على وقع ارتفاع حرارة المواجهة بين المعتدلين والمتشددين في إيران، بادر الحرس الثوري، أمس، إلى تجربة صواريخ بالستية متحدياً عقوبات أميركية بهذا الخصوص، في حين تحدى الرئيس الأسبق الإصلاحي محمد خاتمي الحظر المفروض عليه، وطالب بالانفتاح، عشية تلقيه دعماً من الرئيس الوسطي حسن روحاني.

Ad

أجرى الحرس الثوري الإيراني، أمس، تجارب على صواريخ بالستية من منصات إطلاق في مناطق متفرقة من البلاد، وهو ما يمثل تحدياً لعقوبات فرضتها الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة على طهران، بسبب برنامج الصواريخ الإيراني.

وجاءت هذه التجارب، في إطار مناورات "اقتدار الولاية"، التي يشرف عليها "الحرس الثوري والقوة الجوفضائية"، لإظهار "قوة إيران الرادعة والجهوزية التامة لمواجهة أي تهديد" لسيادة البلاد، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية.

وحضر التجارب قائد الحرس الثوري اللواء محمد علي جعفري، وقائد القوات الجوية التابعة للحرس الثوري الإيراني البريغادير جنرال أمير علي حاجي زادة.

ويأتمر الحرس الثوري بالمرشد الأعلى علي خامنئي، وليس بالرئيس حسن روحاني، ونفوذه أقوى من نفوذ الجيش والقوات المسلحة الأخرى، وهو يعبّر عن الجناح المتشدد داخل النظام الإسلامي، وقد أجريت هذه التجارب بعد أقل من أسبوعين على انتخابات، حقق فيها أنصار الرئيس المعتدل حسن روحاني مكاسب كبيرة.

وبثّ التلفزيون الرسمي، بعد وقت قصير لقطات للأسلحة التي استخدمت في ما وصف بأنه مناورات عسكرية "اطلقت خلالها صواريخ بالستية من منصات تحت الأرض" في مناطق مختلفة من البلاد.

وفرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة على طهران بسبب برنامجها الصاروخي، بعد وقت قصير على رفع عقوبات أخرى على خلفية برنامجها النووي، بموجب اتفاق تاريخي مع دول الغرب.

وبرنامج إيران للصواريخ البالستية يثير جدلاً منذ إبرام الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة، وخمس دول كبرى أخرى في فيينا في 14 يوليو العام الماضي.

وفي 11 أكتوبر أجرت طهران التجربة الأولى من تجربتين على صواريخ بالستية من طراز "عماد"، مما أغضب واشنطن. وبثّ التلفزيون الرسمي بعد أسابيع مشاهد غير مسبوقة لمستودعات صواريخ تحت الأرض.

وقالت لجنة تابعة للأمم المتحدة في ديسمبر، إن التجارب تنتهك قرارات سابقة تهدف إلى منع إيران من تطوير صواريخ قادرة على حمل رؤوس حربية نووية.

وتنفي طهران باستمرار السعي إلى حيازة قنبلة ذرية، وتقول، إن صواريخها لن تصمم، ولا حتى لتحمل قنبلة نووية.

ورحب بالاتفاق النووي معتدلون مثل روحاني، الذي جازف بسمعته بشأن المفاوضات، فيما قال المتشددون في طهران إن الاتفاق أضرّ بالمصالح الوطنية.

وأظهر تقرير بثه التلفزيون الرسمي صاروخاً ينطلق من منصة محصنة تحت الأرض أثناء ليل الاثنين ـ الثلاثاء، وقال المذيع إنه صاروخ متوسط المدى من طراز قيام-1، مضيفاً أن الاختبار أجري في الساعات الأولى من اليوم الثلاثاء.

وقال حاجي زادة، إن "الصاروخ ضرب هدفاً على بعد 700 كيلومتر"، مضيفاً أن مداه يصل إلى ألفي كيلومتر.

