«هدنة سورية»: ترحيب دولي... وآمال كبيرة رغم الثغرات

نشر في 24-02-2016 | 00:12
آخر تحديث 24-02-2016 | 00:12
No Image Caption
• التزام أميركي روسي قوي بإنجاحها
• الأسد يستبق المفاوضات ويحدد 13 أبريل موعداً للانتخابات

• كيري: الأسد مطالب باتخاذ خطوات لتشكيل حكومة انتقالية وإلا فستكون هناك خطة بديلة
يتطلع السوريون بكثير من الأمل إلى وقف إطلاق النار بين النظام والمعارضة بعد حوالي 6 سنوات من الحرب المنهكة التي دمرت سورية. وقد تعززت هذه الآمال بعد الالتزام القوي الروسي ـ الأميركي  بإنجاح هذه الهدنة المؤقتة، والذي قابله تراجع للقوى الإقليمية المتورطة في الحرب الأهلية السورية، وأبرزها إيران.   

لاقى نبأ التوصل الى اتفاق أميركي ـ روسي ترحيبا دوليا واسعاً، وقابله السوريون بكثير من الأمل، حيث إنه الأول من نوعه منذ عام 2011، الذي شهد انطلاق الانتفاضة الشعبية على نظام الرئيس بشار الأسد، التي ما لبثت أن تحولت الى حرب أهلية طاحنة، حصدت أكثر من 350 ألف قتيل وملايين اللاجئين والمهجرين.

البيان المشترك

وفي بيان مشترك نشرته وزارة الخارجية الأميركية، أعلنت الولايات المتحدة وروسيا، مساء أمس الأول، أن الاتفاق سيدخل حيز التنفيذ في 27 الجاري، ويشمل وقف الأعمال العدائية في عموم البلاد للأطراف التي تعلن التزامها وقبولها بشروطه، في موعد لا يتعدى الساعة 12:00 (بتوقيت دمشق) من يوم الـ26 من فبراير، موضحتين أنهما مستعدتان لتبادل المعلومات ذات الصلة ووضع الإجراءات الضرورية لمنع تعرض الأطراف المشاركة إلى أي هجوم.

أوباما وبوتين

وفي محادثة هاتفية مساء أمس الأول، أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما ونظيره الروسي فلاديمير بوتين ضرورة احترام الاتفاق من الأطراف كافة من أجل «تخفيف معاناة الشعب السوري» و«التركيز» على محاربة «داعش».

وفي هذا الاتصال، الذي جاء بمبادرة من بوتين، شدد أوباما على أن «الأولوية الآن هي لضمان ردود إيجابية من النظام السوري والمعارضة المسلحة، والتطبيق الدقيق للاتفاق من جميع الأطراف».

مراقبة فعالة

ولاحقاً، أعلن بوتين أن روسيا «ستفعل كل ما يلزم» لكي تتقيد سورية بالاتفاق، وتأمل بأن «تفعل الولايات المتحدة الشيء نفسه» مع فصائل المعارضة.

وفي ختام اجتماع هيئتها العليا بالرياض، اعلنت المعارضة السورية التزامها بالهدنة، واشترطت «وقف القصف وفك الحصار عن المدن وتوصيل المساعدات والإفراج عن المعتقلين»، وهي أمور منصوص عليها في البيان المشترك.

في المقابل، أعلنت دمشق، أمس، قبولها باتفاق لوقف إطلاق النار توصلت إليه الولايات المتحدة وروسيا.

وشدد مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية، في بيان، على «أهمية ضبط الحدود ووقف الدعم الذي تقدمه بعض الدول إلى المجموعات المسلحة ومنع التنظيمات الإرهابية من تعزيز قدراتها أو تغيير مواقعها وذلك تفاديا لما قد يؤدي لتقويض هذا الاتفاق».

وأبدت الحكومة السورية، «استعدادها لاستمرار التنسيق مع الجانب الروسي لتحديد المناطق والمجموعات المسلحة التي سيشملها» الاتفاق.

وفي ما بدا أنه استباق لأي مفاوضات جدية بعد نجاح الهدنة، سارع نظام الأسد الى إعلان يوم 13 أبريل المقبل موعدا لإجراء الانتخابات التشريعية.  

ترحيب دولي

ورحب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بإعلان الهدنة، معتبراً أنها «بارقة أمل للشعب السوري وعلى الأطراف المعنية احترامه» مضيفا أنه «يبقى هناك الكثير من العمل لتطبيقه».

