حبست مصر أنفاسها 7 ساعات، أمس، لتراقب أغرب حادثة خطف طيران، حيث تمت من دون استخدام أي سلاح، ولم يعلن الخاطف أي مطالب محددة. وتنفس المصريون الصعداء، بعد أن انتهت الأزمة من دون أي إصابات وبأقل أضرار ممكنة، إلا أنها أعادت طرح مسألة الإجراءات الأمنية في المطارات المصرية.

Ad

عاش المصريون، أمس، 7 ساعات من التوجس والترقب، بعد أن خطف رجل، يبدو أنه مضطرب نفسياً، ويدعى سيف الدين مصطفى، طائرة تابعة لشركة «مصر للطيران» صباح أمس، وأجبرها على تغيير مسارها إلى مطار لارنكا في قبرص، مهدداً بتفجير نفسه، في أغرب حادثة خطف طائرة، قبل أن يسلم نفسه للسلطات القبرصية، ويتم الإفراج عن كل الركاب سالمين بعد نحو 7 ساعات من التفاوض، من دون فهم دوافع الخاطف ولا مطالبه.

حزام مزور

وأعلنت السلطات القبرصية ان خطف طائرة الإيرباص إيه-320 التي كانت تقوم برحلة بين الإسكندرية والقاهرة، ليس له علاقة «بالارهاب».

وقال وزير الطيران المدني المصري، شريف فتحي، إن جميع ركاب وأفراد طاقم طائرة مصر للطيران التي اختطفت صباح الثلاثاء الى لارنكا «بخير».

وأضاف: «كانت لدينا شكوك قوية أن الحزام هيكلي، ولكننا تعاملنا على أنه حقيقي».

فيديو التفتيش

كما نشرت وزارة الداخلية المصرية على صفحتها على فيسبوك صور ومقطع فيديو يظهر فيه المصري سيف الدين مصطفى وهو يخضع للتفتيش قبل صعوده الى الطائرة، ومرور حقيبة يده على جهاز التفتيش الإلكتروني.

الاستسلام

وبعد حوالي 8 ساعات من التوتر، خرج خاطف الطائرة حوالي الساعة 15:00 بالتوقيت المحلي (12:00 ت.غ) من الطائرة الجاثمة في مطار لارنكا، رافعا يديه.

وقام شرطيان بتمديده أرضا وتفتيشه على مدى دقيقتين قبل اقتياده. وقال الخاطف حين قام باختطاف الطائرة إنه يحمل حزاما ناسفا.

مضطرب

وأعلن المتحدث باسم الحكومة القبرصية نيكوس خريستودوليدس انه «تم توقيف» خاطف الطائرة المصرية من دون إعطاء تفاصيل إضافية. ثم أعلنت وزارة الخارجية القبرصية أن الخاطف «مضطرب نفسيا».

وقال السكرتير الدائم لوزارة الخارجية الكسندروس زينون: «الأمر لا علاقة له بالارهاب، انه تصرف فردي من جانب شخص مضطرب نفسيا».

تفاصيل الاختطاف

وخطفت الطائرة صباحا اثناء رحلتها بين الاسكندرية والقاهرة. واتصل قائد الطائرة ببرج المراقبة قائلا إن رجلا هدد بتفجير حزام ناسف، وأرغمه على تحويل مسار الطائرة الى لارنكا، وفق الطيران المدني المصري.

وسمح للطائرة بالهبوط في لارنكا عند الساعة 8:30 بالتوقيت المحلي (5:30 ت غ).

وأعلن الرئيس القبرصي نيكوس اناستاسيادس، في مؤتمر صحافي، أن دوافع الخاطف لاتزال مجهولة «وفي مطلق الأحوال لا علاقة لها بالإرهاب».