روحاني

في سياق آخر، طالب الرئيس الإيراني حسن روحاني، أمس، بتوضيح كامل بشأن فضيحة الفساد المتورط فيها الملياردير باباك زنجاني.

وقال روحاني: "لا يمكننا تجفيف مستنقع الفساد ما لم يكن كل شيء واضحاً وضوح الشمس".

وكان تم الأحد الماضي الحكم على زنجاني واثنين من زملائه بالإعدام، لبيعهم النفط الإيراني سراً ضمن عصابة إجرامية، أثناء فترة رئاسة محمود أحمدي نجاد خلال الفترة بين 2005 و2013، واختلاس المليارات كأرباح.

وقال روحاني، إن "الناس لها الحق في أن تعرف مكان وجود الأموال، ومن يقف وراء المسألة"، مشيراً إلى أنه ليس من الممكن أن يكون زنجاني قام بمثل هذا الأمر الكبير بنفسه. ويشار إلى أن وقائع

المحاكمة شهدت الاشارة إلى أعضاء حكومة أحمدي نجاد عدة مرات، حيث يحتمل تورطهم في القضية.

خاتمي

إلى ذلك، دعا الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي، الذي يخضع لحظر إعلامي بسبب دعمه لمرشحي الرئاسة الإصلاحيين في 2009، أمس إلى تخفيف القيود وانفتاح أكبر في البلاد.

وتأتي تصريحات خاتمي على موقعه الإلكتروني، بعد الدور الاستراتيجي المؤثر، الذي لعبه في انتخابات 26 فبراير، وفاز فيها الإصلاحيون بالعديد من المقاعد في البرلمان.

ولا يسمح للإعلام الإيراني باستخدام صور خاتمي، الذي تولى رئاسة البلاد في الفترة بين عامي 1997 و2005، أو نشر تصريحاته بعد أن فرض عليه النائب العام في طهران حظراً.

وفضرت القيود بعد أن دعم خاتمي مير حسين موسوي ومهدي كروبي، المرشحان الإصلاحيان اللذان هزما في الانتخابات المثيرة للجدل في 2009، والتي أعيد فيها انتخاب محمود أحمدي نجاد رئيساً.

لكن خاتمي، قال إن الانتخابات الأخيرة أظهرت "اننا مشاركون ومع نظام (الجمهورية الإسلامية)، ولا نعارض أو لدينا عداوة ضد احد"، داعيا الى "بدء مرحلة جديدة".

وقال: "مقارنة مع القضايا التي أعقبت انتخابات 2009، فإن المجتمع باكمله، والجماعات السياسية في الوقت الحالي، لديها شعور نسبي بالرضا، رغم أن هذا الرضا غير مكتمل".

وأضاف "الأجواء الأمنية والمناخ العام حالياً لا يليق بشعب ايران (..) علينا جميعا أن نعمل لئلا تتضرر سمعة النظام، وحتى يتاح جو مفتوح لمشاركة الجميع وإزالة القيود والحدود".

وقاطع الإصلاحيون الانتخابات البرلمانية، التي جرت قبل أربعة اعوام بسبب اعتقال موسوي وزوجته وكروبي، لكن خاتمي قال، إن مشاركة الإصلاحيين في انتخابات الشهر الماضي أظهرت أنهم يقبلون القوانين. وقال، "إن مشاركة هذه الشخصيات المرموقة الثلاث، كان له تأثير كبير على تشجيع الناس على الاقتراع".

وأضاف: "اليوم يجب الانتباه لهذا الوضع. يجب ألا يشعر أي شخص في هذه الانتخابات بأنه هزم".

وكان روحاني أشاد، أمس، بخاتمي خلال زيارته إلى مسقط رأسه في مدينة زند، مما حدا بالمتحدث باسم السلطة القضائية الإيرانية، علام حسين محسني ايجئى، إلى التأكيد أن هناك قراراً من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني بفرض الحظر على خاتمي .