العراق يُوقف معركة «تحرير الموصل»

نشر في 07-04-2016 | 00:03
آخر تحديث 07-04-2016 | 00:03
No Image Caption
• طهران وواشنطن منعتا تنحية العبادي

• تحرير قطري من العائلة الحاكمة خُطف منذ أشهر
قال قائد عسكري عراقي، إنه تقرر تأجيل هجوم كان الجيش العراقي سينفذه في إطار المرحلة الأولى من حملة استعادة مدينة الموصل من تنظيم "داعش"، إلى حين وصول المزيد من القوات لتعزيز السيطرة.

وبعد مرور ثلاثة أسابيع على بدء العملية استعادت القوات العراقية السيطرة على ثلاث قرى من "داعش" في منطقة مخمور، والتي من المقرر أن تصبح منصة انطلاق مهمة للهجوم في المستقبل على الموصل التي تبعد 60 كيلومترا شمالا.

وألقت البداية المتعثرة بظلال متجددة من الشك على قدرات الجيش العراقي، الذي انهار جانب منه عندما سيطر متشددو "الدولة الإسلامية" على نحو ثلث البلاد في 2014.

وقال اللواء نجم الجبوري قائد العملية، إن القوات العراقية الآن بانتظار وصول وحدات من الشرطة الاتحادية ومقاتلين من العشائر المحلية للسيطرة على الأرض بعد استعادتها.

وأضاف في بيان أن هذا سيحرر قواته لمواصلة الهجوم ضد المتشددين، منددا بما وصفه بـ"محاولة للنيل من قدرات الجيش العراقي". وقال "لا نرغب بزج كل قطعاتنا في مسك الأرض". من جهة  اخرى، دخلت الولايات المتحدة وإيران في تحالف ضمني لدعم رئيس وزراء العراق حيدر العبادي، وهو يتحدى النخبة الحاكمة بخطط لتشكيل حكومة من غير الحزبيين يتصدى بها لفساد يأتي على ما تبقى من استقرار اقتصادي وسياسي في البلد العضو بمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك).

وكانت الأصوات تتعالى في الداخل، مطالبة بتنحي رئيس الوزراء حيدر العبادي، ومنها صوت سلفه نوري المالكي، فيما كان هو يسعى إلى تعديل وزاري يهدف للوقوف في وجه الفساد، الذي أصبح قضية رئيسة، بعد انهيار أسعار النفط في 2014، والذي أثر بقوة في موارد الحكومة التي تشن حملة مكلفة للتصدي لتنظيم داعش.

ويقول سياسيون ودبلوماسيون ومحللون إن الخصمين العتيدين؛ واشنطن وطهران، مارستا ضغوطا على حلفائهما في العراق، كي لا يسعوا لتنحية العبادي، في وقت يسعى فيه إلى تشكيل حكومة تكنوقراط.

وذكرت مصادر قريبة من الأمر، أن المساعي الأميركية والإيرانية ساعدت على وأد محاولة في الأسبوع الماضي لإبعاد العبادي عن منصبه، قام بها المالكي، الأمين العام لحزب الدعوة، الذي يسيطر على حوالي ثلث مقاعد البرلمان. ونفى المالكي قيامه بمثل هذه المحاولة.

وقدم العبادي للبرلمان الخميس الماضي قائمة تضم 14 اسما، كثيرون من أصحابها أكاديميون، في خطوة تهدف إلى تخليص الوزارات من براثن نخبة سياسية استغلت نظام الحصص العرقية والطائفية الذي أرسي بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 في تكوين الثروات والنفوذ بطرق ملتوية.

وأحدثت تلك الخطوة التي تهدف إلى إضعاف شبكات المحسوبيات التي تبقي على الثروة والنفوذ في أيدي الصفوة صدمة في المؤسسة السياسية التي تحكم العراق منذ الإطاحة بصدام حسين، ومنها حزب الدعوة، الذي ينتمي إليه العبادي نفسه والمجلس الأعلى الإسلامي العراقي والائتلاف الكردي.

وقالت مصادر على دراية بسير الأمور إن نائب الرئيس الأميركي جو بايدن والميجر جنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني،‭‭‭ ‬‬‬المسؤول عن حماية مصالح إيران في الخارج، أوضحا بالفعل قبل الإعلان عن التشكيل الوزاري العراقي الجديد، أنه ينبغي عدم القيام بأي محاولة لتنحية العبادي، حفاظا على قوة الدفع في الحرب على «داعش».

وبعيدا عن الولايات المتحدة وإيران، نال العبادي أيضا تأييدا من مصادر قوية في الداخل. فممثل المرجعية الدينية علي السيستاني بارك في الصيف الماضي قيامه بإصلاحات، بعد احتجاجات في الشوارع تطالب بتحسين الخدمات العامة.

