشعب المصري إلى أذهاننا أعمالاً فنية راسخة في ذاكرة السينما المصرية تناولت شخصية «عضو البرلمان»، كنمط وتيمة استعانت بهما أفلام كثيرة، وتفنن مخرجوها والقيمون عليها في رسم هذه الشخصية لتمر بمراحل من التطور والتبدل الذي واكب التغيرات في الواقع السياسي.
استطلعت «الجريدة» آراء خبراء ونقاد في الفروقات بين صورة البرلماني في الأفلام سابقا وفي أعمال حديثة، وإمكان تمثيل نواب الشعب حاليا تحت القبة.
تباينت الآراء ووجهات النظر بين من يرى أن الأعمال الفنية المصرية زخرت بشخصية «عضو البرلمان»، وآخر يرى أنه سيتم التعامل معها على «استحياء» خوفا من المساءلة، وآخر يرى أن ضبابية المشهد ستعوق تجسيد هذه الأنماط على الشاشة.

يرى الكاتب والناقد الفني عصام زكريا أن صورة البرلماني تختلف بحسب شكله في الواقع. قديماً، كانت شخصية البرلماني تهتم بقضايا مغايرة ومختلفة، وبالتالي يتم تجسيدها سينمائيا بشكل مختلف في الأعمال الفنية. أما نواب الشعب راهناً فيشهدون فترات مرتبكة سياسياً لذا يتم طرحهم سينمائياً بشكل يناسب السياق الذي يعيشون فيه.

وأضاف أنه تم {تقديم أنماط عدة للعضو البرلماني في السينما والدراما المصرية، وتنوعت القضايا التي تحدثت الأعمال حولها، فنواب أفلام الأبيض والأسود اهتموا بمكافحة الاحتلال وتكوين الأحزاب التي كانت ناشئة وقتها أو حتى مداهنة القصر الملكي. أما البرلماني في سينما السنوات الأخيرة فرأيناه في أفلام كـ {عمارة يعقوبيان} منشغلاً بنفاق السلطة، كشخصية وصولية أو عضو يدافع عن جماعة إسلامية ما تعارض النظام}، ورغم ذلك {أعتقد أن السينمائيين تعاملوا مع {تيمة العضو البرلماني} على استحياء، ولم تأخذ حقها في التناول الفني والدرامي الكافي}.

واختتم زكريا حديثه بالتعبير عن أمنيته بإصلاح الواقع في كثير من الدول العربية على مستويات عدة ليست سياسية فحسب، لنتمكن من تغيير الثقافة الخاصة بحظر تناول شخصية البرلمانيين فنياً بدعوى تشويه الدولة والتطاول على السلطات، وما شابه ذلك من تضييقات تعوق دور الفن في تقويم المجتمع.

قال الناقد الفني طارق الشناوي إن فارقاً كبيراً جداً بين صورة البرلماني في السينما قديماً، وما يحتمل أن نراه من تمثيل لأية شخصية نيابية، فالواقع السياسي الآن يفوق قدرة أي مؤلف أو مخرج، ومخيلة المبدعين على مر فترات فنية كثيرة لم تستطع التنبؤ بما شاهدناه خلال جلسات البرلمان المصري الأخير، وتابع: {فانتازيا الواقع هزمت فانتازيا السينما}.

أضاف الشناوي أن عادل أمام بالتعاون مع كثير من المخرجين قدم صورة البرلماني في أفلام عدة، كـ {الإرهابي}، و{بخيت وعديلة}، و{اللعب مع الكبار}، و{الواد محروس بتاع الوزير}، وآخرها {مرجان أحمد مرجان}، الذي رغم تقديمه صورة غريبة وغير مألوفة لعضو مجلس نواب فاسد يشتري جميع الذمم ويغلب على حياته الترف، فإنه لا يقارن بأي مجهود قد يرسم شخصية البرلماني الحالي الذي كسر الأطر المتخيلة كافة عن شخصية الرجل السياسي أو البرلماني نائب الأمة.

واختتم بأن عملية من التطور والتحول تعرضت لها هذه الشخصيات منذ بداية ظهور {تيمة البرلماني} في فيلم لجورج أبيض بعنوان {أنشودة الفؤاد} في الثلاثينيات، والتي ظهر فيها كثري وبرلماني صالح، مروراً بأفلام كـ {ضد الحكومة} و{موعد مع الرئيس}، وصولاً إلى فيلم {جواز بقرار جمهوري} والعمل الدرامي {سلسال الدم}، {إلا أننا مقبلون على صورة ذهنية مختلفة تماماً عن شكل النواب في البرلمان حال تم تمثيلهم في أي عمل فني}.

أجاب المخرج خالد يوسف عن سؤال {الجريدة} حول مدى اختلاف صورة البرلماني في الأعمال السينمائية المختلفة، ونيته تقديمها في أفلام جديدة له، وقال: {المشهد الراهن مختلف تماماً بالنسبة إلي. في السابق كنا أمام قضايا ومشكلات وأنماط في الواقع تمتاز بـ {الوضوح}، وبالتالي يمكن ترجمتها فنيا بشكل جيد}.

تابع: {الغموض الآن سيد الموقف، والضبابية تطغى على كل شيء. كنا سابقاً نملك رؤية واضحة بشأن حبكات الأفلام والشخصيات التي نصنعها، وهي قد تكون خاطئة أو صائبة، وقد نكون تمكنا من رسم الشخصيات ومن ضمنها البرلماني بشكل سليم أو غير سليم، ولكننا الآن أمام تحدٍ وهو عدم القدرة على تكوين رؤية أو فكرة أو بلورة شخصية بشكل متكامل. والسبب في ذلك لحظة الارتباك التي تعيشها البلاد والتي تنعكس بالتالي على السينما وصانعيها والشخصيات في أعمالنا.

back to top