انتشار المسرحيات التلفزيونية... ازدهار أم صيحة؟
تشهد الساحة الفنية في مصر راهناً عروضاً مسرحية تلفزيونية تقدمها فضائيات مختلفة، ما يثير مجموعة تساؤلات بشأن ما إذا كان الأمر بمثابة عودة حقيقية للمسرح بعد فترة كساد طويلة، أم أنها مجرد «موضة» جديدة مرتبطة بنجاح عروض مسرح مصر مع الفنان أشرف عبدالباقي قبل أكثر من عامين؟
«الجريدة» استطلعت الآراء بشأن هذه الظاهرة، وما إذا كانت توجهاً يشير إلى عودة المسرح إلى ساحة الفنون التي تحظى بشعبية وجماهيرية:
«الجريدة» استطلعت الآراء بشأن هذه الظاهرة، وما إذا كانت توجهاً يشير إلى عودة المسرح إلى ساحة الفنون التي تحظى بشعبية وجماهيرية:
كانت بداية انطلاق المسرحيات التلفزيونية مع شبكة تلفزيون «الحياة»، إذ قدمت عروضاً لأشرف عبدالباقي قبل أن ينتقل إلى قناة «إم. بي. سي مصر» تحت مسمى «مسرح مصر».لاحقاً، بدأت الساحة تشهد على قنوات مختلفة عروضاً مشابهة كثيرة من بينها «المسرحية» على «إم. بي. سي. مصر» مع الفنان سامح حسين، و«مسرح النهار» على شبكة تلفزيون «النهار»، ويضم عدداً من النجوم أبرزهم: أحمد فهمي، انتصار، مدحت تيخة، عمرو رمزي، أحمد صيام، وهو من إنتاج نقابة المهن التمثيلية بالتعاون مع تلفزيون «النهار»، بالإضافة إلى عروض «تياترو مصر» على «الحياة»، ويجسد البطولة كل من محمد لطفي، وبيومي فؤاد، أحمد فتحي.
ظاهرة غير صحيّةالكاتبة والناقدة ماجدة خير الله تقول إن انتشار المسرحيات التلفزيونية ظاهرة غير صحية، ولن تؤسس لعودة المسرح إلى الحياة الفنية، لأن هذه العروض ليست مسرحيات بالمعنى التقليدي أو الأكاديمي، بل مجرد «اسكتشات» كوميدية.وتعتبر خير الله أن هذا النوع من الأعمال يتضمن قدراً كبيراً من الاستسهال، والاستغلال لنجاح «مسرح مصر»، ولا يعتمد على تطوير أو ابتكار أشكال جديدة من النصوص المسرحية، ولا يُعتبر عودة لفكرة المسرح التلفزيوني في الستينيات من القرن الماضي، حيث تخرجت مواهب عدة أبرزها: فؤاد المهندس، وشويكار في مسرحية «أنا وهو وهي»، كذلك أمين الهنيدي ومحمد عوض، وجيل كامل من المضحكين من بينهم عادل إمام وسعيد صالح وغيرهم.وتواصل خير الله أن هذه الأعمال تفتقر إلى نصوص جيدة وإلى مخرجين يهتمون بخروج العمل كمسرحية جادة، وتبقى ارتجالاً وليست نصاً متكاملاً. من هنا، ترى أن النجاح الهش لن يدوم لفترة طويلة، وأن هذه الظاهرة تقليد من دون تطوير في الأداء والكتابة، مشيرةً إلى أن الجمهور سيملّ وينصرف عن هذه الأعمال، وبالتالي التجربة كلها ستنتهي للأسف من دون تطوير أو استفادة. خطوة جيدةيختلف نادر صلاح الدين مع ماجدة خيرالله، وهو مؤلف ومخرج عروض «مسرح مصر»، مؤكداً أن الأخيرة فتحت الباب لعودة المسرح، وشجّع نجاحها عدداً من القنوات ليكون لدى كل منها منتج مسرحي تنافس به القنوات الأخرى.ويتصوّر صلاح الدين أن التجربة ينقصها فتح شباك التذاكر أمام الجمهور، وهو ما فعله «مسرح مصر» إذ عرض الرواية تسع ليال متتالية على المسرح حيث تابعها الجمهور، ثم صوِّرت في الليلة الأخيرة لتقديمها على الشاشة، ذلك على عكس عروض أخرى تسجّل الحلقات بجمهور وتقدمها على الشاشة مباشرة.ويرحّب نادر صلاح الدين بتعدّد العروض والمسرحيات، التي تعتبر رواجاً حقيقياً للفكرة واستثماراً لها، لأن المنافسة ستشكّل نوعاً أكبر من النجاح سيصبّ في مصلحة الجميع، من فنانين وكتاب ومخرجين ووجوه جديدة، والمستفيد الأكبر هو الجمهور.تغيّر الزمن والسرعة سمتان أساسيتان في أي عمل بحسب صلاح الدين، ما أنهى الفكرة التقليدية للأعمال المسرحية التي تستمر لثلاث ساعات في عرض يقدم لسنوات، وأصبح غير ملائم لطبيعة الحياة الحديثة والسرعة واختلاف الأجيال.الفنان سامح الصريطي، وكيل نقابة المهن التمثيلية، يتفق مع المخرج نادر صلاح الدين في فكرة استغلال نجاح تلك العروض على جميع القنوات بهدف إخراج وجوه فنية جديدة، وهو ما فعلته نقابة المهن التمثيلية عندما استأجرت مسرحاً وطورته وجهزته لعرض عدد من الروايات المسرحية عليه، وتم الاتفاق مع قنوات «النهار» للعرض على شاشتها تحت مسمى «مسرح النهار»، وهو ما اعتبره وكيل نقابة المهن التمثيلية خطوة جيدة لأن يكون للنقابة مسرح الهدف منه اكتشاف مواهب المبدعين من الشباب أعضاء النقابة، ومتنفس جديد للنقابة لإيجاد بند ربحي جديد تستفيد منه في الإنفاق على البنود الأخرى، التي تصبّ في النهاية في تطوير المنظومة ككل.ولا يعتبر الصريطي أن مثل هذه العروض محاولة لاسترداد مكانة المسرح المصري، لأن مكانة المسرح المصري كبيرة جداً، والأزمة التي يمر بها منذ سنوات أكبر من أن تحلّ بعروض مسرحية مختلفة، مؤكداً بأن الأمر يحتاج إلى مجهود أكبر من ذلك وتطوير وتكاتف من الجميع لعودة المسرح المصري إلى ما كان عليه.