«التمييز»: حسن سمعة المرشح شرط واجب التطبيق
ألغت ترشيح محامٍ في الدائرة الأولى وأيدت قرار «الداخلية» حرمانه
قرار الاستبعاد صحيح صوناً لكرامة السلطة التشريعية وما يجب أن يتوافر في أعضائها من حسن السمعة
أكدت محكمة التمييز في حكم بارز لها أن شرط حسن السمعة يعد من الشروط التي يتعين توافرها فيمن يرشح لعضوية مجلس الأمة، واعتبرته شرطا مفترضا ومكملا لباقي الشروط الأخرى، ومستقلا بذاته عن الشرط المتطلب في الناخب.وقالت «التمييز» في حكمها، الذي أصدرته برئاسة المستشار محمد الرفاعي، والذي استندت إليه لجنة فحص المرشحين في شطب عدد من المرشحين للانتخابات التكميلية للدائرة الثالثة لعدم توافر شرط حسن السمعة بحقهم وستستند إليه في انتخابات مجلس الأمة 2017، لأن عضو مجلس الامة لا يمثل ناخبيه في الدائرة المقيد بها فقط بل يمثل الامة بأسرها ويمارس وظيفته بالنظر الى علو شأنها واهمية مسؤولياتها وواجباتها، وفي ما يلي نص حكم «التمييز» الذي أيد قرار وزارة الداخلية بحرمان محام من الترشح للانتخابات السابقة في الدائرة الأولى لعام 2013.قالت محكمة التمييز إن الوقائع تتحصل من أن المطعون ضده مرشح اقام على الطاعن، بصفتها وزارة الداخلية وإدارة الانتخابات، بطلب الحكم بإلغاء القرار الصادر بتاريخ 10/7/2013، وإلغاء جميع الآثار المترتبة عليه وأخصها ادراج اسمه في جدول المرشحين في الانتخابات المقررة لاختيار اعضاء مجلس الأمة بتاريخ 27/7/2013، وذلك على سند من انه توافرت فيه الشروط المقررة للترشيح لعضوية مجلس الامة.قبول الطعن وأضافت المحكمة أن الطاعن تقدم بأوراقه مستوفاة للترشيح لهذه الانتخابات المشار اليها حيث تم قبول طعنه، الا انه فوجئ بصدور القرار المطعون فيه متضمنا شطب اسمه من قائمة المرشحين دون مسوغ قانوني، ونعى على هذا القرار مخالفة للدستور والقانون وصدوره مشوبا بالتعسف في استعمال السلطة مما دعاه الى اقامة دعواه بطلباته سالفة البيان بتاريخ 21/7/2013، وحكمت محكمة اول درجة برفض الدعوى، فاستأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 2137/2013 اداري/1 بتاريخ 24/7/2013 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف بإلغاء القرار المطعون فيه وما ترتب على ذلك من آثار. وأشارت أن الطاعنين (بصفتهما) على هذا الحكم بطريق التمييز، وأودعت نيابة التمييز مذكرة ابدت فيها الرأي بتمييز الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة- في غرفة المشورة- حددت جلسة لنظره وفيها صمم الطاعنان على طلباتهما وطلب المطعون ضده رفض الطعن والتزمت النيابة رأيها.وقالت «التمييز» في حيثيات حكمها، ان الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال وفي بيانه يقولان ما حاصله ان الحكم المطعون فيه اذ قضى بإلغاء القرار المطعون فيه على سند من عدم فقد المطعون ضده لشرط حسن السمعة الذي يجب أن يتوافر في عضو مجلس الامة على الرغم من صدور احكام جنائية ضده في موضوع جنح اصدار شيك بدون رصيد حتى وان كان قد قضى فيها بالإعفاء من العقاب لسداده المبالغ محل هذه الشيكات بحسبان أن الاعفاء من العقاب ينصرف الى عدم تنفيذ العقوبة لا نفي وقوع الجريمة الثابتة في حقه، هذا بالاضافة الى ان بعض الجرائم التي اتهم بارتكابها قضي فيها بوقف تنفيذ العقوبة وهو ما يجعله غير مستجمع لشروط الترشيح.كرامة السلطة التشريعية وتابعت: ومن ثم فإن القرار المطعون فيه باستبعاد المطعون ضده في كشوف المرشحين يكون قائما على سبب صحيح بعدما ثبت من صحيفته الجنائية فقده لشروط الترشيح، وذلك صونا لكرامة السلطة التشريعية وما يجب ان يتوافر في اعضائها من حسن السمعة، ضمانا لتمثيلهم للامة في مجلسها النيابي على النحو الذي اشترطه الدستور والقانون، واذ لم يفطن الحكم المطعون فيه الى ذلك فانه يكون قد صدر مشوبا بالفساد في الاستدلال ومخالفا للقانون وهو ما يعيبه ويستوجب تمييزه.