«الإدارية» تثبت خطأ الحكومة بعدم تنفيذ 6 قوانين من 2007
عوضت مواطناً مبلغ 5001 دينار عن تقصير السلطة في تطبيق تشريعات بينها الخطة الإنمائية
قضت المحكمة الإدارية، أمس، في حكم قضائي بارز بإلزام سمو رئيس مجلس الوزراء بصفته أمس بمبلغ 5001 دينار تعويضا مؤقتا لمصلحة المواطن خالد الزامل المحامي، و500 دينار مقابل اتعاب المحاماة، بعد ثبوت مسؤوليته كرئيس للحكومة من التقصير في عدم تنفيذ 6 قوانين صادرة من مجلس الأمة منذ عام 2007.وأكدت المحكمة في حيثيات حكمها الصادر برئاسة المستشار د. جاسم الراشد وعضوية القاضيين إيهاب جبر وحمد المعصب بمسؤولية الحكومة عن عدم تنفيذ 6 قوانين صادرة منذ عام 2007، وهي إنشاء شركة للرعاية السكنية تتولى البناء والتشغيل وعام 2010 بإلزام المؤسسة توفير أراض سكنية بعد 3 سنوات من نشر القانون لا تقل عن 200 الف قسيمة، وعام 2008 بتأسيس شركات لتطوير وتنفيذ المستودعات العامة والمنافذ الحدودية وطرح أسهمها للاكتتاب العام، وفي عام 2010 القانون الخاص بتأسيس شركات تتولى بناء وتنفيذ محطات القوى الكهربائية وتحلية المياه.
وفي عام 2010 أصدر مجلس الأمة قانونا بتأسيس شركة مساهمة كويتية أو أكثر تتولى نظام البناء والتشغيل والتمويل للدولة للقيام بتصميم وتشغيل وصيانة مدن عمالية، وأخيرا في عام 2010 أصدر مجلس الأمة الخطة الإنمائية للسنوات من 2010 الى 2014، ولم تقم الحكومة بإصدار القرارات التنظيمية لتنفيذ ومتابعة ما ورد بالخطة الإنمائية.حيثيات الحكموأشار حكم المحكمة الإدارية البارز، الذي قد يفتح مقاضاة الحكومة من عدد من المواطنين لامتناعها عن تنفيذ عديد من الأحكام القضائية.إلى أنه بالاستناد إلى المسلمات القانونية، ترى المحكمة ضرورة الغوص في ثنايا كل تشريع تذرّع به المدعي للوقوف على مسؤولية المدعى عليه، وذلك على النحو التالي بيانه:أولا: نص المادة (27 مكرر) من القانون رقم 50 لسنة 2010 بتعديل بعض احكام القانون رقم 47 لسنة 1993 في شأن الرعاية السكنية الصادر بتاريخ 21 يونيو 2010، والذي يجري على أن تلتزم المؤسسة خلال ثلاث سنوات من تاريخ العمل بهذه المادة بالعمل على توفير أرض تكفي لإقامة عدد من المدن السكنية لا يقل عددها عن 10 مدة، ولا تقل وحداتها عن مئتي الف قسيمة (200 ألف قسيمة) دون أن يحسب من ضمنها ما سبق تخيصه للمؤسسة من أراض. ودون أن يخل ذلك ما تتولى المؤسسة تنفيذه من مشروعات سكنية بشكل مباشر.مساكن منخفضة التكاليفوأضافت المحكمة ثانيا المادة (30 مكرر) من القانون رقم 45 لسنة 2007 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 47 لسنة 1993 في شأن الرعاية السكنية، والقانون رقم 27 لسنة 1995 في شأن إسهام نشاط القطاع الخاص في تعمير الأراضي الفضاء المملوكة للدولة لأغراض الرعاية السكنية، والتي تنص على أن تلتزم المؤسسة العامة للرعاية السكنية خلال سنة من تاريخ العمل بأحكام هذه المادة بتأسيس شركة مساهمة كويتية عامة تتولى، وفقا لنظام البناء والتشغيل والتحويل للدولة، القيام بتصميم وتنفيذ وتشغيل وصيانة مساكن منخفضة التكاليف لا تزيد في عددها على عدد المساكن الشعبية القائمة في كل من الجهراء والصليبية، وتكون بدلا منها، وذلك في المواقع المخصصة من بلدية الكويت لهذا الغرض.