وأعلنت وزارة الطيران المدني المصري أن بين الركاب الذين كانوا على متن الطائرة 21 راكبا غير مصريين، هم ثمانية أميركيين وأربعة هولنديين وبلجيكيان وأربعة بريطانيين وراكب من كل من فرنسا وسورية وإيطاليا.

وروى راكب هولندي ان الركاب «لم يسمعوا شيئا ولم يروا شيئا» خلال الخطف، مضيفا «لم نحصل على أي معلومات، وفجأة وجدنا انفسنا في لارنكا».

رسالة بالعربية

وعند الوصول الى لارنكا، بدأت السلطات القبرصية مفاوضات مع الخاطف الذي سلمها رسالة «بالعربية».

وطلب الى ذلك رؤية زوجته السابقة، وهي قبرصية تقيم بالقرب من لارنكا، وقد نقلت الى المطار برفقة ولدها، قبل انتهاء عملية الخطف.

وأعلنت السلطات الملاحية القبرصية إغلاق مطار لارنكا في جنوب الجزيرة وتحويل الرحلات الى مطار بافوس (غرب).

مخاوف

ومما زاد من المخاوف أن تكون عملية خطف الطائرة ذات خلفية إرهابية قبل ان تتضح حقيقتها، ان مصر تشهد أعمال عنف ينفذها جهاديون، خصوصا في سيناء منذ إطاحة الرئيس السابق محمد مرسي في يوليو 2013.

وفي 31 أكتوبر 2014، تحطمت طائرة إيرباص 321 في سيناء، بعد دقائق على إقلاعها من منتجع شرم الشيخ، مما أدى الى مقتل 224 شخصا كانوا على متنها. وأعلن فرع تنظيم الدولة الإسلامية في سيناء مسؤوليته عن الاعتداء، مؤكدا انه نجم عن انفجار عبوة على متن الطائرة.

وشهد مطار لارنكا عمليات خطف عدة لطائرات في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.

في 26 أغسطس 1996، هبطت طائرة إيرباص 310 تابعة للخطوط السودانية كانت تقوم برحلة بين الخرطوم وعمان وعلى متنها 199 شخصا في لارنكا قبل أن تتوجه الى مطار ستناستد (50 كلم عن لندن) وعلى متنها سبعة خاطفين عراقيين أرادوا طلب اللجوء الى بريطانيا. وانتهى بهم الأمر بتسليم أنفسهم بعد 20 ساعة، من دون سقوط ضحايا.

وفي  أبريل 1988، هبطت طائرة بوينغ 747 تابعة للخطوط الجوية الكويتية بينما كانت تقوم برحلة بين بانكوك والكويت وعلى متنها 111 شخصا في مشهد بإيران. وطالب الخاطفون السبعة عبثا بالإفراج عن 17 متطرفا شيعيا مواليا لإيران، كانوا محتجزين في الكويت. وفي الثامن منه، هبطت الطائرة في لارنكا، حيث قتل الخاطفون اثنين من الركاب الكويتيين، بينما تم الإفراج عن آخر الرهائن بعد توقف الطائرة للمرة الأخيرة في الجزائر.

مراجعة شاملة

وقال وزير الطيران المدني لـ«الجريدة»، إنه تقرر عمل مراجعة شاملة وكاملة لكل المطارات المصرية.

مطالب متضاربة

وتباينت الروايات في البداية بشأن مطالب الخاطف، حيث تحدث البعض عن طلبه إطلاق سراح سجينات مصريات، وقالت روايات أخرى إنه يريد لقاء طليقته المقيمة في قبرص، إلا أن العديد من وسائل الإعلام القبرصية، نقلت عن مسؤولين أمنيين قبارصة، أن الخاطف بدت عليه علامات الاضطراب النفسي، الأمر الذي أيده خبراء أمنيون وآخرون متخصصون في الجماعات الأصولية، بأن طريقة الخطف وإدارتها تشير إلى أن الخاطف ليس محترفاً، وليست لديه مطالب محددة.