وذكرت «التمييز» في حكمها «وحيث ان هذا النعي سديد. ذلك انه وان كان دستور دولة الكويت والقانون رقم 15 لسنة 1962 في شان انتخابات اعضاء مجلس الامة قد وردا خلوا من إيراد شرط حسن السمعة ضمن الشروط التي يتعين توافرها ممن يرشح نفسه لعضوية مجلس الامة الا ان ذلك لا يعني الاعفاء منه باعتباره شرطا أوليا مفترضا فيمن يرشح نفسه لتمثيل الامة في مجلس الامة، وهو شرط لازم يجب توافره فيه، ومن ثم يكون مكملا لباقي الشروط الاخرى ومستقلا بذاته عن الشرط المتطلب في الناخب بألا يكون قد حكم عليه بعقوبة جنائية أو في جريمة مخلة بالشرف والامانة، باعتبار ان عضو مجلس الامة لا يمثل ناخبيه في الدائرة المقيد بها، بل يمثل الامة باسرها، ويمارس وظيفته بالنظر في علو شأنها واهمية مسؤولياتها وواجباتها. وتابعت: ومن جهة اخرى فإن القانون وإن لم يورد تعريفا جامعا لما يعتبر من الجرائم مخلا بالشرف او بالامانة او يحدد أسبابا لفقدان حسن السمعة قاصدا بذلك وان يكون محلا للتقدير في بعض الحالات في هذا الشأن من المرونة لما يواكب تطورات المجتمع وأن تكون هي بذاتها مما ينظر اليها المجتمع على انها تفقد المرشح حسن السمعة، وتختلف هذه النظرة في ضوء كل حالة على حدة وبحسب الظروف التي تمت فيها وما يتكشف من وقائعها من افعال وما ينعكس منها سلبا على سيرته وسلوكه. وأوضحت أن شرط حسن السمعة لا يخرج عن كونه مجموعة من الصفات والخصائص التي يتحلى بها الشخص فتكسبه الثقة والاحترام بين الناس وتجنبه قالة السوء او ما يمس الخلق، ومن ثم لصيقة بشخصه ومتعلقة بسيرته وهي صفات من اوجب وألزم ما ينبغي ان يتصف بها كل مرشح لعضوية مجلس الأمة وهي من المبادئ السامية والمثل العليا التي تواضع التي على اجلالها واعزازها في ضوء ما تفرضه قواعد الدين ومبادئ الاخلاق والقانون السائدة في المجتمع، وإزاء ذلك فقد ترك امر التقدير في هذا المجال للجهة المنوط بها فحص طلبات الترشيح لانتخابات مجلس الأمة للتحقق من ان المرشح قد استجمع الشروط والصفات المتطلبة أو فقدها- ذلك تحت رقابة القضاء فيما يصدر منها من قرار اما بإدراج اسمه في كشوف المرشحين او باستبعاده حال تخلف احد هذه الشروط.4 أحكام جنائية نهائيةوبينت المحكمة في حيثيات حكمها أنه لما كان ذلك وكان الثابت ان المطعون ضده تقدم بطلب للترشح في انتخابات مجلس الامة التي كان مقررا إجراؤها بتاريخ 27/7/2013 إلا انه قد صدر القرار المطعون فيه متضمنا عدم ادراجه بكشوف المرشحين لهذه الانتخابات وفقا لما ابدته الجهة المختصة من سبب لقراراها من انه افتقد شرط حسن السمعة لصدور عدد أربعة احكام جنائية نهائية ضده بالادانة من قضايا جنايات عامة وجنايات اموال عامة في شيكات بدون رصيد وجنح شيكات في جرائم اصدار شيكات بدون رصيد، وقد قضى في الثلاث الأولى منها بعدم النطق بالعقاب وفي الجنحة الاخيرة بوقف تنفيذ العقوبة المقضي بها وهي الحبس ستة اشهر بعدما قضى بعدم قبول الطعن عليه بمحكمة التمييز، بوقف تنفيذ العقوبة.الاستبعاد له ما يبررهوذكرت المحكمة أنه لما كان شرط حسن السمعة من الشروط المتطلبة للترشيح وثبت انتفاؤه من ارتكابه العديد من جرائم شيك بدون رصيد خاص الاخيرة منها لما لها من تأثير في الثقة المفترضة فيه التي تتأبى بطبيعتها من أن تتعرض لأي مسلك من شأنه أن يهز تلك الثقة او ينال منها صدور حكم في جنائية أو في جريمة مخلة بالشرف او الامانة، ويعد من بينها ثبوت ارتكاب المرشح لجريمة اصدار شيك بدون رصيد في مثل هذه الحالة مما يمس سمعته ونزاهته بتكراره ارتكاب الفعل في فترات زمنية متباعدة، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه بعدم ادراج اسمه ضمن كشوف المرشحين المقبولين لخوض انتخابات مجلس الامة بتاريخ 27/7/2013 يكون قد صدر والحالة هذه على سبب يبرره من واقع ما نسب إليه من أمور تمس سمعته، واذ خالف الحكم المطعون فيه هذا التطبيق وقضى ضده لا تفقده شرط حسن السمعة واستجماعه لشروط الترشيح فانه يكون مشويا بالفساد في الاستدلال والقصور الذي جره الى مخالفة القانون مما يوجب تمييزه.وقالت المحكمة «وحيث إنه عن موضوع الاستئناف اداري/1 وهو صالح للفصل فيه ولما تقدم وكان الحكم المستأنف قد التزم النظر السابق بيانه اذ قضى بمشروعية القرار المطعون فيه ومن ثم رفض دعوى المستأنف مما يتعين معه القضاء برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف».