على وقع استمرار النظام السوري وحليفته موسكو، التي روجت لفكرة الدولة الفدرالية، في خرق اتفاق وقف إطلاق النار في سورية، اجتمعت مجموعة العمل الدولية لأول مرة أمس، لبحث انتهاكات قالت فرنسا إنها أصابت المعارضة المعتدلة، وحذرت من أن استمرارها يشكل اختباراً لجدية المجتمع الدولي.

Ad

.مع دخول الهدنة الهشة في سورية يومها الثالث أمس، تلقت فرنسا معلومات مؤكدة عن هجمات استهدفت مناطق تسيطر عليها المعارضة المعتدلة المشمولة بالاتفاق الأميركي- الروسي، ودعت إلى اجتماع فوري و"من دون إبطاء" لقوة المهام الخاصة التابعة لمجموعة دعم سورية في جنيف، لبحث هذه الانتهاكات، التي اتهم وزير الخارجية السعودي عادل الجبير نظام الرئيس بشار الأسد وحلفاءه الروس بالمسؤولية عنها، ملوحاً بتنفيذ خطة الائتلاف الدولي البديلة.

وفي تطور جديد، قال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، في إفادة صحافية أمس، إنه في حال نجاح الهدنة "تأمل روسيا بأن يتوصل المشاركون في المفاوضات السورية إلى فكرة إنشاء جمهورية فدرالية".

ووفق دبلوماسي غربي، فإن مجموعة العمل المكلفة الإشراف على وقف إطلاق النار اجتمعت بعد ظهر أمس، لتقييم الاتهامات المتبادلة حول سلسلة خروقات، التي أوضح وزير الخارجية الفرنسي جان-مارك آيرولت في جنيف، أمس، أنها "شملت استمرار الهجمات ولغارات على مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة المعتدلة"، محذراً من "الخطأ، فالمأساة السورية هي الاختبار الذي سيحكم في ضوئه على كل جهودنا على صعيد حقوق الإنسان"،

وقال آيرولت، على هامش الاجتماع السنوي لمجلس حقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة، "ينبغي بالطبع التثبت من كل ذلك. وفرنسا تتمنى بقوة انتهاء الأعمال العدائية، لكنها ستبقى متيقظة حول تطبيق الاتفاق عملياً"، مضيفاً: "في الوقت الحاضر، لا بد لنا من الإقرار بالفشل". وأكد بهذا الصدد أن فرنسا "لن تقف بجانب الذين يريدون تجاهل الانتهاكات لحقوق الإنسان وطرحها جانبا".

الأمم المتحدة

وقبيل الاجتماع، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أن الهدنة "صامدة عموماً"، رغم بعض "الحوادث المعزولة" التي سجلت في نهاية الأسبوع، موضحاً أن مجموعة العمل "تحاول الآن عدم اتساع نطاق هذه الأمور، واستمرار وقف الأعمال العدائية"، فيما أشار مبعوثه إلى سورية ستيفان ديميستورا إلى أن "الساعات الـ 48 من الهدنة مشجعة".

وأرسلت المعارضة شكوى إلى كي مون عددت فيه 45 انتهاكاً للنظام، مدعوماً بطائرات حربية روسية، محذرة من أن الانتهاكات ستقوض الجهود الدولية، لضمان استمرار الهدنة، وستؤدي إلى انهيار العملية السياسية.

وفي الرسالة، أشارت الهيئة العليا للتفاوض إلى أن الطائرات الحربية الروسية نفذت الأحد 26 غارة على مناطق لجماعات من المعارضة المسلحة ملتزمة بالهدنة، وأسقطت قنابل عنقودية على مناطق سكنية، بالإضافة إلى قصف ما لا يقل عن ست بلدات وقرى في غرب وشمال حلب وقرية في محافظة حماة وبلدة دير معلا شمالي مدينة حمص.