وقالت المحكمة ثالثا: القانون رقم 5 لسنة 2008 بتأسيس شركات تطوير وتنفيذ المستودعات العامة والمنافذ الحدودية، والذي جاء في مادته الأولى «يعهد مجلس الوزراء الى جهة حكومية بأن تقوم وحدها دون غيرها بتأسيس شركة مساهمة أو اكثر من مقرها الكويت يكون غرضها تطوير وتنفيذ المستودعات العامة والمنافذ الحدودية، على تخصيص اسهم هذه الشركة او الشركات على النحو التالي: نسبة 50 في المئة (خمسون في المئة تطرح للاكتتاب العامة للكويتيين، وتخصص لكل منهم بعدد ما اكتتب به.شركات مساهمةوتابعت المحكمة: رابعا: القانون رقم 39 لسنة 2010 بتأسيس شركات كويتية مساهمة تتولى بناء وتنفيذ محطات القوى الكهربائية وتحلية المياه في الكويت، وقد جاء في مادته الأولى أن «يعهد مجلس الوزراء الى جهة حكومية يختارها بأن تقوم دون غيرها بتأسيس شركة كويتية مساهمة أو أكثر مقرها الكويت، ويكون غرضها بناء وتنفيذ وتشغيل وإدارة وصيانة محطات القوى الكهربائية وتحلية المياه في الكويت.ولفتت المحكمة الى انه خامساً: القانون رقم 40 لسنة 2010 في شأن تأسيس شركة مساهمة كويتية او أكثر تتولى وفقا لنظام البناء والتشغيل والتحويل للدولة القيام بتصميم وتنفيذ وتشغيل وصيانة مدن للعمل، وقد جاء في مادته الأولى أن «تلتزم الحكومة- خلال 6 أشهر من تاريخ العمل بهذا القانون- بتأسيس شركة كويتية مساهمة كويتية او اكثر تتولى وفقا لنظام البناء والتشغيل والتحويل للدولة القيام بتصميم وتنفيذ وتشغيل وصيانة مدن للعمل في مختلف المحافظات، على أن توزع اسهم الشركة على النحو التالي: خمسون (50 في المئة) من الأسهم تخصص للاكتتاب العام لجميع المواطنين.وقالت المحكمة سادسا: القانون رقم 9 لسنة 2010 بإصدار الخطة الإنمائية للسنوات (2010/ 2011-2013/ 2014)، وقد نصت مادته الخامسة على أن «تقدم الحكومة الى مجلس الأمة خلال السنتين لإصدار هذا القانون مشروعات القوانين التي ورد ذكرها في الخطة، كما تقوم الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية خلال السنة ذاتها بإصدار القرارات التنظيمية الخاصة بتنفيذ ومتابعة ما ورد بالخطة الإنمائية واقتراح الترتيبات والتدابير المناسبة لتطبيق السياسات المنصوص عليها في الخطة، وذلك بالتعاون والتنسيق مع الجهات العنية. أهمية فائقةوقالت المحكمة، وحيث إنه بالبناء على ما سبق سرده من تشريعات، وبعد تفحص المحكمة لها عن بصر وبصيرة، فقد بان لها بجلاء مدى الأهمية الفائقة التي تتسم بها والدواعي الملحة التي أدت بالسلطة التشريعية الى إصدارها- فالأول والثاني منها متصل بالمشكلة السكنية المتجذرة في الواقع الكويتي، ورغم أن هذين التشريعين فرضا على الحكومة توفير عشر مدن لا تقل وحداتها السكنية عن (200.000 قسيمة) خلال ثلاث