لم تتوقف الصحافة الأميركية والأوروبيّة عن تدبيج مقالات وإجراء حوارات مع مليندا غيتس، ووصفها بالمرأة الأُولى بين نساء العالم اللواتي يتمتَّعن بقُدرات ماليّة وإداريّة لافتة لوضع مشاريع إنسانيّة وخيريّة، تفوق بكثير ما يستطيع بعض الدول القيام به.
تؤمن مليندا فعلاً بأنّ مؤهلات المرأة القيادية بشكل عام تساعدها على إدارة أي مؤسسة وإنجاحها.من هي مليندا؟تبلغ من العمر 51 عاماً. ولدت مليندا في مدينة دالاس، نالت شهادة البكالوريوس في علم الحاسوب والاقتصاد، ثم حصلت على ماجستير إدارة الأعمال من جامعة ديوك في عام 1987.وسرعان ما التحقت بمؤسّسة مايكروسوفت، وشاركت في كثير من مشاريعها التطويريّة، ما جعلها في مقدّمة البارزين. وتشاء المصادفة أن تلتقي بيل غيتس في مؤتمرِ عملٍ عقدته شركة مايكروسوفت، لتدوم علاقتهما بعدئذ إلى أن تزوجا في عام 1994، وأنجبا ثلاثة أولاد.مؤسسة غيتسقررت مليندا العودة إلى العمل الإنسانيّ. بعدما غدا زوجها بيل غيتس أغنى رجل في العالم، وبعدما زارت القارة الأسيويّة والقارة الإفريقيّة، وشاهدت بأُمّ العين مآسي تلك الشعوب، وحاجتها إلى أبسط مقوّمات العيش أنشأت مع زوجها "مؤسسة بيل ومليندا غيتس للأعمال الإنسانيّة والخيريّة، فتصاعدت ميزانيّة المؤسسة لتفوق ما يعادل 40 بليون دولار أميركي في عام 2014.وفي نشرة للمؤسسة صدرت مطلع 2015، توزعت تقديماتها كالآتي:1،9 بليون مجموع المساعدات التنمويّة لمختلف البلدان.1،1 بليون مجموع المساعدات الصحيّة في مختلف الحقول.513 مليوناً للتخطيط ووضع البرامج في الولايات المتحدة.200 مليون مجموع المساعدات السياسية وتأييدها.41 مليوناً لتحسين وسائل الاتصال.69 مليوناً للإحسان والعطاءات الإنسانية المختلفة.وبلغ مجموع ما قدَّمته خلال سنة 3،9 بليون دولار أميركي.إنقاذ الآلافشاهدت مليندا "البوليو”، و”المالاريا”، و”السيدا” تفتك بآلاف الأرواح في الهند، وفي بلدان أفريقية أخرى، فأولت الموضوع اهتمامها الشديد وراحت تدعم الأبحاث الطبيّة مع شركات اللقاح ضد هذه الأمراض، وتبعث معونات طبيّة إلى الأمكنة المصابة، فأنقذت المصابين من أطفال ومن شيوخ، وهي لا تزال تولي هذا الحقل اهتمامها الخاصّ، وتطلّع على مجريات الإصابات وسُبل مواجهتها بالوسائل العلميّة والوقائيّة.محاربة الجهلورأت مليندا في الوقت عينه أن الجهل ينتشر كما تنتشر الأوبئة، وما يصيب المرأة في تلك المجتمعات يفوق بكثير ما يصيب الرجل. فإن نسبة 6/10 من النساء جائعات ونسبة 1/6 يمتن في مرحلة الكهولة، والثلثين منهن أُميات، لذا أمدّت القُرى والمدارس بكل ما يلزمها من أدوات تعليميّة وتربويّة ووسائل نقل ونظافة.أمّا في المجال التربويّ الأوسع فقد خصّصت مبالغ وافرة لابتكار البرامج الملائمة، وتعزيز الأبحاث العلميّة، وتوفير الفُرص المناسبة للطلاب المتَفوقين.اعتراف عالمي وتكريميمكن القول إن مليندا غيتس هي "الرحالة الإنسانيّة” التي لا تهدأ ولا تستقرّ. فبينما هي تلقي محاضرة في ألمانيا عن الأُسرة، ودور المرأة المتقدّم في المجتمع، إذا بها تُحلٍّق لتطّلع على أَحد مشاريعها في إثيوبيا.وتكريماً لهذه الجهود، بدأ العالم يعترف بقدراتها على النهوض بالمرأة في مختلف الميادين. في عام 2005 اعتبرت مجلة "تايمز” أن بيل ومليندا غيتس شخصيتا العام، ووضعت مجلة "فوربس” مليندا في المرتبة 12 من بين أثرى نساء العالم في عام 2006، نالت مع زوجها مدالية "نسر الأزتيك” لدعمها البرامج التربوية في المكسيك في العام نفسه. واعتبرت مجلة "بزنس الأسبوعية” أن الزوجين غيتس هما الأكرم في الولايات المتّحدة في مجال التبرعات. أما في عام 2013 فنالت مليندا دكتوراه فخرية من جامعة "ديوك”، ونالا معاً من الحكومة الهنديّة وسام الشرف "بدما بوشان” في عام 2015.مليندا والمستشارة الألمانيةلدى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي ظلت على مدى خمسة أعوام المرأة الأقوى في العالم، هوس بإبراز المرأة القائدة في جميع الحقول. فأوجدت مناسبة لتجمع حولها ما يزيد على 20 امرأة بارزة، وتكرّم من خلالها مليندا غيتس. وكان بين الحاضرات: مديرة منظمة الصّحة العالميّة مارغريت شان، والمديرة التنفيذية لشركة جنرال موتورز ماري بارا، ورئيسة وزراء النرويج غيرنا سولدبرج، ورئيسة وزراء الدنمارك السابقة هيل ثورنيج-شميدت، وحائزة جائزة نوبل للسلام رئيسة ليبيريا إيلين جونسون سيرليف، وملكة الأردن رانيا العبدالله.جلست مليندا إلى الطاولة المستديرة قبالة المستشارة الألمانية، وتخلّل هذا اللقاء غير العادي خطابٌ، ألقته عن قُدرات النساء والفتيات على إدارة شؤون المجتمع بشتى أنواعها، وبعد عرضها لبعض التجارب والأحداث التي مرّت بها قالت: "عندما تولون المرأة دوراً قيادياً، تأكدوا أنّها ستقوم به على أكمل وجه”.
توابل - EXTRA
مليندا غيتس... أقدر امرأة على صناعة الخير
11-03-2016