لطالما انطلقت أفكار من وزملائنا وزميلاتنا الباحثات والباحثين في جامعة الكويت حول مواضيع عديدة، تلك الأفكار تجلت في توصيات كتبت خلال مؤتمرات أقمناها برعاية واهتمام نحسد عليهما، وبمجرد انتهاء المؤتمر نتساءل عن مصير التوصيات والخطط المطروحة، خصوصا أننا نعمل بجامعة حكومية ورعاية حكومية أيضاً، فلماذا إذاً لا تدخل التوصيات ضمن الأفكار التي تطرحها الدولة؟
وأبرز ورش العمل تلك التي عقدناها قبل عام، وانطلقت تحت مظلة المراكز البحثية حول دور الإعلام بأنواعه، والتي تزداد يوما بعد آخر، فلم تعد مصطلحات المرئي والمسموع تستخدم اليوم، إنما يكثر ذكر الإعلام الإلكتروني ذو الخطاب الرسمي والذي يتضمن الاجتماعي أيضا، والإعلام الفردي الاجتماعي والتقني وغيرها من المعلبات التقنية الجديدة التي تجد طرقها إلى الأسواق والاستخدام التجاري والفردي قبل الرسمي.ومن أبرز المواضيع التي برزت من خلال تلك الورش الحاجة إلى استيعاب التعدد والتنوع الثقافي الذي ارتبطت متغيراته بالظروف والمراحل التي مرت بها دولنا، والتغيرات السياسية والاقتصادية التي تأثرت بها الثقافة، وانعكست علينا كأفراد في المجتمع، وأعادت رسم ملامح الكيان الاجتماعي أيضاً.ومن أبرز الوفود التي استضفناها أيضا على مدى الأعوام الماضية وفود إيطالية للحديث عن الإعلام، ووفود عمانية للحديث عن حقوق المرأة، وخليجية متنوعة من البحرين والمملكة العربية السعودية وقطر والإمارات للحديث عن الثقافة والمتغيرات الحالية، وكانت الوفود الأجنبية حريصة كل الحرص على التبادل المهني البحثي، أما الوفود العربية فلم تفق حتى الآن من تأثير الربيع العربي، فألقت عليه مشاكلها وتطلعت من خلاله أيضا إلى التغيير المنشود.ومن ربيع الشعوب إلى ربيع المؤسسات، تناولنا بالتفصيل مرارا وتكرار موضوعات تعتبر حيوية اليوم، كالخصخصة وتوصلنا إلى نتائج توصي بتطبيقها جزئيا، أي إسناد الخدمات للقطاع الخاص والملكية للدولة، واستمر البعض بتقديم دراسات التقييم لقطاعي الصحة والتعليم، وتداعيات خضوع القطاعين الصحي والتعليمي للخصخصة الجزئية عبر الشراكة، والضمانات التي تؤمن تقديم مستوى أعلى للخدمات بتكلفة أقل ومبالغ رمزية.واليوم نطوي صفحة التوصيات دون أن تجد طريقها لمتخذ القرار، إنه الإنفاق دون الاستفادة من الجهود المبذولة، أي الإسراف بعينه، فإلى متى؟!كلمة أخيرة:فخورة بمتابعة فريق مدرسة البيان الخاصة حاليا في مدينة كمبردج ببوسطن، والذي خاض دوري المناظرة بجامعة هارفارد رغم الثلوج والبرد القارس، وبكل فخر أقول هذا هو الكويتي.كلمة أخرى: التقيت بسيدة لم تستطع الالتحاق ببرامج الدراسات العليا لصعوبة الشروط المطلوبة، والتي لا تعتبر لسنوات العمل أي قيمة، فأرسلت أوراقها للمؤسسات البحثية والتعليمية الخليجية، واليوم هذه المرأة الحديدية تقوم بإعداد بحث للدكتوراه بهارفارد، ابتعدت "على حد تعبيرها" عن عصا البيروقراطية، واقتربت من جاذبية الإنجاز، فهنيئاً لها على هذه العزيمة، وقد وعدتها بعدم ذكر اسمها إلا بعد التخرج.
مقالات
توصيات بلا تطبيق
17-02-2016