{نجومية الصغار}... سلاح ذو حدين
يملك أطفال كثيرون الموهبة، ويحلمون بأن تؤهلهم لأن يكونوا نجوماً عندما يكبرون، لا سيما في عالم الفن، خصوصاً أن نجوماً كثيرين بدأوا مشوارهم مع الشهرة منذ كانوا أطفالاً، في حين فشل البعض الآخر في تحقيق النجاح، وخير مثال على ذلك {الطفلة المعجزة} فيروز.
فتحت برامج كثيرة الباب أمام اهتمام الأطفال بالموسيقى والفن والغناء، لذلك يسعى كثير من الآباء بمجرد اكتشافهم موهبة فنية في أحد أبنائهم إلى محاولة إشراكه في برامج تلفزيونية مختلفة بهدف تسليط الأضواء عليه، لعلها تكون «ضربة الحظ» بالنسبة إليه من الصغر، ويحقق ما يحلم به من نجومية وشهرة.والسؤال، هل النجومية التي يحققها الطفل في صغره «مضرة» أم مفيدة؟ لا سيما بعد هجوم تعرّض له برنامج «ذي فويس كيدز» بسبب دموع الأطفال الذين خرجوا في التصفيات.
آراء الخبراءهل نجومية الصغار سلاح ذو حدين، وهل تصقلهم التجارب وتعلمهم معنى النجاح والفشل؟ بدايةً، يرى د. سعيد عبد العظيم (أستاذ الطب النفسي في جامعة القاهرة) أن من الطبيعي أن يتأثّر الطفل بأضواء الشهرة في سن مُبكرة، فتكون سلاحاً ذا حدين، لأن الإنسان يمرّ خلال تطوره النفسي والاجتماعي والعقلي بمراحل متتالية، من المفترض أن تأخذ شكلاً ووقتاً محددين، مضيفاً أن ملاحقة الشهرة لطفل في وقت معين ستؤثر عليه نفسياً بالتأكيد، لأنه قطعاً يكون غير مهيأ للتعامل مع أعباء تنتج منها، لا سيما اتخاذ قرارات لا تتناسب مع فئته العُمرية.ويؤكد أستاذ الطب النفسي أن للأسرة دوراً مهماً تؤديه كي لا يتغيّر سلوك الطفل عندما يتعرّض لتلك المتغيرات الحياتية. بمعنى أنه يجب معاملته بشكل طبيعي وتوفير الجو العادي له كطفل، بالإضافة إلى ضرورة توافر الوعي في هذا المجال من الأسرة والمدرسة، ودمج الطفل بمحيطه من أقارب وجيران، ومراقبة أي تصرفات وسلوكيات جديدة لديه، لمحاولة السيطرة عليها، كي ينمو بشكل سليم. أما د. هاشم بحري (أستاذ الطب النفسي في جامعة الأزهر)، فيرى أن تأثّر الطفل بالخسارة والخروج من برامج المواهب مثل «ذي فويس كيدز» يجعله معرضاً بشكل كبير لفقدان الثقة والإحساس بأنه فشل في تحقيق هدفه، ذلك في عقله الباطن، وهو شعور ينبع من ضغط يتعرّض له نظراً إلى سنه الصغيرة. ويكون دور الأسرة في هذه النقطة، بحسب بحري، مهماً للغاية في تجاوز هذه المرحلة، بعدم إشعار الطفل بأن الخسارة في البرنامج تعني فشله في حلمه أو هدفه. كذلك يجب على الأسرة تأهيل الطفل نفسياً قبل اتخاذ خطوة مشاركته في أي برنامج للمواهب، ذلك بعدم الضغط عليه، وتعليمه أن كل إنسان معرّض للخسارة والفوز.من الجانب الاجتماعي، أشارتد. سامية خضر صالح (أستاذة علم الاجتماع في جامعة عين شمس) إلى أن سلوك الطفل اجتماعياً سيؤثر على من حوله، لأنه يعد نموذجاً لغيره من الأطفال، ومصدراً لبعض السلوكيات من حوله سواء إيجابية أو سلبية، مؤكدةً أن الشهرة تعرّض الأطفال للغرور بشكل أو بآخر، فالطفل المعروف في أي مجال، خصوصاً الفني، يصاب في فترة من الفترات بالغرور بسبب الاهتمام الزائد به ممن حوله، لذا لا بد من متابعته باستمرار، وتوجيهه دائماً نحو المسار الصحيح.وعن هذه التجربة، أفاد الموسيقار حلمي بكر أن برنامج المواهب «ذي فويس كيدز» خطوة جيدة، وستتكرر كثيراً من وجهة نظره، فهي تمهد الطريق للأطفال نحو المستقبل في صناعة نجوميتهم، لكنها لا تؤدي إلى اكتشاف موهبة، لأن الطفل يتمتّع بصوت قد يتغيّر مستقبلاً، هذا هو الفرق. بالتالي، للبرنامج أهداف ربحية.ويواصل بكر: «كنت أتمنى ألا تؤثر تلك المشاركات في الاعتناء بالأطفال المشاركين، لأنه في هذه السن يجب أن يتوافر لهم التدريب المُستمر كي لا تأتي المشاركة بنتائج عكسية، خصوصاً أن إقصاء المواهب أمر خطير على نفسية الطفل». وشدّد على أن من المُفترض تكريم كل من شارك بجائزة ما (مثلاً، تقديم أغنية مع أحد أعضاء لجنة التحكيم) ليتجاوز الأطفال الجانب النفسي، من ثم لا يفقدون ثقتهم بذواتهم.من جانبه، أكّد المتحدِّث الرسمي باسم مجموعة MBC مازن حايك في بيان صحفي وعلى الصفحة الرسمية على {فيسبوك} حرص المجموعة الشديد على تحفيز الأطفال إيجاباً، واقتدائهم بالنجوم، وتأكيد عدم وجود خاسر وراسب في البرنامج، بالإضافة إلى مواكبة خبراء نفسيين للأطفال طوال فترة التصوير.وأضاف أنّ «MBC تحرص أيضاً على عدم ظهور الأطفال في مقابلات، أو إنشاء حسابات لهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومنع تعريض براءتهم لأي سوء من أي طرف كان»، وتابع: «حريصون عليهم تماماً كما يفعل أهلهم».