لبنان ذلك البلد الجميل، وشعبه المبدع ذو الأفضال الثقافية والعلمية والحضارية على العالم العربي، لا يمكن أن يبغضه أحد أو يتمنى لهُ السوء، ولكن لبنان ذاك فيه شريحة تحمل مشروع الشر والقتل والدمار لأمتها، وخاضت في دماء أبناء الأمة العربية حتى ركبها، وها هي الشام بمدنها حمص والقصير وحلب وريف دمشق، وغيرها، أجساد أبنائها مدماة بمخالب ميليشيات ما يسمى بحزب الله اللبناني، ولم تسلم معظم الدول العربية من جرائم التنظيمات السياسية اللبنانية في البحرين والكويت واليمن ومصر والعراق... إلخ، فشرور لبنان ماركة مسجلة في العالم العربي.

Ad

 منذ أمد طويل ولبنان عبء على أمته العربية، تداويه فيطعنها، تبلسم جروحه فيرش أبناء الأرز الملح على جروح العرب، والآن تقوم طائفة منه بأخطر دور في التاريخ العربي، ربما يسقط هذه الأمة وينهيها، تساهل العرب، وخاصة الخليجيين منهم، مع جرائم بعض أبناء ضواحي بيروت وإمدادها بالمال والدعم لأسباب، اسمحوا لي أن أسميها "غبية"، انقلبت علينا وبالاً في البحرين والسعودية والكويت والإمارات، وعلى جيراننا ومجالنا الحيوي الذي يشكل أمننا القومي في اليمن والعراق وسورية.

 فمنذ مقتل رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري في عام 2005، وطائفة من الكتاب والمراقبين السياسيين- وكنت أنا أحدهم– يقولون إن لبنان سقط تحت حكم إيران عبر ذراعها حزب الله، وإن أميركا لا تمانع في ذلك جدياً، بل تريد ترسيخ حزب الله في لبنان، ليكون قاعدة لانطلاق حرب مذهبية شيعية- سنية للانتقام من السُنة بسبب أحداث 11 سبتمبر 2001، وهذا ما حدث بالفعل عندما تخلت واشنطن عن حلفائها في لبنان، عند اجتياح حزب الله لبيروت في 7 أيار 2008، ولاحقاً دفعتهم جميعاً للذهاب إلى قطر للتوقيع على اتفاق الدوحة بحضور وفد إيراني، أعتبره وثيقة استسلام لطهران، وهو الحدث الفصل الذي سرع المشروع الفارسي في المنطقة، وهو الاتفاق الذي انقلب عليه حسن نصرالله بعد عدة شهور، لأنه مع طرف مهزوم ودون غطاء دولي فاعل.

 لو ترك العرب حزب الله في أيار 2008 في شوارع بيروت دون توقيع اتفاق استسلام معه، لكانت أزمته كبيرة حالياً، ولكان إلى الآن مشغولاً بوضعه الداخلي الذي لن يسمح له بالذهاب إلى سورية والعراق واليمن، ولكن العرب تعرضوا للعبة خداع كبيرة من واشنطن بشكل أساسي وعدة دول غربية، فقد أنقذوا جزءاً من بيروت وخسرنا سورية لاحقاً، ويا لها من خسارة في حسابات الأمم.

ما حدث من أخطاء شنيعة في التعامل الخليجي مع لبنان لا يمكن العودة لهُ الآن وتصحيحه، ولكن الرياض اليوم بقيادة "الحزم" المتمثلة في الملك سلمان بن عبدالعزيز تقرأ الأحداث بشكل صحيح، وقررت أن تواجه سياسات الخداع وإلهاء الأمة العربية حتى تقع عليها الواقعة المدمرة دون أن تعي أو تقاوم، لذا نرجو من الرياض أن تكون حاسمة في قلع شوكة لبنان من خاصرتنا العربية، وأن تحث أشقاءها الخليجيين على ذلك، فكل دولار خليجي يرسل إلى لبنان أو مودع في بنكها المركزي يصب في مصلحة حزب الله، ويرتد علينا شراً، وسلباً على أمننا الخليجي، نتيجة لما يجري في سورية والعراق واليمن والبحرين.

 ونقول للشعب اللبناني نحن معكم قلباً وقالباً، بعد أن تستردوا بأيديكم ودمائكم وطنكم وقراركم السيادي من الاحتلال الإيراني، ولا يمكننا أن نستمر مع جماعة 14 آذار التي تلعب سياسة وتبحث عن الكراسي والامتيازات وتوقيع العرائض، بينما على الأرض الجيش اللبناني يحمي ممرات قوافل ميليشيات حزب الله المتوجهة لقتل الشعب السوري، وغرف القيادة الإيرانية في الضاحية الجنوبية التي توجه الفتن والحروب في البحرين والأحساء واليمن لتستهدف العرب جميعاً في النهاية، ليكتمل المشروع الفارسي بمباركة أميركية وأوروبية.