 46 خرقاً

وفي تصريحات متلفزة، أعلن رئيس وفد الهيئة المفاوضات أسعد الزعبي عن وقوع "أكثر من 46 خرقاً"، بينها "استخدام النظام غاز الكلور في عربين في ريف دمشق"، مشيراً إلى أن الاتفاق بات يواجه الإلغاء الكامل.

وإذ أكد الزعبي أن "كل الفصائل لا تزال ملتزمة بضبط النفس"، شدد على أن المعارضة لديها عدة بدائل لحماية الشعب السوري إذا لم يتمكن المجتمع الدولي من ذلك.

الكرملين يحذر

في المقابل، علَّق المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف على تطورات الوضع، مؤكداً أن "العملية مستمرة"، وكان واضحاً من البداية أنها لن تكون سهلة.

وفي رد على اتهامات السعودية وتلويحها بجاهزية الخطة البديلة، حذر بيسكوف شركاء روسيا من توجيه أصابع الاتهام لها بخرق شروط التهدئة.

وأكدت وزارة الخارجية السورية، أن "كلام وزير الخارجية السعودي عادل الجبير عن وجود خطة بديلة مجرد وهم، ومحاولة لإحباط وقف الأعمال القتالية"، لافتة إلى أن "ما يقوله لا يعدو كونه صدى لما يقال في إسرائيل وأميركا".

ضربة قاصمة

وبعد إعلانها عن اتصال هاتفي جديد أجراه وزير الخارجية سيرغي لافروف ونظيره الأميركي جون كيري، ناقش تعزيز التعاون بين جيشي البلدين لتثبيت خطة وقف إطلاق النار، حذرت وزارة الخارجية الروسية من استعدادات للجيش التركي على الحدود السورية، معتبرة أن أي تدخل عسكري لأنقرة سيكون "ضربة قاصمة".

وفيما شدد الرئيس رجب طيب إردوغان على أن وقف إطلاق النار لا يشمل سوى ثلث البلاد، أكد الجيش التركي قصفة المدفعي لمواقع لتنظيم داخل سورية، مشيراً تحديداً إلى تل أبيض في ريف الرقة معقل التنظيم وعامة خلافته.

انخفاض القتلى

وعلى الأرض، انخفضت حصيلة القتلى في المناطق الخارجة عن سيطرة "داعش" بشكل ملحوظ منذ بدء تطبيق الهدنة، التي تراوحت بين 120 قتيلاً يومياً كمعدل وسطي خلال فبراير و144 عشية تطبيقها يتوزعون بين 70 جندياً و36 مدنياً و38 من الفصائل المقاتلة.

وأحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس مقتل "20 شخصاً من مدنيين وجنود ومقاتلين السبت، في اليوم الأول لبدء، مقابل عشرين آخرين الأحد"، موضحاً أن هذه الحصيلة لا تتضمن القتلى في صفوف "جبهة النصرة" المستثناة إلى جانب "داعش" من وقف الأعمال العدائية.

معارك النظام

واستمرت المعارك بين قوات النظام بقيادة ومشاركة ضباط وجنود روس والفرقة الأولى الساحلية وحركة "أحرار الشام" الإسلامية وفصائل أخرى في محيط منطقة كبانة بجبل الأكراد في ريف اللاذقية الشمالي، عقب هجوم شنته الأولى تحت غطاء جوي روسي.

وفي حلب، واصل النظام مساعيه لتأمين طريق خناصر– أثريا، لإبعاد "داعش"، الذي خسر منطقة التنمية والحمامات وجبل أبوالكروز وجبل السوس، في المعارك الدائرة، التي تكبد فيها النظام أيضاً نحو 26 عنصراً.

وفي درعا، أفاد المرصد عن تجدد الاشتباكات بين فصائل المعارضة ولواء "شهداء اليرموك" المبايع لـ"داعش" في محيط بلدة سحم الجولان بالريف الغربي.