وقال سجاد جياد، وهو محلل يقدم المشورة لرئيس الوزراء، إن الأميركيين والإيرانيين والسيستاني كان لهم جميعا الرأي نفسه: «يبقى العبادي في السلطة ويعين وزراء جددا».

وفي مساء الأربعاء الماضي، وقبل ساعات من إعلان العبادي عن تشكيلته الوزارية الجديدة، أشار المالكي إلى أن رئيس الوزراء قد يُطاح به بموافقة تكتلات أخرى، وفق ما صرح مسؤولون كبار.

وقال حسين الشهرستاني، وزير التعليم العالي في الحكومة المنتهية ولايتها، إن المالكي كان يطالب بتغيير كامل لمجلس الوزراء يشمل العبادي نفسه.

وذكر النائب البارز موفق الربيعي، أن الأمر بلغ بالمالكي حد أنه كان مستعدا لقبول شخصية تحل محل العبادي، حتى لو من خارج حزب «الدعوة».

ونفى متحدث باسم المالكي أن يكون قد حاول إبعاد العبادي، لكنه قال إن ائتلاف دولة القانون، الذي يتزعمه، لن يمنع أحزابا أخرى من أن تحل محله، ما دام سير العملية السياسية محفوظا.

لكن العبادي صمد، ودعمته دعوة أطلقها بايدن مساء الأربعاء، وقال جياد إن مغزاها كان «أنت أملنا الأخير في العراق».

وحين سُئل أحد مساعدي بايدن في واشنطن عن الدعوة امتنع عن التعليق، وقال: «أشارت الإدارة على جميع المستويات إلى أن مساعي إبدال رئيس الوزراء أو اتخاذ خطوات أخرى من شأنها أن تشل حركة الحكومة ستأتي بآثار عكسية تماما بالنسبة لاستقرار العراق والحملة المشتركة لدحر داعش». وقال دبلوماسي غربي إن المساعي الأميركية لضمان عدم سقوط العبادي كانت «حثيثة» في الأيام التي سبقت إعلان الخميس.

وقال الربيعي إن الأمر يتطلب استمرار هذا خلال الأسبوع الجاري، لاقتناص موافقة الأكراد والسُنة على الحكومة الجديدة.

ونقلت إيران رسالة مماثلة للمسؤولين العراقيين. وقال سياسي عراقي إن سليماني اجتمع مع ممثلين للمالكي ومع عمار الحكيم زعيم المجلس الأعلى الإسلامي العراقي.

وقال جياد: «كل من الأميركيين والإيرانيين يريد تجنب إزاحة العبادي عن منصبه».

تشجع العبادي أيضا في اتخاذ خطوة تغيير وزرائه، بعد ضغوط أنصار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.

فقد حشد أنصاره للاعتصام عند مدخل المنطقة الخضراء في بغداد، ثم بدأ هو نفسه اعتصاما لمدة خمسة أيام في خيمة داخل المنطقة الخضراء، لإرغام العبادي على تشكيل حكومة تكنوقراط، وحذر القيادات الحزبية من أنها ستواجه احتجاجات بالشوارع إن اعترضت سبيله.

فقدم العبادي للبرلمان تشكيلا وزاريا كاملا في يد، وتعديلا جزئيا في اليد الأخرى.

وأنهى الصدر الاعتصام بكلمة من خيمته أشاد فيها بخطوة رئيس الوزراء، ووصفها بأنها خطوة شجاعة.

والجمعة الماضي انسحب المرشح لمنصب وزير النفط تحت ضغط، فيما يبدو، من الزعماء الأكراد، الذين اعترضوا على عدم أخذ رأيهم فيمن سيمثلهم في التشكيل الحكومي.

لم تسعد معظم الجماعات السياسية بالترشيحات التي طرحت دون التشاور معها فيما عدا التيار الصدري، الذي رأى أن قائمة العبادي قابلة للتعديل، ما دام المرشحون الجدد غير منتسبين لأحزاب سياسية.

ويتوقع مشرعون ومحللون أن يرفض البرلمان ما يصل إلى نصف المرشحين في القائمة، لكن هذا لن يمثل مشكلة كبرى للعبادي، ما دام سيكون لديه في النهاية عدد كاف من الخبراء المستقلين سياسياً. وبعد نحو أربعة أشهر على اختطافه مع 26 صياداً قطرياً ومرافق باكستاني في بادية السماوة جنوب العراق، قالت وزارة الخارجية القطرية أمس إنه تم إطلاق سراح أحد المواطنين ومرافقه الآسيوي.

وقال مسؤول بوزارة الخارجية القطرية: «أحدهما باكستاني والآخر من أسرة آل ثاني الحاكمة ... والمفاوضات جارية لإطلاق سراح البقية».

back to top