يا وطن العيد

نشر في 28-02-2016
آخر تحديث 28-02-2016 | 00:00
 ناصر الظفيري «شلتك بيوفي وطن»

إذا لم يحملك الوطن في قلبه فاحمله في قلبك. أوطاننا هي أقدارنا الأولى. تخاصمنا أحياناً ونخاصمها أحياناً، لكنها تبقى أبدية فينا، منذ تشكلنا الأول حتى نهايتنا الحتمية. أوطاننا ليست الأوراق التي حملناها بصورنا الشخصية، وليست الأوراق التي حرمنا من حملها، أوطاننا الطين الذي شكل صورنا تلك، ومنحنا ملامحنا وأسماءنا ولغتنا الأولى. أوطاننا الذاكرة التي ليس لها أن تستبدل بذاكرة أخرى وليس لها أن تتلاشى. أوطاننا ليست جنسياتنا ودرجاتها وصفاتها وليست أوراق سفرنا وألوانها، أوطاننا قلوبنا التي تعشق وما يقرأه الآخر في بصمات أعيننا.

«شلتك بيوفي وطن»

ولأني أعرفك جيداً كما تعرفني، وأثق بك دائماً رغم كل ما مر بك وسيمر، ستبقى كما أنت "وطن النهار"، وجار البحر وامتداد الصحراء. خاتلك الغزاة وجرحتك الخيانات وأساء لك محبوك، وكنت دائماً أكبر من جراحك. تعشق الفرح ويعشقك الفرح، تمرض وتتسامى على جرحك، تقسو وأعذرك عما ارتكبه سواك. وخاصمت من فيك وما خاصمتك، حين ابتعدت عنك عشقتك للعشق ذاته، رأيتك مجرداً في ذاتي، متجسداً نقياً كما عهدتك.

«شلتك بيوفي وطن»

أيها البهي النقي الأبي، أنت لست أغنياتهم البليدة، ولست أهازيجهم السخيفة، أنت لست ألوانهم المبتذلة ورقصهم التافه، أنت بلد الكبار الذين رسموك كما يليق بك. أنت بلد أحمد العدواني وأحمد الربعي وخلدون النقيب وإسماعيل فهد إسماعيل وليلى العثمان وصقر الرشود، وأنت مضيف العقول التي أنشأت زهوك ورسمت ألوانك العربية، أنت بلد فؤاد زكريا وزكي طليمات ومهدي حنتوش. وأنت بلد هذا الشاعر الشعبي الساحر الذي أجاد غناءك، وأنت دموعنا كلما صدح المغني.

"شلتك بيوفي وطن"

ولست أخاف عليك إلا من جهالة أبنائك وحماقة صغارك، أخاف عليك من مترفيك الذين شوهوا عيدك، أخاف عليك من أن يقوضوا أمنك وأنت أمانهم، هؤلاء الصبية الذين لم يعرفوا ما معنى أن يعيشوا حين تموت. ورغم كل جراحك أثق بك، ولا أخاف عليك وأنت تكبر في مواسم عشق محبيك وتغفو في قلوب عشاقك، لست أخاف عليك فالرصاص الذي يطيش من حولك يقويك، ولست أخاف عليك لأنك لن تكون أبداً لهم.

ستبقى وطن الحب الذي عشت عليه تاريخك، وستبقى الحضن الذي ضم إلى حضنه أبناء عروبته، وستبقى اليد التى امتدت للجميع. ستبقى وطن الشهداء الذين سقطوا دونك، الشهداء الذين لونوا بدمائهم تاريخك وأعادوك إليك. الشهداء الذين لم يسألوك سوى أن تبقى كما أنت. الشهداء الذين تردد أرواحهم صدى أغنية.

"شلتك بيوفي وطن"

سلام عليك وأنت تفرح، سلام عليك وأنت تنزف، سلام عليك في بعدك وسلام عليك في قربك. سلام عليك يا نحن جميعاً.

• ما بين الأقواس لشاعر وطن النهار بدر بورسلي

back to top