أهمية المهاجرين القليلي المهارة للطبقة العاملة

نشر في 09-04-2016
آخر تحديث 09-04-2016 | 00:00
عندما يدخل المهاجرون سوق العمل في أميركا فإنهم يشغلون الوظائف التي لا يريد الأميركي القيام بها، كما يقدمون إليه دافعاً معنوياً يحثه على زيادة مهاراته للحصول على وظيفة أفضل.
 بلومبرغ • عندما أتحدث في العادة عن الهجرة فأنا أشير الى ذوي المهارة العالية، الى الأشخاص من حملة الشهادات الجامعية أو ذوي البراعة المهنية، وعلى أي حال عندما يفكر معظم الأميركيين في أمر المهاجرين فإنهم يركزون على العمال اليدويين، والعديد منهم من دون وثائق، وقد قدموا الى الولايات المتحدة من أميركا اللاتينية لبناء منازل ومروج معالم أو قطف الخضراوات، بدلاً من البدء بغوغل التالي.

وهذا النوع من الهجرة غير مرغوب فيه الى حد ما، نظراً لأن اولئك الأشخاص ينافسون السكان المحليين من ذوي المهارة المتدنية في وظائف الأعمال اليدوية، ومع أن تأثير هذه المنافسة صغير فإنه ليس معدوماً، وفي المناخ السياسي الحالي يريد كل شخص عمل كل شيء في وسعه من أجل حماية الطبقة العاملة.

ولكن هذه المعارضة قد تكون في غير موضعها، ويظهر بحث جديد أن المهاجرين من ذوي المهارة المتدنية قد يخدمون بقدر أكبر الطبقة العاملة المحلية بقدر أكبر مما كنا نظن، ويأتي الدليل الجديد عبر بحث حديث صدر عن الاقتصاديين، ميت فوغد وجيوفاني بيري، اللذين يقوم بحثهما بدراسة تأثير اللاجئين في الدنمارك في التسعينيات من  القرن الماضي وفي حقبة الـ 2000.

في تلك الفترة كان لدى الدنمارك برنامج يهدف الى توزيع اللاجئين في شتى أنحاء البلاد، وكان اللاجئون، والعديد منهم هربوا من حروب يوغوسلافيا، غير متعلمين في الغالب ويعرفون القليل عن اللغة الدنماركية، ومن خلال مقارنة المناطق التي قررت الحكومة ارسال اللاجئين اليها مع مناطق اخرى تمكن فوغد وبيري من رؤية ماحدث بالنسبة الى السكان المحليين عندما أصبح عدد كبير من المهاجرين القليلي المهارة الى جوارهم في السكن.

وبدلاً من حدوث تأثير سلبي بسيط على أبناء الوطن، كما تشير معظم الدراسات في الولايات المتحدة، تبين للباحثين المشار اليهما حدوث تأثير ايجابي، وذلك صحيح، فقد تسبب المهاجرون من ذوي المهارة المتدنية في رفع أجور نظرائهم المحليين الأقل تعليماً في المنطقة المجاورة، وتابعت المعلومات العمال من أبناء الوطن لفترة طويلة من الزمن ما جعل الاقتصاديين على يقين بأن التغيير كان مستمراً.

والسؤال هو: كيف حدث ذلك؟ أحد الأسباب هو أن المهاجرين لا يشكلون بديلاً مثالياً لأبناء الوطن، كما أن مهاراتهم الى حد ما تكميلية، وتبين للباحثين المذكورين أن هذا الجانب مسؤول عن جزء من التأثير الايجابي، ولكنهما وجدا أيضاً أن أبناء الوطن الأقل تعليماً ردوا على المنافسة الاقتصادية بتغيير وظائفهم، وكان أن تحولوا من العمل اليدوي الى المكاتب التي تدفع في العادة أجوراً أعلى، وقد حصل الشخص العاطل عن العمل على دفعة طفيفة، ويميل العامل المتدني المهارة من السكان المحليين الى دخول قوة العمل عندما يتقدم المهاجرون الى جواره.

وتعتمد نتيجة البحث على الافتراض القائل بأن توزيع اللاجئين كان عشوائيا بشكل أساسي، وبكلمات اخرى فإن الحكومة لم ترسل المهاجرين الجدد الى مناطق كانت تعلم أن أسواق العمل المحلية فيها مهيأة للتحسن والتقدم. ويقول المؤلفان إنه تم اختيار المواقع الجديدة من دون النظر الى العوامل الاقتصادية، وهما يظهران أن وجهات اللاجئين لم تكن متصلة بقوة سوق العمل في ذلك الوقت، وذلك أمر جيد تماما.

وهكذا ما الذي يخبرنا به هذا الوضع عن المهاجرين من ذوي المهارة المتدنية؟ أولاً، هو يثبت التأكيد الذي تردد  في أغلب الأحيان عن زعماء الولايات المتحدة بأن المهاجرين ذوي المهارة المتدنية "يشغلون الوظائف التي لا يريد الأميركي القيام بها"، ولكنه يظهر أيضاً أن المهاجرين يقدمون دفعة مساعدة الى أبناء الوطن، تحثهم على زيادة مهاراتهم من أجل الحصول على وظائف أفضل. ومسألة أن الأميركيين هم مثل الدنماركيين وأن المهاجرين من أميركا اللاتينية من ذوي التعليم القليل يماثلون اللاجئين اليوغوسلاف من ذوي التعليم الضعيف تعني وجود سبب بسيط للكثير من القلق بأن هؤلاء المهاجرين يوجهون ضغطاً اقتصادياً على الطبقة العاملة الأميركية.

ولكن هذا يترك سؤالاً واحداً وهو: لماذا يحتاج العمال من أبناء الوطن الى تلك الدفعة في المقام الأول؟ واذا كانت الأعمال المكتبية أقل جهداً وأعلى أجراً فلماذا لم يتوجه أبناء الوطن من ذوي المهارة المتدنية للحصول على تلك الوظائف من دون التهديد المتمثل في منافسة المهاجرين؟ التفسير الواضح هو أن الناس ليسوا الآلة العقلانية للنماذج الاقتصادية وهم يفشلون في بعض الأحيان في التصرف لما فيه مصلحتهم الا بعد أن تدفعهم قوة خارجية الى القيام بذلك.

ولكن القصة قد تكون أكثر تعقيداً من ذلك، وتغيير المهن ينطوي على خطر كبير، ولا توجد ضمانة في أن الوظائف الأعلى أجراً سوف تتحقق، فإذا لم تتحقق فسوف يصبح المرء في حالة ضياع. وقد يكون المهاجر اليوغوسلافي ببساطة أرغم العامل الدنماركي على المجازفة التي لم يكن يرغب فيها، ولكن تلك المجازفة حققت الغاية المرجوة، ولكنها قد لا تحقق ذلك دائماً، وهذا يعني أن الحكومات قد تريد عرض مزيد من الخدمات من أجل مساعدة العمال المحليين من ذوي الأجر المتدني على محاولة الحصول على وظائف أعلى أجراً، وخاصة عن طريق توفير نوع من الضمان في حال عدم نجاح المحاولة، وقد تمثل شبكة أمان قوية الشيء الذي تحتاج اليه قوة العمل المهاجرة المتدنية المهارة لتحقيق صفقة أفضل للطبقة العاملة الأميركية.

* Noah Smith

back to top