سنوات من تاريخ العمل به عام 2010، كما أوجب على الحكومة خلال سنة من عام 2007 إنشاء البيوت منخفضة التكاليف، حلا لمشاكل السكن الشعبي «العشوائي» في كل من منطقتي الجهراء والصليبية، غير أن السلطة التنفيذية لم تقدم حتى الان ما يفى بتنفيذ الأهداف التي قام عليها هذان التشريعان. وأضافت «أما عن القانون الثالث المنوه عنه فرغم صدوره منذ عام 2008 مواكبة من الدولة لكل التطورات الأخيرة في المنطقة، خصوصا بعد سقوط النظام العراقي البائد والذي حتم عليها الإسراع في اقامة المشروعات الكبرى، ومن أبرزها- في هذا المجال- تطوير وتنفيذ المستودعات العامة والمنافذ الحدودية، لاستيعاب حركة إعادة الإعمار الكبيرة التي بدأت انطلاقتها منذ ذلك 2008، غير أن الأوراق قد خلت مما يفيد اتخاذ الحكومة ثمة خطوات ايجابية نحو تفعيل ذلك القانون».وتابعت «ينطبق الحال أيضاً على القانون الرابع الذي جاء بغية تطوير قطاع محطات القوى الكهربائية وتحلية المياه في الكويت من خلال كسر الاحتكار الحكومي لها، وإعطاء المجال للقطاع الخاص، بهدف الوصول الى تقديم افضل خدمة للمواطنين والمقيمين تنهي مشاكل الماضي في هذا القطاع، والتي عانى منها الجميع، غير انه رغم ذلك كله فإن المحكمة لم تلامس في الأوراق، ما يدل على تنفيذ ذلك القانون».وأخيراً فإن القانون الخامس المتمسك به والمتعلق بالخطة الإنمائية للدولة، يكفي للمحكمة الإشارة إلى ما جاء بقانون إصدارها سالف البيان من النص على أن السنة المطلوب فيها تحقيق سائر مناحي وأهداف الخطة هو عام 2013/2014، غير أنه لا مراء وبإقرار الحكومة نفسها في عدة مناسبات وأحداث- على أن الخطة المتكاملة المذكورة في صدر ذلك القانون، وان لم تفشل كليا فقد انتابها التعثر في اغلب المشاريع التنموية المهمة التي فرض تنفيذها فيها. سلسلة قوانينوقالت المحكمة و»حيث انه بتطبيق ما تقرر على الواقعات، ولما كان المدعي قد تمسك بعدم تنفيذ الجهة الإدارية سلسلة القوانين المهمة والحيوية سابق الإشارة اليها، ولم تقدم الإدارة -بالمقابل ما يدحض هذا الادعاء، وقد ثبت للمحكمة امتناعها عن اصدار اللوائح التي نصت تلك القوانين على الزام الإدارة بها كونها لازمة لتنفيذها، كما لم يقم بالأوراق ما يفيد اضطلاع الحكومة بتأسيس الشركات المساهمة المنوط بها انشاء وتنفيذ المشاريع والأهداف التي صدرت تلك القوانين من أجلها، فهذا جميعه ما يؤكد تقاعس الإدارة عن القيام بوظيفتها التنفيذية المنصوص عليها دستوريا، ولا يصح هذا المضمار ما قد تتذرع به الجهة الإدارية المعنية بأن المواعيد الواردة في القوانين آنفة البيان لإصدار اللوائح التنفيذية أو إنشاء الشركات المذكورة هي مواعيد «تنظيمية»، وبالتالي فهي غير ملزمة لها».ولفتت المحكمة إلى انه ولما كان ذلك إذ إن قضاء التمييز يجرى على «أساس مسؤولية الإدارة بالتعويض عن قرارها هو قيام الخطأ في جانبها بإصدار قرار غير مشروع، أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان يجب عليها وفقاً للقوانين واللوائح ويترتب عليه ضرر وتقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر».