تجاوزت القاهرة والدوحة «المطب»، الذي كاد يفجر الخلافات بينهما على خلفية معركة تعيين الأمين العام لجامعة الدول العربية، وسادت أجواء إيجابية بين البلدين حول إمكانية حدوث انفراجة في العلاقات المصرية القطرية برعاية سعودية.

Ad

عاد الحديث عن أجواء مصالحة بين مصر وقطر إلى الواجهة أمس بخاصة بعد ظهور الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني في صورة واحدة بجوار العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد، أثناء المشاركة في ختام مناورات «رعد الشمال» في السعودية أمس الأول.

وأكد مصدر مصري رفيع المستوى لـ«الجريدة» أن المملكة العربية السعودية تقود محاولات المصالحة المصرية القطرية، للعمل على تصفية الأجواء العربية العربية، والانتهاء من أي أزمات تعرقل العمل العربي المشترك، خاصة أن المنطقة العربية تواجه تحديات جمة في ملفات مصيرية فيما يخص الوضع في سورية واليمن وليبيا والعراق، وأن المصالحة تهدف إلى عودة العلاقات بين البلدين بشكل طبيعي.

وشدد المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه، على أن القاهرة لا ترفض أن تكون علاقتها طبيعية بأي دولة عربية، لكنها لن تتنازل عن شروطها وهي ألا تتحول الدوحة إلى مظلة لبعض القيادات الإخوانية الهاربة من أحكام قضائية، والتي تستخدم منابر الدوحة الإعلامية في الهجوم على القاهرة، مشيرا إلى أنه في حال نجحت الجهود السعودية الكويتية الإماراتية في إذابة الجليد بين القاهرة والدوحة، فإنه ربما يؤدي ذلك إلى زيارة الأمير تميم للقاهرة قريباً.

وتمر العلاقات المصرية القطرية بمرحلة توتر منذ ثورة «25 يناير 2011»، إذ أيدت الدوحة جماعة «الإخوان» حتى وصولها إلى الحكم، لكنها وقفت موقفاً سلبياً من ثورة «30 يونيو 2013» التي أطاحت نظام الرئيس «الإخواني» محمد مرسي، وترتبت عليها خريطة طريق أتت بالمشير عبدالفتاح السيسي رئيسا للبلاد، ولم تتورع قطر في وصفه إعلاميا بـ»الانقلاب»، ما أدى إلى جفوة بين القاهرة والدوحة مستمرة حتى الآن.

رد «الخارجية»

في الأثناء، لا تزال قضية العثور على جثة الطالب الإيطالي جوليو ريجيني في القاهرة، تلقي بظلالها، على علاقة مصر بأوروبا، إذ أعربت وزارة الخارجية المصرية أمس، عن أسفها لإقحام قضية مقتل ريجيني في قرار يتناول أوضاع حقوق الإنسان في مصر بما «يحمل إيحاءات مرفوضة، ويستبق عمليات التحقيق الجارية التي تقوم بها السلطات المصرية بالتعاون والتنسيق الكامل مع السلطات الإيطالية».

وقال المتحدث باسم الخارجية أحمد أبوزيد، في بيان له أمس، إن قرار الاتحاد الأوروبي لا يتفق مع حقيقة الأوضاع في مصر، ويعتمد على أحاديث وادعاءات مرسلة لا تستند إلى أي دلائل، وتابع: «من المؤسف أن تتعامل مؤسسات تشريعية عريقة مثل البرلمان الأوروبي مع اتهامات غير موثقة وتقارير إعلامية مرسلة على أنها حقائق».

وكان البرلمان الأوروبي وافق أمس الأول، على  قرار جاء فيه أن حادث مقتل الطالب الإيطالي «ليست بالحادث المنعزل، لكنه حدث في سياق من حالات التعذيب والموت في السجون والاختفاءات القسرية عبر أنحاء مصر في السنوات الأخيرة»، وطالب القاهرة بالتعاون في التحقيقات بشأن حادث ريجيني، الذي اختفى في 25 يناير الماضي بالتزامن مع الذكرى الخامسة للثورة المصرية، ثم تم العثور على جثته وعليها آثار تعذيب غرب القاهرة 3 فبراير الماضي.

وقالت وسائل إعلام إيطالية، إن محققين إيطاليين سيصلون إلى القاهرة بعد غد الاثنين، للقاء محققين مصريين يعملون على قضية ريجيني، في خطوة اعتبرت استجابة لدعوة البرلمان الأوروبي لمصر بالتعاون.

وفي إطار تنامي العلاقات المصرية الفرنسية، التي ستشهد دفعة بزيارة الرئيس فرانسوا هولاند إلى القاهرة الشهر المقبل، انطلقت أمس فعاليات المرحلة الرئيسية للتدريب المشترك بين القوات الفرنسية والمصرية «رمسيس 2016»، والتي تشارك فيها عناصر من القوات الجوية والبحرية للبلدين، وتستمر عدة أيام أمام سواحل مدينة الإسكندرية، وفي المجال الجوي المصري.

وتشهد العلاقات المصرية الفرنسية زخما في الأشهر الأخيرة، إذ زار السيسي باريس نهاية العام الماضي، في حين كان هولاند أحد أبرز المشاركين في افتتاح قناة السويس الجديدة في أغسطس الماضي، كما تم إبرام صفقة شراء مصر لـ24 مقاتلة فرنسية من طراز «رافال»، وفرقاطة متعددة المهام من طراز «فريم»، في فبراير 2015، ثم شراء مصر حاملتي طائرات ميسترال، في أكتوبر الماضي.

من جهته، أكد الخبير العسكري، اللواء عبدالناصر كاطو، لـ«الجريدة»، أن المناورات المصرية الفرنسية هدفها تأكيد قوة الجيش المصري في المنطقة، وهي فرصة للجانب المصري للاستفادة من الخبرات الفرنسية، خاصة أن المناورات تهدف إلى التنسيق بين مصر وفرنسا لتأمين منطقة جنوب البحر المتوسط، والتي تعد أحد أهم مراكز تصدير الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا.

أمنياً، وبينما تمكنت قوات الأجهزة الأمنية من ضبط 108 مشتبه فيهم و60 هارباً من تنفيذ أحكام في سيناء، أعلن مصدر أمني بوزارة الداخلية أمس، مقتل أحد المتهمين في حادث مقتل رئيس مباحث قسم ثان شبرا الخيمة، الرائد مصطفى لطفي محمد عبدالكريم، وقال إن المعلومات وردت بمكان اختباء المتهم محمد علام، وشهرته «محمد مشاكل»، الذي ما إن شعر باقتراب القوات، حتى أطلق وابلا من الأعيرة النارية، فبادلته القوات ما أسفر عن مقتله.

مصالحة

اقتصادياً، كشفت مصادر حكومية لـ«الجريدة» أنه نتيجة للأزمة الاقتصادية التي تمر بها القاهرة فإن هناك اتجاها لتفعيل قانون التصالح مع الدولة في قضايا الكسب غير المشروع، مع عدد من رجال الأعمال، ما تجلى على أرض الواقع بإعلان رجل الأعمال المصري المقيم في إسبانيا، حسين سالم، أنه سدد مبلغ 5 مليارات جنيه، سعيا للسماح له بالعودة إلى مصر ومتابعة أعماله، وأشارت المصادر إلى أنه من المحتمل التوصل إلى اتفاق مماثل مع عدد من رجال الأعمال في مقدمتهم رجل الأعمال وزير الصناعة الأسبق، رشيد محمد رشيد.