فساد المناقصات
![مشاري ملفي المطرقّة](https://www.aljarida.com/uploads/authors/778_1682431386.jpg)
وفي حقيقة الأمر لا يختلف اثنان على وجود تلاعب يحدث في الكثير من المناقصات التي يتم طرحها من قبل الوزارات، حيث إنه في الغالب يتم تفصيلها وترسية معظمها على شركات متنفذة ومدعومة بطرق ملتوية من خلال التلاعب في الشروط ومعرفة عطاءات الشركات الأخرى وتقديم أسعار أقل منها بكثير لدرجة أن بعض المناقصات يتم فيها ضرب الأسعار بأرقام كبيرة تثير علامات الاستفهام، حيث يتم الترتيب مع بعض القائمين عليها بمبدأ "نفع واستنفع" ولعل إلغاء لجنة المناقصات المركزية لعدد من المناقصات يعد دليلاً صارخاً على تلاعب المتنفذين الذين يضربون بمصالح الدولة عرض الحائط من أجل مصالحهم الشخصية. والغريب في الأمر أن المسؤولين أنفسهم يشكون من التلاعب في المناقصات ويشكلون لجاناً للتحقيق في ترسية بعضها على شركات بعينها مثلما حدث مع مناقصة المطار وبرج "مبارك" الذي وضعت له كلفة تقديرية 7 مليارات دينار، ومناقصة أثاث مبنى مجلس الأمة الجديد، والذي قدرته الأشغال بـ10 ملايين دينار، في حين أن كلفته الحقيقية مليونان و99 ألف دينار، ومناقصات المستشفيات التي شهدت تلاعباً بالأرقام وغيرها من المناقصات التي أهدرت الملايين من المال العام.وفي الوقت الذي يتكبد فيه الاقتصاد الكويتي خسائر كبيرة الآن بسبب هبوط أسعار النفط بطريقة جنونية فإن الدولة مطالبة بأن تكون أكثر حزماً مع المتربحين من المال العام، وأن تقوم الأجهزة المختصة بوقف هذا التلاعب بالمناقصات، وأن تكون هناك شفافية في الطرح والترسية على الشركات وعدم تمكين المتنفذين من الفوز بالمناقصات الكبيرة والصغيرة، كما يجب أن تكون هناك دراسات تؤكد مدى القدرة على استكمال بعض المشاريع العملاقة التي تم رصد ميزانيات ضخمة لها، أو فليتم تأجيلها أو حتى الغاؤها.إن بداية الإصلاح تتمثل في الاعتراف بالخطأ، وهو أن هناك تلاعباً في الكثير من المناقصات الحكومية، وآن الأوان أن يتم استبعاد الفاسدين الذين تحوم حولهم الشبهات ومحاسبتهم ليكونوا عبرة للآخرين، كذلك لابد أن يكون هناك أسلوب جديد في تصميم وطرح المناقصات والاعتماد على المعايير الدولية في مجال الكشف عن عمليات التلاعب والتفاهمات والتربيطات التي يمكن أن يتورط فيها البعض، مع ضرورة تشكيل فريق عمل يضع نصب عينيه مصلحة ومستقبل الكويت، فيقوم بدراسة كيفية سير المناقصة منذ بداية طرحها حتى ترسيتها... والله ثم الوطن من وراء القصد.