ووصف وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت أمس بـ»الإعلان الإيجابي»، مشيراً إلى أنه «سنكون يقظين لناحية تنفيذه».

وحذر وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند من أن الخطة لن تكون ناجحة ما لم توقف روسيا وسورية هجماتهما ضد المدنيين والمعارضة المعتدلة، وأكد أنه «اذا تم تنفيذ الاتفاق كاملا وبكل صدق، فسيكون خطوة مهمة للحد من مستويات مروعة من العنف والعمل من أجل التوصل إلى تسوية سياسية».

بدوره، قال نائب رئيس الوزراء التركي نعمان قورتولموش، أمس، إن أنقرة ترحب بخطط وقف القتال لكنها ليست متفائلة بأن تتمخض المحادثات بشأن الانتقال السياسي عن نتيجة إيجابية، مشيرا إلى أن أنقرة لديها تحفظات تتعلق بتحركات روسيا ضد المعارضة المعتدلة.

تمديد وتشكيك

وفي تصريحات لقناة «الحدث»، قال رئيس ائتلاف المعارضة خالد خوجة إن الهدنة ستسري لمدة أسبوعين مع احتمال تمديدها، منبها إلى أن استثناء «النصرة» قد يثير المشاكل ويتخذ كذريعة لشن هجمات على المعارضة والمدنيين.

وعلى الأرض، حامت الشكوك، إذ اعتبر أبوإبراهيم، قائد كتيبة في «اللواء العاشر» في ريف اللاذقية، أن الاتفاق «مضيعة للوقت ومن الصعب تطبيقه»، متسائلا: «هل هناك ضمانات ألا يقصف النظام أو يتمدد؟»

واعتبر رئيس المكتب السياسي لجيش اليرموك بشار الزعبي أن الخطة معيبة، لأنها ستسمح للحكومة وحلفائها باستهداف قوات المعارضة بحجة مهاجمة «النصرة»، مشيرا إلى أنه من غير الممكن تحديد مواقعها، لاسيما في شمال سورية.

وفي محاولة لطمأنة المشككين، أكد وزير الخارجية الأميركي جون كيري وجود خيارات بديلة قيد الدراسة؛ إذا لم يصمد اتفاق وقف الاقتتال، مجدداً موقف بلاده من أنه لا يمكن إنهاء الحرب الأهلية؛ ما دام الأسد في السلطة.

وأشار كيري إلى «إننا سنرى بسرعة قصوى إذا الدول جادة بوقف الأعمال القتالية في سورية»، لافتاً إلى أن «الأسد مطالب باتخاذ خطوات لتشكيل حكومة انتقالية وإلا ستكون هناك خطة بديلة».

مركز «حميميم»

في سياق آخر، فتحت وزارة الدفاع الروسية، أمس، مركز تنسيق لتسهيل المحادثات بين الأطراف المتحاربة  في قاعدة حميميم الجوية.

ونسبت وكالات أنباء روسية إلى المتحدث باسم الوزارة إيغور كوناشينكوف قولهن إن هدف المركز هو تسهيل المحادثات بين الحكومة السورية وممثلي المعارضة باستثناء «داعش» و«النصرة».

معركة حلب

ميدانياً، سيطر تنظيم «داعش» ومقاتلون من فصائل جهادية أمس على بلدة استراتيجية في شمال سورية تقع على طريق الامداد الوحيدة التي تربط محافظة حلب بسائر المناطق السورية غداة تمكنهم من قطعها، وفق ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان.

وقال المرصد إن «تنظيم الدولة الاسلامية ومقاتلين من فصائل جهادية، بينهم مقاتلون تركمان، شنوا هجوما واسعا تخللته عملية انتحارية ضد مواقع قوات النظام السوري في بلدة خناصر، وتمكنوا من السيطرة عليها».

وتأتي السيطرة على خناصر غداة تمكن التنظيم المتطرف وفصائل جهادية أخرى، من خلال هجومين متزامنين، من قطع طريق حلب- خناصر الاستراتيجية في ريف حلب الجنوبي الشرقي (شمال).

وهذه الطريق هي الوحيدة التي يمكن لقوات النظام الموجودة في غرب مدينة حلب ومناطق محيطة بها، سلوكها للوصول من وسط البلاد الى محافظة حلب وبالعكس.

