خارج السرب: إشارة مكسورة وتبرد
الإشارة الحمراء الوحيدة هنا التي يمر كسرها برداً وسلاماً، وبلا مخالفات أو ملاحقات، هي الإشارة التي بها اللبيب يفهم! وأعتقد أن السبب هو قوانين "مرور الكرام" التي تطبقها حلولنا المرجوة لكل مشكلة, نمر على الوحدة الوطنية كمثال مرور الكرام، سلام وعليكم السلام، فنذكرها في أوبريت أو خطبة في مؤتمر أو بقصيدة, ثم نتفرق سراعاً لنذهب نحو دواوين الطوائف والمذاهب، لنسهر فيها حتى يصيح الديك، ونحن ندور ما دارت كؤوس الفتن بخمر الإقصاء. ونحن نمر على أزمة عجز الميزانية كذلك مرور الكرام, ونسلم "طياري" على ملفات الدخل البديل, والقطاع الخاص الفاعل المرفوع الرأس لا المفعول به المنصوب به علينا, وتنمية الثروة البشرية، ثم نتفرق لنقضي بقية اليوم على طاولات قهاوي "اللت والعك" لنطلب شيشة معسل لتر بنزين المواطن, وشاي سنجيل كيلو عيش التموين, ونلعب دامة فولتات الكهرباء و"تبوب" الماء!
قس على ذلك إشارة ملفات التعليم الحمراء التي "نشخطها 200 كم/ ساعة" حسب قواعد مرور الكرام طبعاً, "دايسين حد الدوسة"، يا وجه الله، كما يقول الأستاذ محمد الوشيحي، نضغط على دواسة مشاريع وخطط لا تساوي الحبر الذي كتبت به، لا يهمنا مطبات منهج غير منهجي ولا أرصفة طالب ثانوية لا يقرأ ولا فلشرات درجة متدنية تسخر منا فيها التصانيف العالمية وتخرج لنا لسانها شهرياً عبر صفحات غوغل! أما ملفات الصحة فهي الشهادة لله ملتزمة بقوانين مرور الكرام، بل وتستحق وساماً على ذلك، فهي بالإضافة إلى كسرها المستمر لإشارات الوضع الصحي الحمراء كعدد المستشفيات وفترات المواعيد والأخطاء الطبية وغيرها, تلتزم دوماً ومع أول زخة مطر استجواب خفيفة بـ"التقحيص" في دوار العلاج بالخارج. كما قلت لكم... هي صالة أفراح مرور الكرام يا سادة ولا عزاء فيها لأولى الألباب وإشاراتهم الحمراء المهملة، إشارات مكسورة ولا تبرد إلا "وجيه" المشاريع التنموية المزعومة.