تدرك القوى العراقية خلال الحوارات الجارية داخل أزمة التعديل الوزاري، والفوضى التي يعيشها مجلس النواب، أنه لا إصلاح سياسياً ممكناً وسريعاً، لكن من المعقول طرح مبادرات تستهدف احتواء غضب الجمهور المرشح للتصاعد وسط إفلاس الدولة الوشيك.
لكن الصراع بين الأحزاب يدور حول من سيكون له شرف احتواء الغضب الشعبي؟ فالجميع يريدون حيازة هذا «الشرف»، لأن من يحوزه سيدير دفة البلاد ويتحكم في موازينها.وحين تنشب معركة كهذه يمكن للعراقيين أن يشاهدوا ما تبقى من أعاجيب بلادهم، فجلسة البرلمان الخميس الماضي شهدت ظهور رئيس مؤقت لمجلس النواب، وأقالت عبر تصويت مثير للجدل، رئيس البرلمان سليم الجبوري، وما كان ليحصل ذلك لولا عمل مشترك بين جناح نوري المالكي وخصميه اللدودين، مقتدى الصدر وإياد علاوي، وهذا سيناريو لم يكن أحد يتوقع حدوثه حتى قبل بضعة أيام.وحرص تيار الصدر على كتابة بيان يوضح فيه أن العمل مع المالكي غير ممكن، لأنه أساس الأخطاء السياسية في البلاد، لكن عملياً يقف الطرفان مع علاوي في جهة واحدة حتى حين، حسبما يؤكد المراقبون.إذ إن هذا التحالف المستغرب هو وضع مؤقت حتى إقالة متوقعة لرئيس الحكومة حيدر العبادي، بعدها سيحاول المالكي أخذ هذا المنصب، وسيحلم علاوي بذلك أيضاً، وله أنصار عديدون، وسيحاول الصدر البحث عن «مرشحين مستقلين» يقودون حكومة تكنوقراط، طبقاً لمصادر مقربة من هذه الكتل النيابية.لكن كل هذا يجري نحو «اللعب بالنار». وبدأت عملية تنازع الشرعيات، إذ إن رئيس البرلمان سليم الجبوري رفض الاعتراف بشرعية ما حصل، وكذلك رفض العبادي، وأجل «البرلمانان» المتنازعان أمس جلستين، واحدة لانتخاب خليفة للجبوري، والأخرى للتصويت على الإصلاح الحكومي.ويؤكد المراقبون أن انتخاب النواب المنشقين عن البرلمان رئيساً لبرلمانهم سيكون تمهيداً لظهور رئيس حكومة جديد، وربما لرئيس جمهورية جديد، لكن السيناريو المخيف هو ظهور برلمانين يتنازعان الشرعية، وحكومتين تتنازعان الشرعية أيضاً.ولا يبدو أن هناك مبادرة سياسية قادرة على إعادة الأمور إلى وضعها السابق، لأن التحالفات القديمة تعرضت لهزة فوق العادة، وعلى سبيل المثال الأكراد بعيدون كثيراً عن طرفي النزاع في البرلمان، لا هم مع العبادي ولا الجبوري ولا خصومهما، كما أن التحالف التقليدي بين الصدر وعمار الحكيم ومرجعية النجف يمر بلحظة غامضة ويكاد يتفكك، أما النفوذ الخارجي فيبدو أنه لا يستوعب ما يجري في الوقت المناسب.وإذا طال أمد الأزمة فإن الدولة العراقية ستدفع أثماناً باهظة، سواء في حربها مع داعش، أو في مفاوضاتها مع جهات دولية، للحصول على قرض كبير بنحو 15 مليار دولار، لسد عجز خطير في الموازنة، فتنازع الشرعية الذي يحصل سيجعل الحلفاء والأصدقاء الدوليين يتريثون لرؤية ما يمكن أن يحصل قبل أي التزام مالي جديد، أما إذا فشلت بغداد في الحصول على هذا القرض فستواجه غضباً شعبياً واسع النطاق، حين تعجز الحكومة عن دفع مرتبات 4 ملايين موظف، كما هو محتمل خلال الشهرين المقبلين.على صعيد آخر، استقبل الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، السيد جواد الشهرستاني، الوكيل الشرعي العام للمرجع الشيعي الأعلى في العراق السيد علي السيستاني، والوفد المرافق له، بحضور قيادة حزب الله.وتم استعراض مجمل الأوضاع العامة في لبنان والعراق والمنطقة، وآخر التطورات الحاصلة على الصعيدين الديني والسياسي.
أخبار الأولى
بعد البرلمانين... العراق يتخوف من حكومتين
17-04-2016