توقع بنك مورغان ستانلي أن يخفض الدولار القوي سعر النفط إلى 20 دولارا للبرميل، في حين توقع بنك رويال اسكتلندا أن تصل الاسعار الى 16 دولارا للبرميل، أما "ستاندرد تشارترد" فتوقع الاسوأ وهو 10 دولارات للبرميل، في ما يعد الاقل منذ 16 عاما.

Ad

والحقيقة ان الامر مخيف ومقلق جداً، فقد يؤدي ما يجري للنفط إلى كارثة عالمية في مجال الطاقة، لأن انخفاض الاسعار لهذه المستويات لن يساعد الدول والشركات العالمية على الاستثمار في صناعة النفط الباهظة الثمن والكلفة، وهو ما يعني النقص في الامدادات العالمية للطاقة، أو بالاحرى كارثة اقتصادية جديدة، وأولى هذه الكوارث وقعت بالفعل على فنزويلا، احدى الدول الاعضاء في منظمة "اوبك"، حيث أعلنت حال الطوارئ الاقتصادية على خلفية التردي المستمر لأسعار النفط العالمية وارتفاع معدلات التضخم في البلاد.

وفنزويلا تعد صاحبة أكبر احتياطيات بترول في العالم، إلا إنها تعاني كذلك معاناة شديدة من انهيار أسعار النفط، إضافة إلى معاناتها من اقتصاد الندرة وأعلى مستويات التضخم في العالم. كما أعلنت دول الخليج مجموعة من الاجراءات التقشفية في ميزانياتها التي تعتمد على النفط بشكل رئيسي، ويرى البعض أن هذه الاجراءات هي بمثابة اعلان للطوارئ الاقتصادية بشكل غير مباشر. فهل سيكون لمنظمة "اوبك" دور برفع اسعار النفط في الوقت القريب؟

حرب داخل «أوبك»

في البداية، قال الباحث في اقتصاديات الطاقة د. مشعل السمحان ان الوضع مرتبط بإيران، التي حينما تعلن انها اضافت 400 الف برميل إلى إنتاجها، فإن ذلك حتما سيؤثر على الاسعار بشكل كبير، كما سيؤثر على قرار منظمة "أوبك"، حيث من الملاحظ خلال الفترة الماضية أن أعضاء المنظمة يعملون ضد بعضهم، في ما يمكن وصفه بالحرب.

وذكر السمحان أن الأسعار تعتبر منخفضة جدا، وإيران بين الفترة والاخرى تعلن في وسائل الاعلام انها ستزيد الانتاج، مشيرا إلى أن اي تراجع آخر للاسعار سيؤزم الوضع داخل "اوبك".

وعما اذا هذا التراجع سيعجل من الاسراع في اجتماع طارئ للمنظمة، او سيعزز الربكة والاختلاف داخلها، قال إن من ينظر للأوضاع السياسة يرى ان الوضع يزداد ربكة، موضحا ان الأمر انقلب على السعودية التي كانت قبل سنوات تتحكم في الاسعار وتؤثر على ايران، لكن الان تغير المشهد حيث اصبحت ايران تضغط على السعودية عبر اعلانها زيادة انتاج النفط، وهنا تعتبر السعودية من اكبر الخاسرين مع باقي اعضاء المنظمة في ظل الاوضاع الحالية، وهو ما بدا واضحا من خلال العجز الكبير في ميزانيات اعضاء "اوبك".

وتوقع السمحان أن تكون سنة 2016 رحلة مزعجة للسوق النفطي، وسيكون شعار "اوبك" (أكون أو لا أكون)، بعد تراجع دورها في الفترة الاخيرة، وهو ما يستلزم التدخل السريع لإعادة دورها في توازن الاسعار بالسوق النفطي، او انها تصبح منظمة ليس لها ثقل، مشيرا إلى أن سعر الـ50 دولارا في الوقت الحالي قد يكون مقبولا نوعا ما، إلا أن الأفضل هو سعر الـ70 دولارا. واستبعد أن يكون هناك اجتماع طارئ لمنظمة "اوبك"، إلا في حال اعلنت ايران وبشكل عملي طرحها كميات ضخمة الى السوق النفطي، فحينها ستكون المنظمة مجبرة للدعوة لاجتماع طارئ، لكن اذا لم تجتمع فهو اعلان غير مباشر، موضحا ان دور "اوبك" غير موجود، والدول الاعضاء تتصرف وفق مصالحها الخاصة وبعشوائية.

استمرار تراجع النفط

من جانبه، قال الخبير المتخصص في تكرير وتسويق النفط عبدالحميد العوضي إن الرئيس الفنزويلي توجه في الأيام الماضية الى مجلس الشعب لمخاطبته عن الازمة الاقتصادية التي تمر بها بلاده بسبب تراجع اسعار النفط عالميا، وأصدر مرسوما يوصف بخطة طوارئ اقتصادية ولمدة 60 يوما من خلالها سيرفع الدعم عن اسعار البنزين والديزل والمحروقات الاخرى، اضافة الى خدمات تدعمها الدولة بغية التخفيف من اعباء العجز في الموازنة العامة.

وأضاف أنه معروف أن فنزويلا كانت تعاني أزمات سياسية واقتصادية قبل تراجع اسعار النفط في 2014، بالرغم من انها دولة منتجة للنفط والغاز، وتملك اكبر احتياطي في العالم يصل الى 300 مليار برميل، مما يضعها في المرتبة الاولى، إلا أن إنتاج النفط الصخري الأميركي أضر كثيرا بصادراتها الى اميركا، حيث كانت تصدر لها نحو مليون برميل يوميا عام ،2010 ولكنه انخفض إلى 300 الف برميل عام 2015!

وأشار العوضي إلى أن الوضع الحالي لفنزويلا لا يختلف كثيرا عن الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في بقية دول أعضاء منظمة أوبك، حيث تراجعت أسعار النفط من منتصف عام 2014 حتى الان إلى ما يقرب من 78- 80 في المئة من قيمتها، ومعلوم ان معظم دول المنظمة تعتمد اقتصاداتها على عائدات بيع النفط، وخاصة الدول الخليجية، ويبدو ان تراجع اسعار النفط سيستمر خلال الفترة المقبلة بسبب دخول كميات اضافية من ايران، واعلانها بيع نفطها بخصومات غير مسبوقة، مما يزيد من الضغوط على اسعار النفط وانخفاضها اكثر من مستوياتها الحالية.

وعما إذا كانت "اوبك" ستجتمع بشكل طارئ، استبعد حدوث ذلك في القريب لبحث تدهور اسعار النفط، فالقضية الاساسية والمحورية هي كيفية تأمين وحماية الحصص السوقية لدول اعضاء المنظمة بعد زيادة الانتاج من خارجها، مثل روسيا التي وصل انتاجها اليومي إلى 11 مليون برميل.

وتوقع أن تشهد الاسواق النفطية تراجعا في الفترة القصيرة المقبلة ايضا، بسبب فترة الصيانة الدورية للمصافي العالمية خلال مارس المقبل، مما سيقلل الطلب على النفط ويزيد من وفرته بالسوق.