الأزمة الاقتصادية
انخفضت أسعار النفط إلى الثلث، فبدأ الهلع رسمياً وشعبياً في دول الخليج العربية، نكتب في هذا الموضوع اليوم ونتوقع ردود فعل أولها أن كاتب هذه الكلمات ليس متخصصاً في الاقتصاد، والرد أن الكتابة في الشأن العام ليست بالضرورة بيد المتخصصين فحسب، وردود الفعل الأخرى المتوقعة لا سيما إذا كان ما سنطرحه من رأي متواضع مؤلماً لهم. المشكلة أننا لا نفكر بالأزمات ونحن ننعم بالخير الوفير! لقد انخفض سعر النفط إلى 30 دولاراً تقريباً، وبذلك تخسر كل دولة من دول الخليج العربية المليارات من عائدات النفط، وبدأ بعض ردود الفعل غير عقلاني بالمطالبة بوقف مخصصات بعض المشاريع الكبرى، ووقف الدعم الحكومي لبعض السلع الأساسية، ومزيد من الخصخصة وغيرها. أولاً هذه ليست الأزمة الاقتصادية الأولى ولا الأخيرة، وثانياً العلاج ممكن لكن ليس ما طرحه البعض، ونود هنا أن نطرح بعض الأمور التي تشكل أسباباً للأزمة، ومواجهتها تعد طريقاً لحل الأزمة أو أنها مقترحات تستحق الدراسة.
1- إن دولنا تفتقد الفكر الاستراتيجي والرؤية المستقبلية في هذه المسألة وغيرها، ولو توافر ذلك لما حصل الهلع والتخبط عندما تمر علينا مثل هذه الأزمات كالأزمة الاقتصادية القائمة.2- إن أموالاً طائلة تذهب بسبب الفساد والهدر في الإمكانية، وقد سبق لنا أن نشرنا بحثاً عن الفساد وأبعاده الخطيرة كما كتب غيرنا الكثير عن هذه الإشكالية.3- تنويع مصادر الدخل، يرى البعض أننا في بلد صحراوي وليس أمامنا مجال لتنويع مصادر الدخل، ونختلف مع هؤلاء في أن الاستثمارات للفائض من عوائد النفط سابقاً تشكل مورداً مهماً لدولنا، وأن التجارة والصناعة تعدان مصدرين مهمين لاقتصادنا.4- إن مجالات عديدة حدث فيها الهدر بصرف رواتب ومخصصات لا مبرر لها لأسباب شعبوية ومزايدات حكومية ونيابية يجب إعادة النظر فيها، ومن غير المقبول اعتبار ذلك حقاً مكتسباً.5- إن دولنا تصرف المليارات على العمالة الهامشية والتجارة بالبشر من شركات العمالة، وفي كل دولة من دولنا الخليجية مليون من أولئك على الأقل لا نحتاجهم، وهؤلاء يكلفون الدولة اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً. 6- إن دول العالم المتقدم تفرض رسوماً على تحويلات العملة إلى الخارج، والعاملون في دولنا يحولون إلى دولهم المليارات بدون أي رسوم! صحيح هذا حقهم لكن أين حق الدول التي يعملون فيها؟7- إن هدراً في تكاليف المشاريع التي تقيمها الدولة ويستفيد منها المقاولون يجب إعادة النظر فيها، وبعضها يتأخر عن موعده، وتدفع الدولة تكاليف إضافية.8- هناك مخصصات عالية لعدد كبير من المسؤولين تجب إعادة النظر فيها، واستحداث مناصب لا مبرر لها.9- تقليص ميزانيات بعض المؤسسات من الدولة، خصوصا في البنود التي لا تشكل ضرورة قصوى، ولا نريد ذكر تلك المؤسسات حتى لا يزيد الهلع وردود الفعل.10- على الجمعيات التعاونية أن تخصص جانباً من أرباحها لمشاريع مهمة يستفيد منها الناس، وتطور هذا الجانب فدخولها وأرباحها كبيرة جداً.11- ضبط تحصيل إيرادات بعض المجالات مثل: الكهرباء والماء ومخالفات المرور، ودخل الجمارك وغيرها.إن طرح مثل هذه القضايا للحوار، تفتح باباً للمشاكل فيلجأ بعض العدميين إلى القول "ماكو فايدة"، وآخرون يلجؤون إلى الهجوم بدلاً من دراسة الظاهرة، وقلة ربما يسعون إلى بحث الإشكالية ودرايتها، واقتراح الحلول بشأنها، أي تأخير هو هدر لإمكانية أكثر وأكثر.إن بناء الاقتصاد أو مواجهة الأزمات الاقتصادية يحتاجان إلى فكر اقتصادي وإرادة سليمة حتى لو كانت الموارد محدودة: وارتفاع أسعار النفط ليس حلاً، الحل في كيفية التصرف بتلك الإيرادات وكثير من الدول النامية والفقيرة تطورت في الوقت الذي هناك دول غنية تعثرت وتخبطت وتراجعت.