مولانا "دبش" كان يملك في الزمانات محلاً للعطارة في سوقنا القديم، وأتذكر أن أهل المنطقة كان يحلو لهم تلقيبه "بمولانا زنجبيل"، لأن علاجه كان لا يتعدى أن يكون "زنجبيلا" وردّ غطاه، عندك صداع منقوع زنجبيل يفي بالحاجة، كحة خذ زنجبيلاً مع عسل، وجع الأسنان هاك بودرة الزنجبيل وادعيلي، أذنك ملتهبة زنجبيل مع خل، إيدز، لا سمح الله، مغلي الزنجبيل مع "سي دي" لأغنية أم كلثوم "حانت الأقدار"، الزنجبيل كان عشب المرحلة عند العم دبش وإن اختلفت التفاصيل وحمي وطيسها.

Ad

درات الأيام وجمعتني و"مولانا زنجبيل"أو "دبش" جلسة في أحد المقاهي، ومع "السوالف والذي منه" وجرّ ربابة الذكريات أحببت أن أستعين بخبرته لأساله عن ضبط ميزانيتي بعد التقشف فسألني: كم عدد أفراد أسرتك؟ وكيف تقسم الراتب بينهم؟ فقلت: ثلاثة أولاد، الولد الأكبر يستهلك نصف الراتب، أقساط سيارته الفارهة، مصاريف أسفاره الكثيرة، سعر أجواخه الفخمة ومصروف جيبه الذي يكلفني الكثير، أما الأوسط فيستهلك ثلث راتبي، الذي يحلو له أن يصرفه على "ربع الديوانية"، أما الأصغر فلا يكلفني إلا وجباته الأساسية، وفراش ينام عليه في الصالة، مع مصروف شهري بسيط، استمع مولانا زنجبيل لحديثي صامتاً ثم ردد يعلوه وقار الخبرة والحنكة: ممتاز، واضح أنك تستطيع ضبط ميزانيتك عبر تقليل مصروف ولدك الأصغر الشهري، وتقليل كمية وجباته الأساسية، وسحب فراشه وبيعه لتغطية مصاريف إخوته، فقلت له: ولكن كيف ينام ولدي الأصغر جائعاً على البلاط؟ فرد مولانا زنجبيل بسرعة ضوئية: منقوع زنجبيل مع لبن خاثر وسينام نومة أهل الكهف لا تحاتي.

شكرت مولانا الزنجبيل على فضل استشارته، وقبل أن ينصرف "قبضت من دبش" كرته الخاص الذي ناولني إياه قبل انصرافه، تأملت الكرت وقرأت السيد دبش المشهور بمولانا زنجبيل، عطار سابقاً واستشاري مالي حالياً.