نحو الحوار والتعاون البناء
تحتفل إيران هذه الأيام بإطلالة الذکری السابعة والثلاثين لتأسيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية وانتصار إرادة الشعب بقيادة الإمام الخميني الراحل رحمه الله، في ثورتها، حيث تسعی جاهدة لتحقيق القيم الإنسانية وتسامي المحبة والألفة لا بين المسلمين فحسب، بل بين کل أبناء البشرية.إن التطورات والإنجازات العلمية والثقافية التي تحققت طوال هذه السنوات في ظروف الحصار والمقاطعة لا يمکن إحصاؤها، حيث تشهد إيران قفزة نوعية في مشارکة الشباب في الأولمبيادات العلمية الدولية وإنجاز البحوث العلمية الأکاديمية وتطور التكنولوجيا النووية وعلوم النانو وإطلاق الأقمار الاصطناعية وتضاعف عدد الجامعات ومراکز الأبحاث، وان ما تحققه بلادنا من إنجازات علمية وتقنية بيد علمائها الشباب هو ملك لكل الدول الإسلامية الصديقة، ولاسيما دول الجوار الشقيقة.
ونستذکر ما حصل أخيرا من نجاح إيران من خلال سلوك حضاري في امتلاك حقها النووي وهي حاورت مجموعة القوی الكبری في العالم، وحرصت على أن تظهر بنفس مستوی الدول الكبری وبشکل متکافئ ومماثل، مستندة علی إيمانها بإسلامها الحنيف وإرادة شعبها الأبي. وإن رفع العقوبات يمثل شهادة دولية علی سلمية کافة المشاريع التي أنجزتها إيران طوال عمر جمهوريتها، مما يستلزم قبول منهجية الحوار في حل جميع الأمور الصعبة، فالحوار الجاد لم يعد ترفا، بل هو واجب غير قابل للتسويف أثبت جدواه خلال مباحثات إيران مع مجموعة دول 5+1.وإن إيران التي حاورت "السداسية الدولية" بنجاح علی استعداد لحوار سداسية أخری في الإقليم بکل صدق وشفافية، بل لحوار سباعي أو ثماني بين جميع دول حوض الخليج الفارسي کافة يبنی عليه ازدهار الإقليم وتنميته اقتصادياً وتجارياً بعيدا عن النظريات العدائية التقليدية، فكفانا حروبا ومعارك شهدتها المنطقة طوال العقود الثلاثة الماضية. إن منطقتنا أمام مفترق طرق، فإما أن تختار مسار التخندق الطائفي وتأجيج الفتن وتکريس التشرذم والتفرق والذي أنتج الإرهاب والتكفير، وإما أن نحسن النوايا ونسعی لبناء الثقة ولم الشمل ورص الصف وإطلاق مشاريع التنمية والبناء الذي ينبه العلم والتفكير في ظل مناخ سلام وتعايش أخوي.فإنه لمن الحكمة أن يتعايش الجيران بسلام ويتقبل أحدهم الآخر، وأن يفتشوا عن القواسم المشترکة بينهم لأننا نعتقد أنه لا يمكن أن يعيش الجار سعيداً علی حساب جاره، کما علمنا الإمام علي عليه السلام بقوله: "سل عن الجار قبل الدار".وفي ما يخص العلاقات الأخوية بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية ودولة الكويت الصديقة فإنها تسير بخطی راقية من خلال مسيرة التعاون البناء والجاد، واستناداً للإرادة السياسة لقيادة البلدين الحكيمة من سماحة الإمام الخامنئي وفخامة الرئيس د. روحاني، وسمو الأمير الشيخ صباح الأحمد (حفظهم الله)، ولا يفوتني في هذه المناسبة أن أهنئ أهلنا في دولة الكويت الشقيقة بعيدي الاستقلال والتحرير، حيث يعتبر تزامنها مع العيد الوطني الإيراني شاهداً علی تآخي البلدين، کما أن لمناسبة هذا العام طعما متميزا آخر، وهو إطلاق احتفالية الكويت عاصفة للثقافة الإسلامية، مما يؤکد دورها الثقافي المتمثل في نهجها الوسطی المنفتح.وأحيطكم علماً بأن هذه الاحتفالية سوف تواصل عطاءها عبر اختيار مدينة مشهد عاصمة للثقافة الإسلامية في عام 2017، ليكون دليلا آخر علی سلسلة الوشائج الثقافية والتواصل المعرفي الذي يربط بلدينا الجارين المسلمين.