تتضمن أهداف التنمية المستدامة التي تبناها المجمتع الدولي في سبتمبر التزاما بتوفير التعليم الابتدائي والثانوي المجاني لكل طفل بحلول سنة 2030، وإن إيجاد مبلغ العشرين مليار دولار أميركي الإضافية كل عام أو أكثر من أجل الوفاء بهذا الالتزام هو أحد الأهداف الرئيسة للمفوضية الدولية لتمويل فرصة التعليم العالمي.
لقد قامت رئيسة الوزراء النرويجية بتأسيس تلك المفوضية في سبتمبر الماضي بالتعاون مع رؤساء مالاوي وتشيلي وإندونيسيا ومدير عام اليونسكو، ومن بين أعضائها خمسة رؤساء دول ورؤساء وزراء سابقين وثلاثة وزراء مالية سابقين وستة من الفائزين بجائزة نوبل، وثلاثة من أنجح رجال الأعمال في العالم (جاك ما وأليكو دانجوتي وسترايف ماسيويا)، وهؤلاء سيقومون بإحالة ما توصلوا إليه إلى أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون، والمؤسسين المشتركين في سبتمبر، ولقد اجتمعنا في لندن بتاريخ 24 يناير من أجل أن نرسم طريقا للأمام.إن التحدي كبير وصعب، فهناك نحو 60 مليون طفل في سن التعليم الابتدائي لا يحصلون على التعليم الرسمي، ومن بين نحو 590 مليوناً يذهبون إلى المدرسة يفشل نحو 250 مليون تلميذ منهم، كل اثنين من خمسة تقريبا، في تعلم أساسيات القراءة والكتابة والحساب، ونحو 60% من طلاب المدارس في الدول النامية غير ملمين بالمعايير الأساسية للرياضيات.لو استمرت الاتجاهات الحالية فالأطفال بحلول سنة 2050 في معظم مناطق العالم سيبقون في المدارس لعشر سنوات أو أكثر بالمعدل، مقارنة بثلاثة أعوام سنة 1950، لكن بعض الدول في إفريقيا لا تزال تتخلف بشكل كبير عن الركب، حيث إن معدل بقاء الأطفال فيها في المدارس يتراوح بين 3 إلى 4 سنوات، ولو بقينا نعمل على النحو المعتاد فإن الأمر سيستغرق أكثر من مئة عام، أي حتى القرن الثاني والعشرين، قبل أن يتم منح كل طفل فرصة إكمال دراسته.وبينما تلعب مستويات التعليم دورا متزايدا في النمو الاقتصادي فإن التمويل المطلوب من أجل رفع تلك المستويات لم يتحقق، فلقد انخفضت المساعدات التنموية العالمية للتعليم بنحو 10% في السنوات الأخيرة وإنفاق الحكومات في الدول المنخفضة الدخل لم ينجح في سد الفجوة.لقد كان التعليم سنة 2002 يشكل 16% من إجمالي الإنفاق المحلي في الدول الفقيرة، واليوم فإن هذا الرقم هو 14% فقط، وفي الوقت نفسه زادت نفقات الصحة من 9% إلى 11% من إجمالي الإنفاق، ولعل ما يجعل الأمر أكثر سوءا أنه في العديد من البلدان التي هي في حاجة ماسة للتعليم، بما في ذلك باكستان ونيجيريا، تنفق الحكومات القليل جدا عليه (أحيانا مبلغ قليل جدا يصل لما نسبته 2% من الدخل القومي).وحتى عندما تتوافر النقود لا يتم إنفاقها بإنصاف، ففي الدول المنخفضة الدخل يُنفق نحو نصف التمويل المخصص للتعليم على نسبة الـ10% الأكثر تعليما من الأطفال، والقليل يصل إلى أطفال الشوارع أو الأولاد والبنات في المناطق الريفية النائية أو مناطق الصراع أو الأحياء الفقيرة في المدن.طبقا لليونسكو فإن النسبة والتناسب بين التلاميد والمعلمين المؤهلين في جمهورية إفريقيا الوسطى وتشاد وغينيا بيساو وجنوب السودان هي أكثر من مئة لواحد، وهؤلاء المعلمون يتلقون القليل من الدعم أو التشجيع أو التعليقات على عملهم، ومما لا شك فيه أن المعلمين الجيدين هم المفتاح من أجل تحقيق جودة التعليم، لكنهم لن يتمكنوا من عمل الكثير بدون الإشراف المتقن والمناهج المنظمة بعناية والقدرة على الوصول للتكنولوجيا.وإن مصطلح "التعليم العالمي" لن يعني شيئا بدون أن يُطبق على الأطفال الذين يعيشون في الأكواخ وخيم اللاجئين، وعند الحروب أو الأزمات فإن المجتمع الدولي عادة ما يخصص الأموال، وهو محق في ذلك من أجل الطعام والمأوى والرعاية الصحية، ولكن في الكثير من الحالات فإن تمويل التعليم هو شيء ثانوي فقط، ونظراً لأن اللاجئين يقضون أكثر من عشر سنوات بعيدين عن أوطانهم بالمعدل فإنه لا يمكن السماح لهذا الإهمال بالاستمرار.لحسن الحظ أُحرز تقدم في هذا المجال، ففي تجربة مثيرة للاهتمام في لبنان تم تبني أسلوب الدوام على فترتين في المدارس من أجل استيعاب اللاجئين السوريين في البلاد، فالأطفال المحليون يذهبون للمدارس في الفترة الصباحية في حين يدرس الطلاب السوريون من اللاجئين في الصفوف الدراسية نفسها في الفترة المسائية.لقد حقق البرنامج نجاحا مذهلا، حيث وفر التعليم لنحو 207 آلاف طفل كانوا سيحرمون من التعليم لولا هذا البرنامج، كما توجد خطط لتوسيع هذا البرنامج لتغطية مليون طفل في لبنان وتركيا والأردن، وإن أكبر عقبة لمثل هذه الإنجازات المذهلة عادة ما تكون نقص الأموال.لقد شُكلت المفوضية الدولية لتمويل التعليم العالمي من أجل دعم مثل هذه الجهود، وقدم رئيس اليونسيف أنتوني لايك ورئيسة اليونيسكو إيرينا بوكوفا ورئيسة الشراكة العالمية للتعليم جوليا جيلارد دعمهم لبرنامج من أجل توفير التعليم في الحالات الطارئة، وهو اقتراح آمل أن يُقدَّم رسميا في القمة الإنسانية العالمية في تركيا في مايو، لأن هدفي يتمثل بأنه بحلول نهاية العام سيكون لدينا جدول زمني لتوفير التعليم الابتدائي والثانوي لكل طفل في العالم والتمويل من أجل تحقيق هذا الهدف المهم للغاية.* غوردون براون ، رئيس وزراء ووزير مالية سابق في المملكة المتحدة، وهو يعمل حاليا كمبعوث الأمم المتحدة الخاص للتعليم العالمي، ورئيس المفوضية الدولية لتمويل فرصة التعليم العالمي.«بروجيكت سنديكيت» بالاتفاق مع «الجريدة»
مقالات
خطة دفع للتعليم العالمي
28-01-2016