التاريخ هو الحصيلة الإجمالية لأشياء كان من الممكن تفاديها (كونراد أديناور)

Ad

هل يعيد التاريخ نفسه دائماً؟ أو يتكون من جديد بصورة أخرى تتشابه فقط من حيث العمق الفكري والسياسي والعقدي؟

دراسة التاريخ الحديث تثير شجونا في النفس، تقفز إلى ميادين الماضي متوطدة بهمهمات الشوق لما سبق من تليد الماضي، فالتاريخ ليس دراسة أكاديمية فقط، أو حتى قراءة تمر مرور الكرام، بل هو وعاء الماضي، ترجع إليه عندما تتعقد أمور الحاضر، وأيضا عندما تريد أن تستشرف آفاق المستقبل، ملتمسا الحلول عبر مواقف مشابهة مرت.

"العرق قتال"... عبارة يقولها بسطاء الناس للتعليق على حدث ما ربما كانت له سابقة أو دلالة في تاريخ الشخص صانع الحدث إيماء إلى أنه تأثر بماضيه، فوقف هذا الموقف، أو حتى تأثر بتاريخ أمه أو أبيه، إن كانا من عرقين مختلفين.

هذا في التاريخ الفردي الضيق، فما بالك بتاريخ الأمم والبلدان، والأعراق البشرية، ستجد نفسك أمام تاربخ كبير، وهائل وضخم يضم الآلاف بل الملايين من قصص الماضي.

أتذكر أن أحد أساتذة التاريخ قيل له إن التاريخ يكتبه المنتصرون، فأجاب بالنفي!، لماذا؟ قال: إن المؤرخين باستطاعتهم تحديد الواقع الحقيقي، الذي يختلف عما كتبه المنتصر آنذاك، وشرح بأن سبر أغوار تاريخ الحادثة، وربطها بحوادث متقاربة، بالإضافة إلى بحث سلوكيات معينة تأثرت أو أثرت على المرحلة المستهدفة قد تقود الباحث التاريخي إلى فك خطوط الحدث بشكل أفضل، وقد يأتي بالنتيجة التاريخية الحقيقية 100في المئة.

التاريخ لايكذب، وإن تم تجميله أحيانا، لكنه يبقى شاهدا ومرجعا، لكل من أراد استنباط العبر والدروس، وسيبقى ما بقيت البشرية، وسيكون الشاهد الحقيقي لأمم عاشت ثم بادت، ولملوك ملكوا الدنيا وما فيها، ثم تواروا في الثرى في انتظار حكم الخالق عز وجل في يوم لا ينفع مال ولابنون إلا من أتى الله بقلب سليم. قال تعالى: "وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ". (آل عمران ـ آية 140).