في ظرفنا الحالي نحن بأمس الحاجة إلى مضاعفة ميزانية التدريب والتطوير، لكن ليس باستمرار ما هو قائم إنما باختيار مسؤول يفهم قيمة التدريب وأهميته، ويعرف كيف يوصل المؤسسة إلى أهدافها، وكيف يختار منافذ التدريب الداخلية والخارجية، ويقدم خطة ومعها أدوات قياس يمكن للإدارة العليا أن ترى فيها كيف تتحقق أهدافها.

Ad

في كل مرة يمر الاقتصاد بأزمة يكون أول قرار هو تقليص ميزانية التدريب والتطوير، في حين المطلوب زيادة جرعة التدريب والقيام بمهام أكثر تطويرا للأنظمة وإدارة الأداء، ففي وقت الأزمة تقوم الدول بتفليص المصروفات غير الضرورية وتزيد من نشاطها في إعداد الناس وبرامج الإدارة لمزيد من التطوير للارتقاء بالأداء وخلق منافذ جديدة للإنتاج والبيع، وتقديم منتجات وخدمات جديدة ومتطورة لجمهور المتعاملين معها، ولعل المثال الذي كسب شهرة وأشار إليه الأخ أحمد الصراف يوم الثلاثاء الماضي عن انتقال سنغافورة من بلد فقير مجهول إلى بلد ينافس الدول الصناعية خير مثال لما يمكن أن يصنعه التعليم والتدريب الجيدان.

في الكويت شاهدنا تقليص ميزانيات التدريب في كل الأعوام التي يمر فيها الاقتصاد المحلي أو العالمي بأزمة، بحجة أن بند ميزانية التدريب والتطوير لا أهمية له، ويتفق في هذا القطاع العام والخاص، وفي أزمتنا الحالية التي تتطلب جهودا حثيثة لرفع مستوى الأداء نرى أن أول بند يكاد يختفي في مصروفات الحكومة والشركات هو بند التدريب والتطوير.

المطلوب في هذه الأحوال زيادة أنشطة التدريب والتطوير ولكن على أسس أفضل مما هي عليه الآن، فبعض الشركات وبالذات البنوك اتخذت خططا جديرة بالتقدير لأنها تقوم بنشاط تدريبي له نتائج مهمة على أدائها ورفع مستوى المنتسبين إليها، أي أنك يمكن أن تقيس العائد على استثمارها في البشر والنظم، لكن كثيرا من الشركات ووزارات الدولة تؤدي مهمة التدريب دون خطة جادة للتطوير، وبالتالي تذهب أموال التدريب والتطوير هباء، وتشجع على تقليصها أو التخلص منها لأنها بدون مردود فعلي على المنظمة أو البشر.

والأفضل لهذه الجهات أن تعيد النظر في برامجها، وتضع خططا بأهداف واضحة واختيار مواد ووسائل مناسبة لنجاح خططها، وقياسا واضحا للنتائج وأسسا دقيقة لاختيار المتدربين والمدربين ومادة التدريب، لتصبّ في تحقيق ما تصبو إليه من نتائج، وإن التدريب الحالي لا يتعدى كونه مصروفا أضيف للميزانية يوزع بمعرفة الإدارة على جهات من المعارف لا تحقق أي مردود لصاحب العمل أو العاملين.

في ظرفنا الحالي نحن بأمس الحاجة إلى مضاعفة ميزانية التدريب والتطوير، لكن ليس باستمرار ما هو قائم إنما باختيار مسؤول يفهم قيمة التدريب وأهميته، ويعرف كيف يوصل المؤسسة إلى أهدافها، وكيف يختار منافذ التدريب الداخلية والخارجية، ويقدم خطة ومعها أدوات قياس يمكن للإدارة العليا أن ترى فيها كيف تتحقق أهدافها، ويرى الجميع تأثيرها في الأداء العام، فالتدريب المطلوب يهدف إلى رفع مستوى الإنتاج وجودته وتمكين عدد أقل من الموظفين لإنجاز ما كان يؤديه أضعاف عددهم قبل الأزمة.

إن وجود خطة لمواجهة الأوضاع الحالية يمنح العاملين دفعة قوية ويشحذ الهمم للمبادرات وتقديم بدائل قد تساهم في الخروج من آثار الأوضاع الاقتصادية.