صدر عن «هيئة قصور الثقافة المصرية» كتاب «فنون الفرجة الشعبية... وثقافة الطفل» للباحثة أماني الجندي، يتناول إرهاصات الدراما المسرحية في التراث، ونشأة العروض الارتجالية مثل «الأراجوز» و{العرائس» وتشكيلها لوعي ووجدان النشء في الماضي، ومقاومتها الاندثار بعد تطور الوسائط الثقافية خلال العصر الحالي.

Ad

في رواية {شامة على رقبة الطائر} بقلم فجر يعقوب، يرتبط الرقيب المجند رشيد عثمان بعلاقة عاطفية مع كريستينا، إحدى فتيات القرية التي هجرها شبانها نتيجة الحرب الأهلية في لبنان، ولم يبق فيها سوى بعض العجائز والكتيبة المسلحة التي ينتمي إليها الرقيب. يكون لظهور سهى دجه براييل على خط الأحداث ما يشبه الزلزال في {نقد} ذكريات الرقيب المجند عن هذه الحرب الدموية المجنونة وإعادة تنقية وتوضيح الصورة التي لم تقرأ من قبل في سياق إعادة محاكمة مرحلة بأكملها. لن تكون ثمة محاكمات من النوع الذي نعرفه بطبيعة الحال، وإنما إعادة تصريف واع للأحداث التي كنا شهوداً عليها في العقود الأربعة الماضية.

ويكتب الناقد بشار إبراهيم عن هذه الرواية: {هذا نصّ يُمسكُك تماماً؛ فيه الكثير من غواية الرواية، اللغة الرشيقة، والمخيلة الخصبة، والتدفق البديع، المشهدية السينمائية، واللعبة المونتاجية، ومناخات ساحرة، وأنت تعيش مع {الرقيب رشيدوف}، و}الفاتنة كريستينا}، في قصة حبّ قلَّ أن ترى نظيرها في الرواية العربية. شخصيات وأحوال ومصائر، تُخفي وتتخفى، لكنها تفصح في الوقت نفسه عن أربعين سنة أخيرة، ممسوسة بجنون البدايات ودموية النهايات. من عاش ووعى سيعرف تلك اللحظة التي حزّت بها السكين تلك الشامة التي على رقبة الطائر. الروائي فجر يعقوب هنا متمكّن من نصّه تماماً، مدرك لرهافة النسيج الذي بين يديه، وحساسية الموضوع، الذي يمكن في لحظة أن يتحوّل ذاكرة أمة وشعب ومنطقة تشهد آخر شهقاتها على مذبح الانهيار}.

من الرواية

يؤلمني شيء واحد فقط، يا جدتي سيناميس، وأرجو ألا تخبري سهى دجه براييل به. لن يجدوا رأسي بعد أن يفصلوه عن جسدي في الطقوس الزرقاء التي يقيمونها الآن بين البوابتين. مَن يمسك بالخط الأزرق؛ ليترك العلامة المسجلة. الباركود الأكثر إثارة للجدل في العالم. أعرف أن وصف العملية في كتاب مع شروحات بالصور قد يشبع رغبات وغرائز دنيئة عند الكثيرين ممن يتلطّون في العتمة دون أن تظهر المفاتيح بأيديهم حين لا يريدون لها أن تظهر. لكنْ؛ لا يجب أن يكون هناك أثر. إن كان رأسي سيفلت من جسمي، ويضيع في نهر الموت مع كلاب الجحيم، فالأفضل ألا يكون هناك أثر مكتوب. لا يجب أن نعرف شيئاً عن سكاكين نوزت خان ومصنع وزير آباد وأفلام العنف التي نغرق فيها، ونحن نأكل البوب كورن مع مَن نحبّ. أقول لك - يا جدتي - إنني أخاف من العتمة. إنها تلغي الفارق بين الخط الأزرق والجسم المنتهك بدناءة حين تستولي إضاءة الغرائز على البوابتين اللتين تُمنحان لنا حين نجيء إلى هذه الدنيا، وحين نغادرها. أقل من طرفة وأوسع من جفن منسدل هي الحياة التي تنغرز بين أقدامنا. أقول لك شيئاً عن سهى دجه براييل. ليست القبّة الزجاجية إلا قصراً منيفاً، يليق بها حين أعود مرة أخرى من العالم الآخر، ويدي تتحسّس موسيقا مختلفة بين البوابتين الواسعتين يمكن الإحساس بها عن طريق مكوّنات شعورية، لم يفكر بها الإنسان من قبل. لم يرتق حتى يمكنه الوصول إليها. أقول لك، وأنا أمضي إلى حتفي طائعاً إن ضحكة سهى دجه براييل هي الموسيقا الجديدة لهذا العالم.

لمحة ذاتية

فجر يعقوب سينمائي وروائي فلسطيني يعيش في السويد، تخرج في المعهد العالي للسينما في صوفيا - بلغاريا عام 1994. له مجموعة من الأفلام الوثائقية والروائية القصيرة التي حصلت على جوائز في مهرجانات عدة كما له أكثر من عشرين كتاباً بين الترجمة والتأليف حول شؤون النقد السينمائي. شارك كعضو لجنة تحكيم في مهرجانات سينمائية عربية عدة. له رواية مطبوعة بعنوان {نقض وضوء الثعلب} وخمس مجموعات شعرية.

يكتب فجر يعقوب في جريدة الحياة اللندنية في شؤون السينما والتلفزيون منذ نهايات عام 2000.