بينما تشير تحركات السوق إلى القلق والخوف من احتمال حدوث ركود اقتصادي فإن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تتوقع حدوث تسارع في النمو العالمي بنسبة تصل إلى 3.3% هذا العام.

Ad

تسود خلافات حادة في الوقت الراهن بين مجموعتي، المستثمرين والاقتصاديين، ومن خلال الحكم على تطورات أسواق الأسهم حتى الآن في هذه السنة يمكننا القول ان المستثمرين يشعرون بقلق بالغ ازاء الوضع العالمي، ولكن خبراء الاقتصاد يقولون إن الهلع يتملك المستثمرين من دون سبب وجيه.

وتشير تحركات الأسواق (والكثير من التعليقات) الى أن أكبر المخاوف تتمثل في وضع الاقتصاد الصيني وتأثيراته على الانتاج العالمي، اضافة الى امكانية قيام مجلس الاحتياطي الفدرالي بتشديد السياسة النقدية في الولايات المتحدة في وقت مبكر جداً، وذلك في ضوء الأرقام الضعيفة التي صدرت حديثاً عن أداء الاقتصاد الأميركي، ولكن خبراء الاقتصاد يعتقدون أن الصين، وعلى الرغم من التباطؤ الذي يشهده اقتصادها ليست موشكة على الانهيار، وأن هبوط أسعار النفط يعطي دفعة ايجابية بصورة عامة، وهو ليس مؤشراً على تبعات سلبية.

 وبينما تشير تحركات السوق الى القلق والخوف من احتمال حدوث ركود اقتصادي فإن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تتوقع حدوث تسارع في النمو العالمي بنسبة تصل الى 3.3 في المئة في هذه السنة.

ولنأخذ اوليفر بلانكارد، وهو كبير الاقتصاديين السابق لدى صندوق النقد الدولي الذي نشر أخيراً تعليقه على الشبكة العنكبوتية لمعهد بيترسون، فبعد استعراضه للأوضاع الاقتصادية في الولايات المتحدة والصين قال إن من الصعب تبرير تحركات السوق، والسؤال هو: ما الذي يفسر في هذه الحالة تحركات السوق؟ وهو يرى أن الاصطفاف يكمن وراء ذلك الى حد كبير، وإذا عمد مستثمرون آخرون الى البيع فإن السبب يرجع الى كونهم يعرفون أشياء نحن لا نعرفها، وهكذا يتعين عليك أن تبيع و أنت تفعل ذلك ومن ثم تهبط أسعار الأسهم.

ويقول تورستن سلوك من بنك دوتشه إن الأساس في ذلك التصرف أن الناس يرون أن الاضطرابات التي شهدتها الصين في الآونة الأخيرة على شكل فضايا مؤقتة تتعلق بتحرير اقتصادها وليست مدفوعة بعوامل ضغط، وحتى اذا وجد عامل ضغط في الصين فإن المخاوف التي نتحدث عنها مؤقتة وسوف تنتهي بمحرد أن نضع خلفنا السيناريو الأسوأ من حيث هبوط أسعار النفط وتحسن قيمة الدولار.

وفي مقالة كتبها في مجلة بروسبكت، قال المراقب المحنك جورج ماغنوس إنه يرى ان أسواق الأسهم – حتى إذا كانت في مزاج سيئ – فإن ذلك لا يعني أن علينا ربط هذا الوضع مع ركود اقتصادي عالمي وشيك على أي حال.

الحصيلة الأكثر احتمالاً

وتتمثل الحصيلة الأكثر احتمالاً، على افتراض عدم حدوث هزة مدوية في أسواق الأسهم، في أننا سوف نمر بفترة من الضعف الاقتصادي ليس إلا، في وقت يميل خبراء الاقتصاد الى التكبر الى حد ما ازاء وضع الأسواق. ويقول بول صمويلسون، الذي سبق له أن توقع أن يتجاوز اقتصاد الصين الاقتصاد الأميركي إن "مؤشرات وول ستريت توقعت عدداً من حالات الركود السابقة".

صحيح بكل تأكيد أن الأسواق تستطيع أن تتقدم على نفسها في الجوانب السلبية والايجابية، ولكن الاقتصاديين، على أي حال، يستخدمون الأسواق على شكل أدوات تنبؤ في توقعاتهم، وقد دمج مؤشر مجلس المؤتمر مقياسين في هذا الصدد، وهما مؤشر إس and بي 500 والفترة الممتدة بين معدلات الفائدة الطويلة والقصيرة الأجل.

ثم إن استخدام هذين المقياسين مسألة يمكن فهمها، اضافة إلى أن الهبوط الكبير في أسواق الأسهم من شأنه أن يفضي إلى إضعاف ثقة المستهلك، على الرغم من أن ذلك لا يضاهي الهبوط في أسعار المنازل والذي يحدث في العادة من دون مؤشرات، كما أن تضخيم الأرباح غالباً ما يمثل إشارة إلى حدوث ركود اقتصادي، ويرجع ذلك في حد كبير الى أن البنوك المركزية ترفع معدلات الفائدة من أجل تفادي حدوث تضخم.

من يجب أن نصدق؟

والسؤال هو من يتعين علينا أن نصدق، الأسواق أو الاقتصاديين؟ وقد أشار المعلق لاري سمرز في مقالة نشرتها صحيفة فايننشال تايمز في الأسبوع الماضي الى أن الأسواق استوعبت حجم وثقل الأزمة التي اندلعت في سنة 2008 قبل أن يدركها مجلس الاحتياطي الفدرالي وتملكها القلق من التداعيات، ومن المظاهر التي تنذر بسوء أن تعجز الأسواق عن التصرف عند سماع أخبار جيدة.

وكما أشار أحد المعلقين فإنه يوجد اغراء في تصديق الأسواق عندما تتفق فقط مع نظرتك، ولذلك فقد حذر منذ فترة من الزمن من مؤشرات التباطؤ العالمي، ويتضح ذلك من خلال النظر الى تباطؤ نمو التجارة العالمية، والذي ليست له علاقة بالأسواق المالية.

وعلى أي حال يمكن القول إن المشكلة الكبيرة تكمن في أن اشارات السوق لم تعد كما كان الحال في الماضي، كما أن البنوك المركزية لا تزال تشتري أو أنها من كبار مالكي السندات الحكومية، هل تمثل الأرباح حقاً مشاعر المستثمرين؟ إن معدلات الفائدة المتدنية جداً، أو السلبية، تثني المستثمرين عن الاحتفاظ بالمبالغ النقدية وتشجعهم على شراء أصول تنطوي على مخاطرة، والسؤال هو: هل تعتبر أسعار الأسهم وأرباح سندات الشركات مقياساً "حقيقياً"؟ وفي ضوء قيام مجلس الاحتياطي الفدرالي بالخطوة الأولى نحو سحب التحفيز في الشهر الماضي هل تعتبر تحركات السوق مؤشراً على نشاط اقتصادي أو اشارة إلى أن المستثمرين يشعرون بقلق ازاء امكانية جفاف العوائد بطريقة أو بأخرى؟