سخط وغضب كبيران لبعض كتاب الزوايا والتجمعات "السياسية" ضد ما نسب إلى وزيرة الشؤون بالسماح لجمعية الإصلاح الاجتماعي بإنشاء مدارس وجامعات خاصة بعد تقدم هذه الجمعية بطلبها لإنشاء مدارس حسب "نظامها الأساسي" المتوافق مع قانون جمعيات النفع العام الصادر من الدولة عبر مؤسساتها التشريعية، والذي لم يُلغَ أو ينسَخ بقانون آخر.
وزيرة الشؤون، بموافقتها المبدئية على طلب جمعية الإصلاح، ولو رفضت لحُقَّ الجمعية الطعن على قرار الرفض الصريح أو الضمني أمام القضاء الإداري، أوضحت أن "هناك جمعيات خيرية وأهلية، كإحياء التراث والنجاة والثقلين والشيخ عبدالله النوي، تشتمل أنظمتها الأساسية على نفس الأهداف" (جريدة الجريدة أمس). وبكلام آخر، لو قامت تلك الجمعيات بتقديم مثل طلب جمعية الإصلاح لكانت عندئذ تمارس حقها حسب أنظمتها الأساسية التي باركتها الدولة أيضاً عبر مؤسساتها التشريعية المتعاقبة من سنين طويلة. لاحظوا أن معظم تلك الجمعيات التي ذكرتها الوزيرة لها ذات الطبيعة الدينية الأخلاقية الدعوية "وهدفها ترسيخ القيم الدينية في التعليم أو نشر الوعي الديني والأخلاقي… إلى آخره، ولاحظوا أيضاً أنه لا توجد جمعية واحدة منها ذات طابع مختلف عن الجميعات الدينية، عرضاً، كان هناك حتى منتصف السبعينيات نادي الاستقلال بتوجه قومي ويساري، غير أن السلطة الحاكمة أغلقته بعد حل المجلس في ذلك الوقت مسايرة للصحوة الدينية، ولوضع أسس مراهنة جديدة للأنظمة العربية مع قوى الإسلام السياسي نستطيع أن نسمي تلك الفترة بـ"الحقبة الساداتية" نسبة إلى الرئيس السادات الذي ضرب قوى اليسار والقومية في مصر بمطرقة القوى الإسلامية التي كانت مقموعة في السابق، والتي هوت على رأسه بحادثة المنصة فيما بعد، ولم يصرح لأي جمعية أو أي تنظيم اجتماعي مختلف بالعمل في الساحة الكويتية (ضمناً يغطي توجهات أصحابه السياسية).بعد هذا الاستطراد، لكم أن تسألوا أنفسكم: أين الخطأ، في قرار الوزيرة، إذا صرحت بإنشاء جامعات أو مدارس دينية متوافقة مع أنظمة المتقدمين الأساسية؟ وماذا لو تقدم عضو بجمعية الإصلاح أو غير منتسب إليها بمثل طلبها؟ وهل تستطيع الوزيرة مصادرة حقه أو حق غيره؟ وكم جامعة أو مؤسسة تعليمية خاصة أنشئت حتى الآن من أفراد كعمل "تجاري" خاص، لم تثر نقمة المعترضين... كذلك، أين القوى التقدمية المعترضة منذ زمن بعيد للضغط على السلطة الحاكمة كي تسمح لها بخلق تنظيماتها، حسب القانون، على غرار جمعيتَي الإصلاح والتراث وغيرهما؟ وحين رفضت السلطة، ماذا فعلت تلك "القوى التقدمية"، والتي تريد نسبة نفسها زورا إلى وصف "التقدم" وهي بعيدة عنه، غير الاصطفاف مع سياسة السلطة الحاكمة صراحةً أو ضمناً، وبتدبيج مقالات المدح والإطراء للسلطة من قبل عدد من الكتاب "التقدميين" بعد أن عصفت السلطة بأصحاب الرأي ورموز المعارضة وأودعتهم السجون أو طوحت بهم خارج البلاد بسحب الجناسي أو بالملاحقات القانونية؟! سؤالي لهؤلاء الغاضبين اليوم على الحكومة من قرار الوزيرة والفرحين بالأمس برجاحة و"سنع" الحكومة (بمعنى الحكم) حين "رزت" بعض المحسوبين عليكم في وظائف ومناصب كبيرة بمؤسسات الدولة أو ضبطت أمور بعضكم... أين كنتم حين كانت السلطة كريمة معكم وكانت "بنت حلال" ذلك الوقت، لتقولوا اليوم إنها سلمت "الخيط والمخيط" للتنظيمات الدينية وكأن أمراً جديداً حدث بسياسة الاسترضاءات السلطوية الراسخة وتداول التحالفات مع تغييب لمؤسسات المجتمع المدني، فارسوا لكم على بر... مع ماما وبابا السلطة… وليكن خطابكم الغاضب لها لا لجمعية الإصلاح أو غيرها.
أخر كلام
ارسوا على بر
03-03-2016