النفط والطاقة: هل ستتفق «أوبك» وروسيا على الصراخ معاً لتخفيض إنتاج النفط؟
التزام الأطراف تخفيض 5% من الإنتاج سيرفع احتمالات بلوغ الأسعار 60 دولاراً
يرى خبراء النفط، أن تلميحات روسيا تدل على موافقتها على المفاوضات بشأن خفض الإنتاج.
"من يصرخ أولاً"، هذه اللعبة اعتمدها منتجو النفط في منظمة "أوبك" من جهة، وروسيا من جهة أخرى لتركيع المتحاربين اقتصادياً، لكن الآن من الممكن القول عقب اجتماع "أوبك" وروسيا للتنسيق على تخفيض نسبته 5 في المئة من إنتاج النفط إن الطرفين اتفقا على "الصراخ معاً وفي آن واحد".وبدا واضحاً للجميع، بمجرد ما صرحت روسيا عزمها التنسيق والحديث مع "أوبك" لهذا الغرض، أن أسعار برنت ارتفعت 2 دولار، وهي رسالة ودليل واضح على أن غياب التنسيق يعني أن الكل خاسر، وبالتنسيق سترتفع أسعار النفط.ويرى خبراء النفط، أن التلميحات من روسيا التي تدل على موافقتها على المفاوضات بشأن خفض الإنتاج، دليل على أن الروس اقتنعوا بالحل العقلاني الذي يرضي جميع الأطراف، وأن على الجميع خفض الإنتاج بحوالي 5 في المئة، وبهذا ستخفض أوبك حوالي 1.5 مليون برميل وستخفض روسيا حوالي نصف مليون برميل يومياً، وهذا يعني أن حوالي 2 مليون برميل يومياً من الفائض النفطي ستسحب من الأسواق، وبالتأكيد سيصحح هذا الإجراء المتأخر ويعيد التوازن للأسعار المنخفضة.ويؤكد الخبراء أن روسيا (ليست منضمة إلى أوبك) والمملكة العربية السعودية تعتبران أكبر مصدرين للنفط في العالم، وهما أكبر المتضررين من هبوط الأسعار، وعليه فإن الاتفاق بين روسيا وأوبك يمكن أن يشكل ضماناً لاستقرار الأسعار وثباتها عند مستوى معقول ومقبول من الجميع، شريطة أن يكون هناك التزام حقيقي حيث يتوقع ارتفاع الأسعار بين 50-60 دولاراً.لغة الأرقاموإذا نظرنا إلى لغة الأرقام التي فندها خبراء النفط، إن في حال خفضت روسيا إنتاجها البالغ 10.8 ملايين برميل يومياً بحوالي نصف مليون برميل ليصبح الإنتاج حوالي 10.3 ملايين برميل يومياً؛ لكان هذا لمصلحتها.حيث إن روسيا تبيع 10.8 ملايين برميل يومياً بحوالي 30 دولاراً للبرميل، وبذلك يصبح دخلها اليومي حوالي 324 مليون دولار، أما لو خفضت الإنتاج إلى 10.3 مليون برميل يومياً، لارتفعت الأسعار على أقل تقدير إلى حوالي 40 دولاراً للبرميل، وبذلك يمكن أن يرتفع دخل روسيا اليومي من بيع 10.3 ملايين برميل يومياً إلى حوالي 391 مليون دولار، وبذلك تستطيع روسيا أن تكسب حوالي 90 مليون دولار، وأن تقلل التكاليف، لأن خفض الإنتاج بحوالي نصف مليون برميل كفيل بتخفيض تكاليف الإنتاج بحوالي 7.5 ملايين دولار يومياً. أما أوبك فأشار الخبراء إلى أنها تنتج يومياً حوالي 32 مليون برميل يومياً، والسعر الحالي هو حوالي 28 دولاراً للبرميل، وهذا يعني أن دخل دول المنظمة الدولية يومياً من بيع 32 مليون برميل هو حوالي 900 مليون دولار.ولو خفضت إنتاجها بحوالي 5 في المئة، فهذا سيخفض إنتاجها اليومي إلى حوالي 30.4 مليون برميل يومياً.وافترض الخبراء أن أسعار النفط سترتفع بمجرد إعلان الخفض من روسيا وأوبك (5 في المئة) إلى حوالي 40 دولاراً للبرميل لأصبح دخل دول أوبك من تصدير 30.4 مليون برميل باليوم حوالي 1.2 مليار دولار، وهذا يعني أن دخلها ارتفع أكثر من 300 مليون دولار باليوم. كما سيساهم هذا الأمر بخفض تكاليف إنتاج 1.6 مليون برميل باليوم تم سحبها من الإنتاج. إذا خفض الإنتاج من أوبك وروسيا والمنتجين الآخرين، وبنسب متساوية سيكون لمصلحة الجميع.يذكر أن أسعار النفط انخفضت إلى أدنى مستوى لها في 12 عاماً لتقترب من 27 دولاراً للبرميل، بعد أن كان سعر النفط حوالي 115 دولاراً للبرميل قبل 18 شهراً.وترجع أسباب الانخفاض الكبير في أسعار النفط الى تخمة المعروض الذي تعدى 3 ملايين برميل باليوم، بفعل ثورة إنتاج النفط الصخري الأميركي واستراتيجية أوبك بعدم خفض انتاجها من طرف واحد لحماية حصتها السوقية. يذكر أن تداعيات الهبوط الكبير بأسعار النفط اضطرت روسيا إلى خفض عملتها إذ هوى الروبل الروسي إلى أدنى مستوياته على الإطلاق.وأصاب أذربيجان ضرر كبير، وأما داخل "أوبك" تبقى فنزويلا أكبر المتضررين التي أعلنت عن طوارئ اقتصادية مدتها 60 يوماً إضافة إلى تبنيها اجتماعاً طارئاً لمنظمة "أوبك".الرابح الأكبرمن جهة أخرى، يرى خبراء النفط أن الرابح الأكبر من تراجع أسعار النفط هي الولايات المتحدة، والخاسر الأكبر هي الدول المنتجة للنفط خصوصاً الدول العربية في الخليج، حيث تمثل إيرادات النفط 90 في المئة من صادرات السعودية 80 في المئة من دخل ميزانيتها وهي الأكثر تأثراً من الدول الأخرى، في حين تعتمد نيجيريا في دخلها على النفط بنسبة 75 في المئة، وروسيا 50 في المئة ، وإيران 47 في المئة، وفنزويلا 40 في المئة.فهبوط السعر من 120 إلى 30 دولاراً يعني هبوط 90 دولاراً للبرميل. وتستورد الولايات المتحدة حوالي 7 ملايين برميل يومياً، أي توفر 630 مليون دولار يومياً أو حوالي 230 مليار دولار بالسنة، بالإضافة إلى تحفيز الاقتصاد الأميركي بفرق السعر للإنتاج المحلي حوالي 360 مليار دولار في السنة. وهذا التوفير يذهب إلى الشعب الأميركي، حيث هبطت أسعار البنزين والوقود والكهرباء في حين ارتفعت هذه الأسعار في الدول النفطية المنتجة، ولو كان إنتاج دول مجلس التعاون 17 مليون برميل يومياً فالخسارة اليومية هي حوالي 1.53 مليار دولار يومياً.