وكان رئيس الحكومة شريف اسماعيل قال، ان الخاطف طالب برؤية مسؤول في الاتحاد الاوروبي واللجوء إلى دولة ثالثة.

وتباينت وجهات النظر بشأن عدم تدخل ضابط الأمن الذي كان على متن الطائرة ويبدو أنه لم يحبذ المغامرة بالتصدي للخاطف البالغ من العمر 59 عاماً.

سجل جنائي

ونشرت وزارة الداخلية سجلا جنائيا للخاطف، حيث أشارت إلى أنه سبق فصله من كلية الحقوق جامعة الإسكندرية، وسبق اتهامه في عدة قضايا أبرزها، السرقات المتنوعة، أموال عامة، وشيكات من دون رصيد، وتزوير، وتعاطي مُخدرات، وانتحال صفة.

أسرة الخاطف

قال مصدر مطلع، إن جهاز الأمن الوطني، تحفظ على أفراد من أسرة الخاطف للتحقيق معهم، وأقروا أنه يعاني اضطرابات نفسية، وأشار المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه، إلا أن الرئيس السيسي أمر بتشكيل غرفة عمليات من وزارات الداخلية والخارجية والطيران وجهاز المخابرات، وأنه تقرر رفع درجة الطوارئ القصوى في المطارات.

وأكدت السلطات القبرصية أن الحزام الناسف الذي استخدمه الخاطف كان زائفا، وأشارت إلى خلو الطائرة من أي مواد متفجرة بعد إخضاعها للتفتيش عقب انهاء عملية الخطف.

وفي حين واصلت نيابة غرب الإسكندرية، التحقيق في واقعة الاختطاف، حيث راجعت النيابة جميع الإجراءات المتبعة بشأن إجراءات تفتيش الركاب والحقائب، كما تم تفريغ الكاميرات الموجودة بالمطار، وسؤال جميع أفراد القوات المعنية والعاملين بالمطار، وقال مصدر مُطلع إن النائب العام المستشار نبيل صادق، يتابع التحقيقات أولاً بأول.

من جانبها، أعربت رئاسة الجمهورية، عن خالص شكرها وتقديرها لقيادة وحكومة جمهورية قبرص، التي وصفتها بـ«الصديقة»، على ما قدمته من دعم كامل وما أبدته من تعاون وثيق مع السلطات المصرية خلال واقعة الخطف.

وقال بيان رئاسة الجمهورية، أمس: «السلطات القبرصية أظهرت خلال الساعات الماضية ما تتميز به من سرعة الاستجابة والمهنية العالية والحكمة والمقدرة في معالجة التحديات الأمنية الصعبة»، وأكد البيان عُمق العلاقات (المصرية- القبرصية) وما تتميز به العلاقات من روابط تاريخية وثقافية مشتركة.

كان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، أكد في وقت سابق حرص القاهرة على أمن وسلامة جميع ركاب الطائرة المختطفة، وأشار إلى أن بلاده اتخذت كل الإجراءات اللازمة لضمان ذلك.

ردود فعل

إلى ذلك، توالت ردود الفعل على الحادث، حيث انتقد عضو مجلس النواب فرج عامر، الإجراءات الأمنية في المطار، ووصفها بـ»الهزيلة»، وقال لـ«الجريدة»: «ما حدث اليوم سيتكرر إذا لم يكن هناك خطة أمنية محكمة وتأمين على أعلى مستوى للمطارات المصرية وكل المنافذ البحرية والجوية».

من جانبه، قال خبير الحركات الأصولية أحمد بان، إن عملية الخطف وطريقة إدارتها تؤكد أن العملية ليست مُخططاً إرهابياً، بل عملية عشوائية من أحد الأفراد الذين يُعانون اضطراباً نفسياً، في حين قال عضو مجلس النواب، سمير غطاس: «العملية شخصية، ولا يمكن اعتبارها مخططا إرهابيا».