في معرض شروق
الساحة الفنية والاجتماعية بحاجة فعلية لما تبوح به ريشة الفنانة التشكيلية المميزة شروق أمين، بل إن تاريخ الكويت الفني عموما يستحق أن يكون من بينه مساحة لهذا الخط.
أول العمود: الجهاز الإداري للدولة صار خطرا عليها بسبب استهلاكه أكثر من نصف الميزانية المالية كرواتب ومن دون إنجازات حقيقية.***شروق أمين اسم غير عادي في عالم فن التشكيل، ومجرد الإعلان عن إقامة معرض لها فذلك يعني حدثا فنيا مميزا في المكان، أيا كان دبي، لندن، نيويورك، القاهرة، أو الكويت بلدها المتخم بالتناقضات. شخصيا أدعي أن هذه الفنانة، وعلى عكس ما يقوله البعض من أنها لا تبالي بالأعراف والتقاليد، تتقاطع في كثير من الأفكار مع شاعر كفهد العسكر، ومفكر مثل د. أحمد البغدادي، فهذان- وشروق بينهما- أخذوا على عاتقهم الحديث عن الواقع وتوصيفه بدون زيف وأقنعة، فكانوا دائما مرمى للنقد القادم من جبهات المحافظين وغيرهم!«إنه عالم مجنون» كان عنوان معرضها القائم حاليا في (لايف سنتر- كاب كويت) بمنطقة الشويخ، جمع لوحات رائعة وجريئة بمعنى تعرية السلوك والمفاهيم، وجالت في مواضيع عديدة منها الزواج والعلاقات الاجتماعية المخبأة والمسكوت عنها بحجة العيب أو الخوف. في معارض شروق أمين لا يمكن الحديث فقط عن المبيعات أو جمالية الألوان والخطوط وكثافة الحضور، فكل تلك التقييمات الفنية تأتي كتحصيل حاصل، بل ينصبّ الحديث عن تعرية سلوك ما، أو الإشارة بطرق فنية مبتكرة إلى ظواهر مسكوت عنها، ففي المعرض الأخير كانت هناك لوحة جميلة حول الإدمان على الكحول تم تركيبها بشكل إبداعي لافت دعت من خلالها الفنانة المميزة إلى ضرورة الالتفات للمشكلة من خلال الدعوة إلى إنشاء مركز لمعالجة الإدمان، وعدم الركون لأسلوب النصح الأبوي أو الإرشاد الديني أو الردع بالقانون فقط، بل يجب النظر إلى هذه المشكلة من منظور اجتماعي عبر مجموعات الدعم المؤازرة.خط شروق ناقد واجتماعي وجمالي، عاصف في كثير من الأحيان، فحتى الزهرة يتم توظيفها وتحميلها ما لا تطيق، فأن تأتي -الزهرة- على فم طفل أو وجه رجل فذلك يعنى مثلا عدم القدرة على البوح أو الحديث بالعلن عن شيء ما.الساحة الفنية والاجتماعية المحلية بحاجة فعلية إلى ما تبوح به ريشة شروق أمين، بل إن التاريخ الكويتي في مجال الفن عموما يستحق أن يكون من بينه مساحة لهذا الخط.إغلاق معرضها السابق في الكويت «إنه عالم الرجل» الذي أقيم في مجمع الصالحية عام ٢٠١٢ بالنسبة إلي أمر مستغرب، فالصحف مسموح لها عرض صور أوكار الفساد ونشرها، وكشف وجوه آسيوية بائسة رغم أن القانون يمنع التشهير بكل من هم في مرحلة الاتهام، والمسؤولون لا يطولهم التقريع حينما يؤكدون انتشار ظاهرة (البويات) في مدارس الطالبات، أو يتحدثون عن نسب متزايدة لمدمني مادة الشبو السامة، لكن أن يقوم فنان بالتنبيه إلى كل تلك المآسي بالريشة والألوان فذلك غير محبذ وربما يؤدي لمنكرات! وكأن تشخيص المشكلات الاجتماعية يجب ألا يخرج عن نطاق الإحصائية الرقمية لتكون طي النسيان في مجتمع لم يعد يعبأ لشيء سوى المادة.تحية لشروق أمين... تحية لعقلها، وريشتها وألوانها غير الوادعة.