في عام 1965 بالقرب من بريستول- بريطانيا ولدت كاتبة روائية لم يكن لأحد أن ينتبه لها، وكان يمكن أن تكون مغمورة ولن ينتبه لها أحد. بدأت في عام 1990 تخطط لروايتها الأولى على ورق مهمل حين تأخر قطار رحلتها ذات يوم. في عام 1994 انتقلت إلى اسكتلندا لتكون إلى جانب شقيقتها. كانت مطلقة وعاطلة وتعيش على الإعانة الاجتماعية، تخرج إلى المقاهي القريبة بعد أن تنام ابنتها، وتبدأ تكتب روايتها التي خططت لها قبل أربع سنوات. في عام 1995 أنهت الروائية أول جزء من سلسلة هاري بوتر، وطبعت عدداً من النسخ، لأنها لا تمتلك مالاً لتصوير المخطوط.  

Ad

وجدت السيدة ج.ك. رولنغ وكيلاً لعرض روايتها على دور النشر، ولكن جميعها رفضت نشر العمل. الدار الـ13 وهي دار صغيرة في بلومزبري وافقت على نشر الرواية، لأن ابنة مديرها، وهي طفلة في الثامنة، أعجبت بالفصل الأول وقررت إكمالها. تسلمت السيدة رولنغ مبلغ ألف وخمسمئة جنيه استرليني عن النص، حين طبعت الرواية عام 1997 وزعت أول خمسمئة نسخة مجاناً على المكتبات. في عام 2007 طبع الجزء السابع من الكتاب وتم بيع ربع مليون نسخة في أول أربع وعشرين ساعة. وما تلا ذلك من قصة نجاحها معروف الآن.

ولكنها رغم كل شهرتها وانتشارها المذهل لم تنل ج.ك. رولنغ جائزة أدبية رفيعة ومهمة عن عملها. في المقابل لم يحقق جميع من فازوا بجائزة "نوبل" منذ صدور الجزء الأول من هاري بوتر الثروة والشهرة التي حققتها الروائية المغمورة، فالمعادلة تبدو صعبة وغير منصفة.

الهدف الذي يجري خلفه الروائي العربي هو الشهرة والانتشار، وهو انتشار أصبح في السنوات الماضية مرهوناً بالجوائز الخليجية تحديداً. الجوائز التي يصحبها جو من الإثارة والصراع العربي والتعصب لبلدان الكتاب بدلاً من البحث عن الكاتب الجيد وأحقيته في الفوز بغض النظر عن جنسيته. الجزائر غاضبة لأنها لم تجد من يمثلها، والسعودية لم ينجح منها روائي للوصول، وهي الفائزة مرتين، بينما الكويت يرى ممثلها أنه الأحق بتمثيلها من سواه.

كل ما يحدث هزل لا علاقة له بالأدب والرواية. كل ما يحدث تبادل مصالح وسيطرة دور نشر معينة على المشهد الثقافي، وأتصور أن الأديب الحقيقي هو الذي يترفع عن هذا الصخب. لم تشكل لجنة متكاملة في البوكر مقنعة لفحص الأعمال المفروضة من دور النشر. معظم أعضاء هذه اللجان بعيدون تماماً عن الرواية ونقد الرواية وقراءتها أيضاً، وما يفعله أصحاب الجائزة بها هو ابعادها عن المصداقية، واثارة سخط النقاد والكتاب عليها. أغلب الروايات التي طرحت في القائمة صدرت منذ أكثر من سنة ولم يلتفت إليها القارئ أو الناقد، وما ستحققه في فوزها من انتشار، ليس لأنها تستحق فنياً ولكن لأنها فازت فقط.

وزعت الجوائز في المرات السابقة لأسباب مناطقية لا منطقية، ففازت السعودية ولبنان والكويت ومصر وتونس والمغرب والعراق، وهذه المرة ستنحصر بين فلسطين وسورية وفلسطين الأوفر حظاً. ستحقق الرواية الشهرة التي يسعى اليها أصحاب القوائم، ولكنها لن تقدم ما يضيف للفن الروائي شيئاً.

إذا استمرت الجائزة تسلك هذا الطريق فلن تصل أبداً، وستبدأ تفقد مصداقيتها وثقة القارئ بمخرجاتها، وتهافت الأغلبية عليها هو ليس سوى بحث عن شهرتها الإعلامية ومبلغها المادي.