كما انه من المقرر أن الدعوى المرفوعة بالتعويض المؤقت تقوم على مجرد ثبوت الضرر فقط، ومهمة المحكمة في نطاقها تقتصر على العرض للمسؤولية بما يثبتها والتعويض بما يرسيه على غير معين المقدار، فهي لا تحدد الضرر في مداه عناصره».وأوضحت «وحيث انه بإنزال تلك المبادئ على الطلبات في الدعوى فإن المحكمة تكون قد وقفت بيقين على توافر اركان المسؤولية القانونية بحق جهة الإدارة من واقع قيام ركن الخطأ في جانبها، والمتمثل في امتناعها عن اتخاذ موقف معين أو أداء دور معين الزمتها به القواعد القانونية المراد ذكرها، الأمر الذي ادى الى تعطيل تنفيذ تلك الأخيرة، ولا ريب ان ذلك الموقف السلبي قد خلف بحق المدعي - وهو مواطن كويتي- جملة اضرار مباشرة المادي منها- حتى الآن يتمثل بمقدار الربح الذي فات عليه وأفراد أسرته إزاء عدم طرح اسهم الشركات الواردة بالقوانين المشار اليها للاكتتاب العام رغم مرور فترة طويلة على اصدارها، وهذا أيضا ما رسب بداخله الما وأسى، لاسيما انه يشهد حاليا مدى تعطل التنمية والتطور في بلاده نتيجة عدم قيام الجهة الادارية وتابعيها بتطبيق اهم قوانين السلطة التشريعية حاليا، وذلك كله على التفصيل السابق بيانه». وذكرت «غني عن البيان انه لولا خطأ السلطة التنفيذية- والتي يمثل المدعى عليه بصفته الرئيس الاعلى لها - لما قام ذلك الضرر، وعلى ذلك تقوم ايضا علاقة السببية بين ذلك الخطأ والضرر».وحيث لم يثبت للمحكمة استقرار هذه الأضرار، فإن الأمر الذي يضحى معه طلب التعويض يعد قائما على سند صحيح من الواقع والقانون، مما يؤدي بالمحكمة الى ان تقضي به.خضوع الإدارة للقانون ضرورة لتحقيق العدالة والمساواةقالت المحكمة في حكمها إن دعاوى التعويض لا تتقيد بإجراءات ومواعيد دعاوى إلغاء القرارات الإدارية، وقد تبين لها أن الدعوى قد اقيمت مستوفية سائر أوضاعها الشكلية المقررة قانونا ومن ثم فهي مقبولة شكلا.وحيث انه عن موضوع الدعوى فإن المحكمة - وتأصيلا لقضائها- تؤكد انه لا تثريب بأن خضوع الإدارة للقانون أو مبدأ سيادة القانون يكون عنصراً من عناصر الدولة القانونية، فلا يجوز للادارة ان تتخذ إجراء أو قراراً إدارياً أو عملاً مادياً إلا بمقتضى القانون وتنفيذا له، ومرد ذلك الى امرين: الأول هو انه حتى يتحقق مبدأ خضوع الدولة للقانون يلزم ان تكون الإجراءات الفردية التي تتخذها السلطات العامة فيها منفذة لقواعد عامة مجردة موضوعة سلفا، وبذلك تسود العدالة والمساواة، الأمر الثاني هو ان القانون في الدول الديمقراطية يصدر عن هيئة منتخبة تمثل الشعب وتمارس السيادة باسمه، وخضوع الإدارة للقانون يحقق لتلك الهيئة الهيمنة على تصرفات الإدارة، على الا يجب ان يفهم من ذلك ضرورة خضوع الجهاز الإداري بوصفه هيئة للجهاز التشريعي، انما يكفي ان تكون الوظيفة الإدارية والتنفيذية تابعة للوظيفة التشريعية، لاسيما في ما تصدره الأخيرة من قوانين.