ووفق عبدالرحمن، تعد بلدة خناصر «معبرا» الى هذه الطريق الاستراتيجية، مذكرا بأن قوات النظام السوري «خاضت معارك عنيفة لاستعادتها من فصائل إسلامية قبل حوالي عامين». وأوضح ان خسارتها تعد «خسارة معنوية لقوات النظام».

وبدأ الجيش السوري منذ حوالي ثلاثة اسابيع هجوما واسعا في ريف حلب الشمالي، حيث نجح بالسيطرة على مناطق عدة من أيدي الفصائل الاسلامية والمقاتلة وبفرض حصار شبه كامل على الأحياء الشرقية لمدينة حلب. ورأى أن التنظيم «يوجه بذلك رسالة الى الشارع السوري، خصوصا في مدينة حلب، تفيد بأنه الوحيد القادر على مواجهة قوات النظام ومحاصرته في الاحياء الغربية».

(دمشق، موسكو، واشنطن أنقرة، نيويورك - أ ف ب، رويترز، د ب أ، كونا، العربية)

شروط وقف الأعمال العدائية

بحسب البيان الأميركي- الروسي، يسري وقف الأعمال العدائية في عموم سورية على أي طرف مشترك حالياً في عمليات قتالية، عسكرية أو شبه عسكرية، ضد أي أطراف أخرى باستثناء «تنظيم داعش» و«جبهة النصرة»، وأي منظمات إرهابية أخرى يحددها مجلس الأمن الدولي.

وفيما يلي الشروط والمسؤوليات الملقاة على الأطراف التي تعلن التزامها بوقف الأعمال العدائية:

• التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 2254، الذي تم اعتماده في الـ18 من ديسمبر 2015، بما في ذلك الاستعداد للمشاركة في عملية المفاوضات السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة.

• وقف الهجمات بأي نوع من الأسلحة، بما في ذلك الصواريخ، ومدافع الهاون، والصواريخ الموجهة المضادة للدبابات.

• التوقف عن كسب أو السعي إلى كسب أراض من الأطراف الأخرى المشاركة في وقف إطلاق النار.

• السماح للمنظمات الإنسانية بوصول سريع وآمن ودون عراقيل في جميع أنحاء المناطق الواقعة تحت سيطرة عملياتها، والسماح فورا بوصول المساعدات الإنسانية إلى كل من يحتاج إليها.

• الاستخدام المتناسب للقوة (أي ما لا يزيد عما هو مطلوب للتصدي لتهديد مباشر) عندما يكون الرد في حالة دفاع عن النفس.

• تتعهد جميع الأطراف بالعمل على الإفراج المبكر عن المعتقلين، وخصوصا النساء والأطفال.

• يمكن لأي طرف توجيه انتباه مجموعة العمل إلى حدوث أو احتمال حدوث خرق لوقف اطلاق النار من خلال مكتب مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سورية أو عبر الرئيسين المشاركين واشنطن وموسكو.

• تؤكد الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية بصفتهما الرئيسين المشاركين أن تتم مراقبة وقف الأعمال العدائية بطريقة حيادية وشفافة وتحت تغطية إعلامية واسعة.

لجنة وقف إطلاق النار

من أجل تعزيز التنفيذ الفعال لوقف الأعمال العدائية، تم تشكيل مجموعة عمل وقف إطلاق النار، تشترك في رئاستها الولايات المتحدة وروسيا، تحت إشراف الأمم المتحدة، وتضم مسؤولين سياسيين وعسكريين من الرئيسين المشاركين والأعضاء الآخرين في مجموعة العمل. وبحسب البيان الأميركي الروسي المتشرك فإن مهمة هذه اللجنة:

• تحديد الأراضي الواقعة تحت سيطرة «تنظيم داعش» و«جبهة النصرة» وأي منظمات إرهابية أخرى يحددها مجلس الأمن الدولي.

• ضمان التواصل بين جميع الأطراف لتعزيز الامتثال ونزع فتيل التوترات على وجه السرعة.

• حل المزاعم المتعلقة بعدم الامتثال.

• إحالة السلوك غير الممتثل على نحو مستمر من قبل أي من الأطراف إلى وزراء المجموعة الدولية لدعم سورية أو من يعينهم الوزراء، لتحديد الإجراء المناسب، بما في ذلك استثناء هذه الأطراف من ترتيبات وقف الأعمال العدائية وما توفره لهم من حماية.

back to top